أرانب السنيورة في بيت الحريري

لم يخرج الاجتماع الأخير لقوى 14 آذار باتفاق بشأن مقاربة مرحلة ما بعد استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وخصوصاً لجهة الاتفاق على اسم الرئيس العتيد للحكومة المقبلة. حرب معادلات و«أرانب» الرئيس فؤاد السنيورة

الحيرة كانت البند الأبرز على طاولة لقاء قيادات 14 آذار في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل أول من أمس. حاول الرئيس فؤاد السنيورة أن يلقي بظلال «حكمته» على أجواء الاجتماع، وخصوصاً لجهة بلورة خيار لتسمية رئيس الوزراء العتيد الذي يرمز اسمه إلى خروج هذا الفريق من الكهف السياسي الذي أقام فيه منذ إقصاء الحريري عن الحكومة ما قبل الأخيرة. الفكرة التي أراد السنيورة الإضاءة عليها والترويج لها هي ضرورة منع حزب الله من ترميم المعادلة التي سادت في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وقوامها «ميقاتي ـــ جنبلاط ـــ ٨ آذار»، واستبدالها بمعادلة «ميقاتي ــــ جنبلاط ــــ ١٤ آذار»، بعد جذب الرئيس المستقيل إلى صفوف المعارضة.
ويتردّد أن هذه المعادلة ليست وليدة أفكار السنيورة وحده، بل هي نتاج تفكير مشترك بينه وبين النائب وليد جنبلاط. لكن رئيس الحكومة السابق «طوّر» الفكرة، فاقترح أن يطرح فريقه السياسي، إلى جانب تسمية ميقاتي رئيساً للحكومة المقبلة، اسم الوزير السابق خالد قباني. عند هذه اللحظة، صار مطلوباً حسم الخيار بين الاسمين، ما استدعى إجراء السنيورة اتصالاً هاتفياً بالرئيس سعد الحريري ووضعه على الـ speaker ليسمع كل الحضور الحريري يرفض بشدة تسمية ميقاتي، من دون أن يتوقّف عند اسم قباني، قبل أن يسأل السنيورة: لماذا لا تترشح أنت؟ فأجاب الأخير: «أنا لست رجل المرحلة».
في أوساط ١٤ آذار من يرى أن تسمية قباني تخدم فكرة السنيورة عن منع حزب الله من ترميم المعادلة الحكومية السابقة. فالوزير السابق يتسم بالمقبولية لدى ميقاتي وجنبلاط، وحتى لدى حزب الله الذي يدرج قبّاني ضمن «التيّار الهادئ» من تيار المستقبل. لكن هذه الأوسط تشكّك في إمكان أن «يسير» الحريري بقبّاني، عملاً بنصيحة أسداها إليه جنبلاط عام 2008 إبان البحث عن اختيار اسم لترؤس حكومة ما بعد مؤتمر الدوحة في انتظار الظرف السياسي المناسب لتولي الحريري هذا المنصب؛ إذ نصحه جنبلاط يومها قائلاً: «المهم ألا يكون مرشحك للرئاسة الثالثة بيروتياً، لأنه قد يصبح رئيس حكومة دائماً وليس مؤقتاً».
في أروقة ١٤ آذار، طيف إعادة تسمية ميقاتي لا يزال حاضراً، رغم رفض الحريري الحاد. وبحسب معلومات متقاطعة، تتأتّى قوة رئيس حكومة تصريف الأعمال كمرشح الضرورة لفريقي 8 و١٤ آذار، من الدعم الذي يحظى به من جانب جنبلاط الذي يشكّل «بيضة قبّان» كل عمليات «البوانتاج» الجارية في الغرف المغلقة. إذ استقرت عمليات إحصاء توزع أصوات البرلمان على نتيجة واحدة : ٥٩ نائباً يصبّون لمصلحة الاسم الذي تختاره ٨ آذار ، و٦٠ نائباً لمرشح ١٤ آذار، و٧ لجنبلاط، إضافة إلى ميقاتي والنائبين محمد الصفدي وأحمد كرامي.
ووفق هذا التوزّع، يخشى فريق ٨ آذار من حصول السيناريو الآتي: أن يسمي فريق ١٤ آذار مرشح تحدٍّ، وثمة احتمال كبير في هذه الحالة لأن يلجأ جنبلاط إلى مناورة محسوبة، كأن يهرب من إحراج إغضاب كل من حزب الله وتيار المستقبل عبر تسمية ميقاتي. والنتيجة، في هذه الحال، ستكون فوز مرشح ١٤ آذار. لذلك، ما يريده فريق ٨ آذار هو ضمان أن يستخدم جنبلاط أصواته بنحو إيجابي؛ لأن تحييده لا يكفي، إلا اذا كان هناك مرشح مشترك بينه وبين فريقي 8 و١٤. والواقع أن هذه «الحسبة» هي ما يجعل مصادر داخل ٨ آذار لا تستبعد حصول توافق في نهاية نفق الأزمة على اسم بمواصفات قباني.

السابق
وفد من “المستقبل” إلى الرياض
التالي
السنيورة تحت المجهر