حزب الله وحده غير مهتم بقوانين الانتخاب

إلى متى يظل لبنان يعيش في وضع شاذ لأنه لم يتوصل إلى إقامة قوية تبسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها فلا تكون دولة سواها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها؟ وإلى متى يظل لبنان يوضع أمام الخيارات الصعبة ليختار بين السيئ والأسوأ وبين "الكحل والعمى"؟
لقد صدرت عن مجلس الأمن الدولي قرارات عدة لكي تقوم في لبنان الدولة القوية، لكن لا اسرائيل نفذتها تنفيذاً كاملاً لتصبح كل الاراضي اللبنانية محررة، ولا سوريا ابان وصايتها على لبنان سعت إلى قيام هذه الدولة حتى إن آخر قرار دولي الرقم 1701 لم يكن لبنان في وضعه الشاذ قادرا على تنفيذه ولا سوريا واسرائيل التزمتا تنفيذه، ولم ينفذ منه سوى وقف الاعمال العسكرية في الجنوب ومن دون التوصل الى وقف للنار وإقامة منطقة منزوعة السلاح، فاستمرت سوريا في تمرير الأسلحة عبر أراضيها إلى "حزب الله" واستمرت الطائرات الحربية الاسرائيلية في خرق الاجواء اللبنانية، والأخطر كان إقدام اسرائيل على قصف قافلة سيارات تحمل صواريخ متطورة إلى "حزب الله" كما ادعت داخل الاراضي السورية. فلو أن سوريا ردّت على هذا القصف لوقعت الحرب ليس بين سوريا واسرائيل بل في المنطقة كلها، واكتفت دمشق بتقديم شكوى الى مجلس الامن وهي تعلم سلفاً انه لن يكون جدوى منها ما دامت الولايات المتحدة الاميركية لم تدن عمل اسرائيل بل حذرت سوريا من مغبة إرسال أسلحة متطورة الى "حزب الله".
والسؤال المطروح هو: هل يعجل الاعتداء الاسرائيلي في تقريب وجهات النظر بين أميركا وروسيا في التوصل الى اتفاق على حل للازمة السورية قبل ان تفجّر حرباً في المنطقة، أم أن هذه الحرب قد تقع بعدما عجزت الحلول السياسية عن ايجاد حل للمشكلات في المنطقة؟
وهذا الوضع المقلق يجعل الناس يسألون عن موقف الزعماء اللبنانيين مما يجري حول لبنان وبماذا يفكرون لتجنيبه ليس تداعيات الحرب الداخلية في سوريا بل تداعيات حرب في حال وقعت في المنطقة.
هل بقاء الحكومة الحالية يجعلها قادرة على مواجهة زمن صعب قد يأتي، أم أن المسؤولية الوطنية تفرض البحث في تشكيل حكومة انقاذ تحصّن الداخل اللبناني لمواجهة التحديات والتطورات بمختلف أشكالها وأنواعها؟
إن الوضع الشاذ الذي عاشه ويعيشه لبنان منذ سنوات حال دون قيام الدولة القوية القادرة على مواجهة التحديات والتطورات بوحدة داخلية متماسكة فلم يستطع لبنان بوجود دولة ضعيفة فيه أن يحول دون انتشار السلاح الفلسطيني على أرضه ودون انطلاق العمليات الفدائية ضد إسرائيل فأدى انقسام اللبنانيين حول وضع هذا السلاح إلى حرب دامت 15 سنة لم تتوقف إلا بوضع اللبنانيين بين خيارين: إما استمرار هذه الحرب وإما القبول بدخول القوات السورية الى لبنان لوقف الاقتتال فيه فكانت الموافقة على دخولها كأهون الشرين، ووضع اللبنانيون مرة اخرى بين خيارين: إما أن تبقى هذه القوات في لبنان كي يستمر الامن والاستقرار فيه، وإما عودة إلى الاقتتال، فكان القبول ببقاء هذه القوات 30 سنة حرصاً على الامن والاستقرار.
ويخيَّر اللبنانيون اليوم بين أن تبقى الحكومة الحالية ليستمر الامن والاستقرار وإن في حدهما الأدنى أو يصبح السلم الاهلي في خطر.
وها ان الحكومة على رغم فشلها سياسياً واقتصادياً باقية، لأن "حزب الله" يريدها أن تبقى شرطاً لاستمرار الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الاهلي، وهو مرتاح الى بقاء الحكومة الى ما شاء ولا يبالي بالجدل الدائر حول قانون الانتخاب لأنه يضمن الفوز لمرشحيه في ظل اي قانون، ولأنه إذا لم يفز مع حلفائه في 8 آذار بالاكثرية النيابية بل فاز بها مرشحو 14 آذار، فإن الحزب قادر بقوة سلاحه على قلب النتائج كما فعل في انتخابات سابقة واستطاع فرض انتخاب رئيس للجمهورية من خارج 14 آذار ورئيس مجلس من 8 آذار وحكومة لا تكون حكومة وحدة وطنية إلا إذا كان للحزب ولحلفائه الثلث المعطل فيها.
وهكذا يكون لبنان مرشحا ليعيش مدة اخرى من الوضع الشاذ ومن وجود دولة ضعيفة تخاف بطش دولة السلاح خارجها. فهل يخير اللبنانيون كما كل مرة بين القبول ببقاء الحكومة ما دامت قادرة على حفظ الامن والاستقرار وبين مواجهة انهيار السلم الاهلي؟!  

السابق
اتفاق الأزهر يهتز في جمعة الخلاص من الإخوان
التالي
الأسير يستحدث جسرا بين المسجد ومكتبه!