مواجهة الانهيار الاقتصادي

السيد حسن نصرالله يضم صوته الى الذين يحذرون من أن الوضع الاقتصادي على حافة الانهيار. وهو يتمسك بالحكومة العاجزة عن معالجة الوضع، إن لم تكن المساهمة في تفاقم الأزمة، ويدعو الى قيام مجموعة عمل وطني تمارس من خارجها الدور المفقود داخلها: إعداد برنامج لمواجهة الأزمة قبل الانهيار. لكن الكل يعرف أن الانهيار الاقتصادي ليس معزولاً عن مسلسل الانهيارات في البلد. الانهيار السياسي تحت سقف الخلاف الوطني المفتوح على الصراعات الإقليمية والدولية. انهيار هيبة الدولة وسلطة القانون ومخاطر الاقتراب من الانهيار الأمني في مناخ الشحن الطائفي والمذهبي. وانهيار الثقة بين الأطراف التي هي محور الازدهار، ومن دون ثقة فإن البناء الاجتماعي ينهار والمخاطر تزداد كما يقول فرانسيس فوكوياما.
ذلك أن السياسة أولاً وأخيراً، فلا تحييد الاقتصاد عن الخلافات السياسية. كما كانت ولا تزال الهيئات الاقتصادية تدعو اليه، هو مطلب واقعي. ولا لبنان فقير بالعقول والخبرات التي تستطيع تقديم أفضل برنامج للإنعاش الاقتصادي، لكنه يبقى خارج التطبيق لاصطدامه بالمصالح والسياسات الاقتصادية المركنتيلية المتجذرة. أليس ما حرم لبنان السياحة هو اضطراب الأمن وحوادث الخطف وانتشار السلاح وسياسة الحكومة التي يعاقبنا عليها العرب؟ وكيف يمكن إنعاش الاقتصاد، حيث لا موازنة منذ العام ٢٠٠٥، ولا اتفاق على قانون انتخاب؟

سياسة النأي بالنفس هي في الخطاب الرسمي أكبر رصيد للحكومة يأتي من الغرب ويعتز به مَن هم ضد الغرب. لكن توظيف هذا الرصيد من فوق يتعارض مع الواقع الشعبي من تحت. فالرهانات على التطورات في سوريا ليست محصورة بفريق واحد. لا قوى ١٤ آذار تكتم رهانها على سقوط النظام السوري. ولا قوى ٨ آذار تخفي رهانها على بقاء النظام.
وإذا كان المراهنون على سقوط النظام واهمين جداً في نظر السيد نصرالله، فإن المراهنين على بقاء النظام واهمون في نظر قوى أوسع من ١٤ آذار. واذا كان الوسطيون يقولون يومياً إن اللعبة في سوريا أكبر منا وإنه لا أحد في لبنان يستطيع التأثير في نتائجها، فإن كل طرف يتصور أنه يستطيع تغيير الوضع في لبنان ارتباطاً بما ينتهي اليه الوضع السوري.
وبكلام آخر، فإن من الصعب على لبنان الهرب من التأثر بحرب سوريا، بصرف النظر عن الرغبة أو القدرة أو العجز عن التأثير فيها. حتى الدعوات الى التوافق على الممكن من الحلول في لبنان من دون انتظار التطورات السورية، فإنها تصطدم بالأبعاد الداخلية والخارجية للاصطفاف السياسي. وأقل ما ينقصنا هو الرؤية الاستراتيجية والاستعدادات العملية لمواجهة السيناريوهات المتعددة والمفترضة في الوضع السوري.

السابق
السلطة الفلسطينية ستلجأ إلى مجلس الأمن لوقف تنفيذ القرار
التالي
خطة لانتشار قوة حفظ سلام في سوريا