الشرق الأوسط: عجلة تأليف الحكومة اللبنانية تنطلق بصمت وأمامها تحدي

رغم انطلاق عجلة التأليف الحكومي رسميا، إثر إنهاء الرئيس المكلف تمام سلام استشاراته النيابية، وتمديد أجل الخلافات حول القانون الانتخابي شهرا واحدا، بعد تعليق المهل الدستورية المتعلقة بـ"قانون الستين" النافذ والتي أعلن رئيس الجمهورية أنّه سيوقع عليه، لا تزال الصورة اللبنانية ضبابية على مختلف الجبهات، في ظل الانقسام العامودي المحلي على مختلف الصعد، والتي يحاول سلام بحسب مصادر مقربة منه، تجاوزها بـ"دبلوماسية صامتة" للتوفيق فيما بينها وإيجاد الصيغ المناسبة للتوصل إلى قاسم مشترك وتأليف حكومة متجانسة انطلاقا من شبه الإجماع الذي حصل عليه في المجلس النيابي، رغم التباين بين مطالب الأفرقاء، إذ تشدّد قوى 14 آذار، على أن تكون حيادية، فيما يؤكد فريق 8 آذار، على صيغة الحكومة السياسية. وأكّدت المصادر لـ"الشرق الأوسط" أنّ "جهود الرئيس المكلف يجب أن تترافق مع تعاون من مختلف الأطراف بغية التوصل إلى قانون انتخابي يمهّد الطريق أمام الحكومة والأهم إجراء الانتخابات النيابية"، مشيرة إلى أنّ عدم التوافق سينسحب بدوره على مسار الحكومة وعدم إكمال سلام مهمته، وهو الأمر الذي سبق لسلام أن أعلنه.

مع العلم أنّ بينه وبين القانون الجديد الذي يبدو أنه يتجّه نحو "المختلط" جامعا النسبي والأكثري، والذي بدأ الإعداد له على نار حامية منذ أسابيع عدّة، ولا سيما على خط قوى "14 آذار"، وعلى رأسها تيار المستقبل إلى جانب الحزب التقدمي الاشتراكي، و"الستين" المعلّق، و"الأرثوذكسي" "المحرّم"، أصبحت الانتخابات بحكم المؤجلة بين 3 و6 أشهر.

وفي حين كانت قد أشارت معلومات إلى أنّ سلام كان قد بدأ اتصالاته ببعض الشخصيات التي قد تكون على لائحة المرشحين لتولي وزارات معينة في ظل الشروط التي بدأ الأفرقاء السياسيون يضعونها، مشيرة إلى أنّ أشرف ريفي أحد المرشحين لوزارة الداخلية، لم ينف المصدر بدء "عجلة التأليف الصامتة"، رافضا الدخول فيما سماه "بازار الأسماء". من جهتها، أعلنت "الجماعة الإسلامية" في بيان لها أن رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، أكد خلال لقائه وفدا منها: "سعيه لتشكيل حكومة تستطيع أن تحقق طموحات الناس وذلك بالتواصل مع الجميع لتشكيل حكومة غير موسعة من غير المرشحين للانتخابات ومن وجوه لا تشكل استفزازا لأي فريق".

وفي السياق عينه، وعلى خط المباحثات الجارية بين مختلف الأطراف، أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بعد لقائه البطريرك بشارة الراعي: "إننا نؤيد ما يقوله رئيس الحكومة المكلف تمام سلام بأن الحكومة هي حكومة انتخابات، وفي رأينا يفترض أن تكون الانتخابات هي الهدف الأساسي لها والأهم أن تجري هذه الانتخابات بموعدها".

وعن البيان الوزاري للحكومة العتيدة، لفت الحريري إلى أن "المهم في معادلة الجيش والشعب والمقاومة هو الشعب الذي يريد انتخابات وبدلا أن نختلف حول هذه العبارة، فتوافقنا جميعا حول إعلان بعبدا فلماذا لا نسير به في البيان الوزاري؟".

وأعلن الحريري "أننا كقوى 14 آذار قدمنا تنازلا كبيرا فيما يتعلق بقانون النسبية بعدما تشاورنا مع حلفائنا والحزب الاشتراكي"، مؤكدا أن تيار المستقبل "لا يمكن أن يكون عثرة تجاه إيجاد قانون عصري للانتخابات فنحن قبلنا بالمختلط والكرة عند الآخرين".

