صفعة أوروبية للحريري

تلقى الرئيس سعد الحريري، ومن ورائه كل فريق 14 آذار، صفعة أوروبية بعد تجاهل المواقف التي حملها موفده إلى البرلمان الاوروبي، النائب احمد فتفت، ضد الحكومة وسياسة النأي بالنفس عن الأحداث السورية

في الرابع من الشهر الجاري، عقدت لجنة العلاقات الخارجية مع دول المشرق في البرلمان الاوروبي جلسة لبحث قضية النازحين السوريين. من وجهة النظر الأوروبية، اكتسب الاجتماع الدوري أهمية خاصة هذه المرة، لتزامنه مع تعاظم المؤشرات المقلقة التي تشي بأن الاحداث في سوريا بدأت فعلاً تفرز مشاكل تهدد الاستقرار في كل دول المشرق، وخصوصاً بعد تزايد أعداد النازحين السوريين الى هذه الدول.
بدا الاجتماع معداً له على نحو جيد، إذ استعرض أرقاماً دقيقة عن النازحين وتوزعهم ومشاربهم الاجتماعية والمناطقية. وحفلت مداخلات مشاركين فيه، تابعين للامم المتحدة وللبرلمان الاوروبي، بمقاربات جديدة في نظرتها الى هذه القضية. فرأت إحداها انه لا يمكن دراسة قضية النازحين السوريين، من دون لحظ الانعكاسات السلبية لضرب الاستقرار في سوريا، على شرائح أخرى من النازحين في المنطقة. وخصت بالذكر النازحين العراقيين واللاجئين الفلسطينيين الذين لا يزالون يحتلون مرتبة «ام مشاكل النزوح في الشرق الاوسط».
ولفتت المقاربات الى ان سوريا تستضيف مليون نازح عراقي لم يعودوا الى بلدهم بعد، كما انها تستضيف، في ظروف انسانية ممتازة، نصف مليون لاجئ فلسطيني. وبناءً عليه، فإن انفلات حبل الأمن في سوريا لن يؤدي الى بروز قضية نزوح جديدة، هي النزوح السوري، فحسب، بل أيضاً الى تعقيد سلاسة استقرار حالات نزوح كبرى اخرى موجودة منذ عقود، ما يهدد بأن يكون العام المقبل، هو عام «فوضى النازحين في الشرق الاوسط».
مبادرة الحريري

ثم طرح فتفت ما يشبه مبادرة لحل الازمة السياسية الحالية في لبنان، متوسلاً دعم الاتحاد الاوروبي. واللافت ان «المبادرة» خلت من بند طاولة الحوار الوطني، ما جعلها تبدو كأنها مطروحة في وجه مبادرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، التي تركز على استئناف الحوار. وهي تضمنت، كما لخصها سياق كلام فتفت، نقطتين اساسيتين: أولاً، مطالبة الاتحاد الاوروبي بإرسال بعثة لمراقبة الانتخابات النيابية التي ستجري في لبنان في ايار المقبل. وثانياً، «العمل على منع حدوث فراغ سياسي في لبنان عن طريق رحيل الحكومة الميقاتية الحالية، وتأليف حكومة جديدة من تكنوقراط تتولى زمام الامور، وتكون لديها اهداف محددة، على ان يدعم المجتمع الدولي مهمتها».
وبدا واضحاً ان افتعال فتفت ايجاد ربط بين تأليف حكومة تكنوقراط ومنع حدوث فراغ سياسي، يأتي تلبية لمقتضيات خطة تحرك دولي، وضعها الحريري، بعد اصطدامه اثر مقتل الحسن باصرار المجتمع الدولي على بقاء حكومة ميقاتي تحت بند منع الفراغ السياسي وتهديد الاستقرار. وتعتمد الخطة على الترويج لفكرة معاكسة تقول إن رحيل ميقاتي يمنع الفراغ، لا العكس. وضمّن فتفت هذا المعنى في خطابه مدعياً وجود سيناريو متوقع، يتضمن «تقديم سياسيين ومسؤولين في الحكومة الحالية استقالاتهم منها قبل تأليف حكومة جديدة لاغراق البلد في فراغ سياسي خطر». وأكد ان «منع حصول هذا السيناريو يستوجب الاسراع في تأليف حكومة تكنوقراط ذات مهمّات محددة يدعمها المجتمع الدولي»، وفي هذا اشارة مضمرة الى أن الحريري، لقاء قبول المجتمع الدولي إقالة ميقاتي، سيكون على استعداد لوضع برنامج مهمات للحكومة الجديدة، بالتشاور مع «المجتمع الدولي».

الموقف الأوروبي

لم يتأخر الرد الأوروبي على كلام فتفت، ولو بصورة غير مباشرة. ففي كلمته الختامية، نوه مسؤول هيئة العمل الخارجي الاوروبي جان سنايدوف بالتعاون الوثيق والعالي المستوى بين الاتحاد الاوروبي ولبنان. وأعرب عن ارتياح الاتحاد الاوروبي لسياسة النأي بالنفس التي تنتهجها بيروت. وأكد الدعم والاحترام الرسمي الاوروبي لسياسة الحكومة اللبنانية، كما نوه بالمناخ الذي ساد الاجتماع الاخير في اطار اتفاقية الشراكة بين الجانبين، معبراً عن شكر الاتحاد الاوروبي لحسن العلاقات القائمة بينه وبين الحكومة اللبنانية.
ووصف كلام سنايدوف الذي ينظر اليه على انه المعبّر عن الموقف الرسمي للبرلمان الاوروبي، بأنه مثّل صفعة ليس لفتفت فقط، بل أساساً، إلى الرجل الذي أراد من خلاله ايصال رسالة إلى أوروبا، أي سعد الحريري.

