النهار: مسحة تفاؤل في نهاية السنة خريطة طريق للجنة الفرعية؟

لم تحل مواقف نهاية السنة التي تعاقبت في اليومين الأخيرين على ألسنة المسؤولين الكبار وزعماء وقادة سياسيين عاكسة عمق الانقسامات السياسية الداخلية، دون تلمس مسحة تفاؤل شديدة الحذر بالثغرة الوحيدة المرشحة لفتح كوة في جدار الازمة الداخلية، والتي يترقبها الجميع مطلع السنة الجديدة مع انعقاد اللجنة النيابية الفرعية المكلفة البحث في ملف قانون الانتخاب.

ومع ان المواقف المتعارضة من موضوع الحوار المرشح تكراراً للتأجيل احتلت واجهة الاهتمامات في الساعات الأخيرة، علمت "النهار" من مصادر بارزة ان "خريطة طريق" ستواكب عمل اللجنة الفرعية التي ستبدأ اجتماعاتها في 8 كانون الثاني 2013 في مجلس النواب، على ان يقيم اعضاؤها، او من يرغب منهم، في فندق قريب من مبنى مجلس النواب ("اتوال سويت")، في انتظار "الرهان" المشجع على تواصلها الى صيغة توافقية لقانون الانتخاب. وقالت هذه المصادر إنه على رغم المعطيات الراهنة التي لا تشجع كثيراً على توقع اختراق في المأزق نظراً الى تصلب الافرقاء وتمسكهم بمواقفهم المعروفة، فان جميع القوى موافقة على التوجه الى مجلس النواب لبت ملف قانون الانتخاب.

ولفتت في هذا السياق الى دلالة مهمة وبارزة توقفت عندها أوساط الموالاة كما المعارضة، في كلام رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عبر الرسالة المفتوحة التي وجهها أول من أمس الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان في موضوع الحوار، والتي تمثلت في ابداء جعجع استعداد قوى 14 آذار لخرق قرار المقاطعة ثانية والتوحه الى مجلس النواب اذا دعا رئيسه نبيه بري الى جلسة عامة لمناقشة قانون الانتخاب. وقالت إن هذا الكلام لم يأت من فراغ، ويبدو واضحاً ان صاحبه اراد التدليل على جدية تامة لقوى 14 آذار في التزام الذهاب حتى النهاية في مناقشة ملف قانون الانتخاب. واضافت ان ثمة اموراً عدة اتفق عليها سلفاً قبل اعلان الموافقة النهائية لقوى 14 آذار على العودة الى اجتماعات اللجنة الفرعية.

وفي السياق نفسه اعلن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أمس أن "تفاؤله كبير بما سيستجد في سنة 2013 التي ستشهد اجراء الانتخابات النيابية". وأكد جازماً أن هذه الانتخابات ستجرى في موعدها "وفق قانون عصري وسيجتمع مختلف الأفرقاء مطلع السنة للاتفاق على هذا القانون". ودعا الى عدم الخوف من الأخطار الخارجية "فوطننا أقوى من أي زلزال يأتي من الخارج، لكنه يضعف اذا تم استهدافه من داخل". وحمل بشدة على "من يحرض ضد وطنه ومؤسساته"، معتبراً انه "لن يبقى في منأى عن الثمن الذي سيدفع يوماً وسيكون حتماً ثمناً غالياً".

بري
وكان ملف قانون الانتخاب من جملة المواضيع التي عرضها ميقاتي مع بري أمس. وقال رئيس مجلس النواب لـ"النهار" إن "لبنان بدأ المرحلة العملية للتنقيب عن النفط وأصبح في امكاننا القول اليوم إن الدين هو على مستقبل البترول وليس على مستقبل أولادنا". وفي معرض تقويمه لتطورات ايجابية سنة 2012 في لبنان قال ان "هذه العناصر تمثلت في السير في ملف مشروع النفط وفي مشروع الليطاني وزيارة البابا بينيديكتوس السادس عشر للبنان". وإذ نفى علمه بطرح 14 آذار أسماء لحكومة حيادية، قال بري: "المهم هو قيام اللجنة النيابية الفرعية بالدور المطلوب منها تمهيداً لرفع حصيلة اجتماعاته الى الهيئة العامة ليقول مجلس النواب كلمته النهائية في قانون الانتخاب المنتظر".

السنيورة
في غضون ذلك، لوحظ أن الموقف الذي عبر عنه أمس الرئيس فؤاد السنيورة من موضوع الحوار، لم يأت بصيغة رد مباشر على الدعوة الأخيرة لرئيس الجمهورية لحضور الجولة المقررة في 7 كانون الثاني، لكنه جاء مطابقاً تماماً لموقف جعجع وخصوصاً من حيث تحميل قوى 8 آذار و"حزب الله" تحديداً مسؤولية مقاطعة 14 آذار للحوار، وكذلك من حيث ابراز دور الرئيس سليمان وتوليه الاتصالات بين الأطراف.

ورأى السنيورة أن "لا بديل من الحوار سوى الحوار"، لكنه حدد شروطاً عدة و"خطوات عملية وجدية لإعادة بناء الثقة المتراجعة كي يستعيد الحوار شيئاً من الصدقية". وأوضح ان "على حزب الله ان يبادر الى التوقف عن حماية المتهمين الأربعة من عناصره في اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاعلان انه على استعداد للبحث في وضع السلاح في كنف الدولة وانه لن يستخدم السلاح في أي نزاع داخلي". وأعلن انه اتصل بالرئيس امين الجميل وفهم منه ان موقفه من الحوار حمل اكثر مما يحتمل و"هو هدف الى تأكيد اعطاء رئيس الجمهورية الثقة والدعم وملتزم ما نحن متفقون عليه في قوى 14 آذار".
وأبلغت أوساط السنيورة "النهار" ان المواقف التي أعلنها امس كان منطلقها الأساسي تأكيد الشروط التي تستطيع ان تنجح الحوار الذي يدعو اليه رئيس الجمهورية والذي طالب باقتراحات بديلة منه. وأكدت ان التواصل مع الرئيس سليمان قائم ومستمر عبر اتصالات لم تتوقف بين الجانبين.

المجلس الشرعي
في سياق آخر متصل بأزمة المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى، علمت "النهار" ان الرئيس ميقاتي تشاور امس مع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي كان استمهل 24 ساعة للرد على الاقتراح الذي حمله رئيس الوزراء قبل يومين، الا ان قباني لم يبد موقفاً ايجابياً من الاقتراح. والآلية التي طرحها ميقاتي، كما شرحها لـ"النهار"، تقضي بأن يجتمع المجلس الشرعي بناء على دعوة المفتي ويتم خلال الاجتماع الاتفاق على تكليف قباني القيام بالاجراءات الآيلة الى التحضير للانتخابات وتحديد موعدها وتولي قباني صلاحيات كاملة للاستمرار في رئاسة المجلس، على ان تنتهي ولاية المجلس الحالي مع اعلان نتيجة الانتخابات، وهي آلية تهدف الى منع حصول فراغ في المجلس. غير ان المفتي تحفظ عن الآلية المقترحة، مشترطاً تحديد موعد لنهاية ولاية المجلس لا تكون مرتبطة بموعد الانتخابات المقبلة. ولم يفض الاتصال بين ميقاتي وقباني الى تغيير موقف المفتي.
  

السابق
صالح: اللجنة الفرعية فرصة لـ النوايا الحسنة
التالي
السفير: جنبلاط ورعد يدعوان إلى تلبية غير مشروطة للحوار