بدوره، شدد وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور، على أنَّه "رغم موقف (جبهة النضال الوطني) المعترض لتعليق المهل الدستورية، نؤكد استمرار السعي للتفاهم حول الحكومة وقانون الانتخاب".

معتبرا أنّ ما حصل أوّل من أمس في مجلس النواب حول تعليق المهل الانتخابية ما كان يجب أن يحصل لا من الناحية السياسية أو الدستورية: "بعض القوى انساقت لهذه الطروحات خلافا لشبه الاتفاق الذي كان حصل بيننا ولا نعرف كيف تم إدارة الظهر له والذهاب إلى الجلسة النيابية"، في انتقاد واضح لـ"تيار المستقبل".

في المقابل، أكّد كل من النائبين عمار حوري وخالد زهرمان في كتلة "المستقبل" أنّ تيار المستقبل حريص على تحالفه مع النائب وليد جنبلاط. وأمل زهرمان في "التوصل إلى صيغة توافقية على قانون للانتخابات قبل 19 مايو (أيار) المقبل وإلا فإننا مضطرون للعودة إلى الستين لأنه نافذ".

واعتبر حوري أنَّ "التيَّار قدم تنازلا كبيرا من خلال قبوله بالنسبية عبر القانون الانتخابي المختلط وهذا التنازل لم يقابل بأي إيجابية من قبل الفريق الآخر تحديدا التيار الوطني الحرّ".

من جهته، اعتبر عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب زياد أسود أن "تعليق المهل الدستورية يعني أننا أمامَ تعطيل قانون الستين طالما أن النص لم يحمل الحل لما بعد التاسع عشر من مايو"، مضيفا أنه "بعد هذه المهلة لن يكون هناك انتخابات إذا لم نجد قانونا انتخابيا جديدا". ورأى أنَّ "تعليق المهل الدستورية لقانون الستين يشير إلى أن المسألة تحمل في طياتها تمديدا للمجلسِ النيابي".

كذلك، اعتبر عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب آلان عون أنَّ "الحكومة العتيدة يجب أن تحظى بموافقة جميع الأفرقاء، بغض النظر عن توزيع الحقائب"، مشيرا إلى أنّ "هناك أفرقاء لديهم استعداد لمحاولة إيجاد تسوية ما بمعزل عن الوضع الإقليمي الذي لا يمكننا انتظاره، رغم أن التسوية الشاملة ستنتظر وضوح الصورة على المستوى الإقليمي"، مضيفا: "إما أن نغتنم الفرصة لإعادة الحسابات، أو نظل في منطق من يريد الانتصار الكامل والحسم وانتظار أن تصب في مصلحته الاستحقاقات الخارجية، مما سيأخذنا إلى المزيد من التأزم في البلاد". ولفت إلى أن "هناك استعدادا أكبر عند كل الأفرقاء للوصول إلى اتفاق حول قانون للانتخابات النيابية، فالظروف متوفرة أكثر من قبل أثناء عمل اللجان الفرعية".

أما موقف حزب الله من القانون الانتخابي والحكومة، فعبّر عنه النائب علي فياض في كتلة "الوفاء للمقاومة"، بالقول: ""إن تعليق المهل الدستورية، كان بحد ذاته خطوة لا بد منها لتلافي مأزق المهل والترشيحات والتزكية الذي أنتجه مرسوم دعوة الهيئات الناخبة دون أن يكون هناك قانون نافذ، إذ أننا نعتبر أن قانون الستين غير قابل للتطبيق مرة أخرى"، مضيفا: "كي لا نعود بعد 19 مايو وهو تاريخ تعليق المهل، إلى حال من التخبط وعدم الوضوح وتضارب المواقف، فإننا ندعو لأن تكون جلسة الهيئة العامة التي ستعقد في 15 مايو جلسة حاسمة في التعاطي مع الاستحقاق الانتخابي وتحديد القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات".

من جهته، ميّز النائب أنطوان زهرا، في كتلة القوات اللبنانية، بين تعليق المهل والتصويت على "القانون الأرثوذكسي"، معتبرا، أن لا علاقة بين الاثنين، وخصوصا أن تعليق المهل جاء لتاريخ محدد وأسبابه تأتي من إصرار أكثرية الكتل النيابية على إفساح المجال للوصول إلى قانون انتخابي جديد، توافقي، ضمن المهلة الزمنية المحددة بشهر واحد تقريبا".
  

السابق
الحياة: سليمان: لا أهداف عسكرية للقصف السوري في لبنان
التالي
البلد: سورية ترد على سليمان بالقصف والخطف على غاربه