أية شرعية لاستفتاء في ظل الانقسام ؟

مسمار يطرد مسماراً آخر، وإعلان دستوري يُلغي ويحلّ محله إعلان دستوري آخر، وكل ذلك بهدف حل أزمة داخلية عاصفة. ولكن بأسلوب الدوران حولها وليس الغوص في أعماقها لاستخراج الحلول! وهذه هي حال الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي الذي فتح صندوق باندورا ثم فوجئ بما هبّ في وجهه من محتوياته! ولم تكن الأزمة في الأصل هي الاعلان الدستوري وانما في دستور تم سلقه على عجل في جمعية تأسيسية لم تضم مختلف ألوان الطيف المصري، فجاء دستوراً مفصلاً وفق أهواء واضعيه من الاخوان والتيارات الاسلامية. وبعد ذلك جاء الاعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي ليكون بمثابة حبة الكرز على قالب الغاتو الممثل بالدستور. وما فعله الرئيس مرسي في اعلانه الدستوري الثاني هو حذف حبة الكرز مع ابقاء قالب الحلوى على حاله!

المنطقة كلها تخضع لعملية كبرى تحت عنوان الفرز والضم! وكما نرى بلداً موحداً يسير نحو الانقسام والتفتت هو سوريا، يتابع الرأي العام العربي شعباً تعرض للانقسام في وقت مبكر وأدرك فداحة خسائره ويحاول اليوم اعادة بناء وحدته الوطنية هو الشعب الفلسطيني. ومصر كانت موحدة في مقاومة الظلم وفي اطلاق ثورة موحدة لإسقاط حكم الطغيان. وما أن وصل الاخوان الى قمة هرم السلطة حتى بادروا الى فرض رؤيتهم على سائر مكوّنات الشعب المصري بقوة السلطة والاعلانات الدستورية والدستور نفسه، وكانت تلك أسرع وسيلة لشقّ المجتمع السياسي وقسمة المكون الشعبي، وبذر أولى مكوّنات الانقسام للشعب المصري. واذا كان المرشد لا يرى في المعارضة الشعبية المليونية سوى فساد ودكتاتورية، فماذا ينتظر من رئيس يدين بالولاء للمرشد غير هذا الذي يراه الشعب المصري والعالم اليوم؟!

أية شرعية لأي دستور يجري الاستفتاء عليه في ظل هذا الاعصار من الانقسام الوطني وعدم الاستقرار السياسي، بصرف النظر عن النتيجة سواء أكانت بالموافقة أو الرفض؟!

السابق
“فتح” تعتبر خطاب مشعل ايجابياً لطي ملف الانقسام
التالي
عن المندفعين لنصرة سوريا