السابق
صفعة أوروبية للحريري
التالي
قرطباوي: أننا شعب واحد وبلد واحد، مثل الاخوة والامور لا تحل الا من خلال الحوار

صفعة أوروبية للحريري

تلقى الرئيس سعد الحريري، ومن ورائه كل فريق 14 آذار، صفعة أوروبية بعد تجاهل المواقف التي حملها موفده إلى البرلمان الاوروبي، النائب احمد فتفت، ضد الحكومة وسياسة النأي بالنفس عن الأحداث السورية
في الرابع من الشهر الجاري، عقدت لجنة العلاقات الخارجية مع دول المشرق في البرلمان الاوروبي جلسة لبحث قضية النازحين السوريين. من وجهة النظر الأوروبية، اكتسب الاجتماع الدوري أهمية خاصة هذه المرة، لتزامنه مع تعاظم المؤشرات المقلقة التي تشي بأن الاحداث في سوريا بدأت فعلاً تفرز مشاكل تهدد الاستقرار في كل دول المشرق، وخصوصاً بعد تزايد أعداد النازحين السوريين الى هذه الدول.
بدا الاجتماع معداً له على نحو جيد، إذ استعرض أرقاماً دقيقة عن النازحين وتوزعهم ومشاربهم الاجتماعية والمناطقية. وحفلت مداخلات مشاركين فيه، تابعين للامم المتحدة وللبرلمان الاوروبي، بمقاربات جديدة في نظرتها الى هذه القضية. فرأت إحداها انه لا يمكن دراسة قضية النازحين السوريين، من دون لحظ الانعكاسات السلبية لضرب الاستقرار في سوريا، على شرائح أخرى من النازحين في المنطقة. وخصت بالذكر النازحين العراقيين واللاجئين الفلسطينيين الذين لا يزالون يحتلون مرتبة «ام مشاكل النزوح في الشرق الاوسط».
ولفتت المقاربات الى ان سوريا تستضيف مليون نازح عراقي لم يعودوا الى بلدهم بعد، كما انها تستضيف، في ظروف انسانية ممتازة، نصف مليون لاجئ فلسطيني. وبناءً عليه، فإن انفلات حبل الأمن في سوريا لن يؤدي الى بروز قضية نزوح جديدة، هي النزوح السوري، فحسب، بل أيضاً الى تعقيد سلاسة استقرار حالات نزوح كبرى اخرى موجودة منذ عقود، ما يهدد بأن يكون العام المقبل، هو عام «فوضى النازحين في الشرق الاوسط».

مبادرة الحريري

ثم طرح فتفت ما يشبه مبادرة لحل الازمة السياسية الحالية في لبنان، متوسلاً دعم الاتحاد الاوروبي. واللافت ان «المبادرة» خلت من بند طاولة الحوار الوطني، ما جعلها تبدو كأنها مطروحة في وجه مبادرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، التي تركز على استئناف الحوار. وهي تضمنت، كما لخصها سياق كلام فتفت، نقطتين اساسيتين: أولاً، مطالبة الاتحاد الاوروبي بإرسال بعثة لمراقبة الانتخابات النيابية التي ستجري في لبنان في ايار المقبل. وثانياً، «العمل على منع حدوث فراغ سياسي في لبنان عن طريق رحيل الحكومة الميقاتية الحالية، وتأليف حكومة جديدة من تكنوقراط تتولى زمام الامور، وتكون لديها اهداف محددة، على ان يدعم المجتمع الدولي مهمتها».
وبدا واضحاً ان افتعال فتفت ايجاد ربط بين تأليف حكومة تكنوقراط ومنع حدوث فراغ سياسي، يأتي تلبية لمقتضيات خطة تحرك دولي، وضعها الحريري، بعد اصطدامه اثر مقتل الحسن باصرار المجتمع الدولي على بقاء حكومة ميقاتي تحت بند منع الفراغ السياسي وتهديد الاستقرار. وتعتمد الخطة على الترويج لفكرة معاكسة تقول إن رحيل ميقاتي يمنع الفراغ، لا العكس. وضمّن فتفت هذا المعنى في خطابه مدعياً وجود سيناريو متوقع، يتضمن «تقديم سياسيين ومسؤولين في الحكومة الحالية استقالاتهم منها قبل تأليف حكومة جديدة لاغراق البلد في فراغ سياسي خطر». وأكد ان «منع حصول هذا السيناريو يستوجب الاسراع في تأليف حكومة تكنوقراط ذات مهمّات محددة يدعمها المجتمع الدولي»، وفي هذا اشارة مضمرة الى أن الحريري، لقاء قبول المجتمع الدولي إقالة ميقاتي، سيكون على استعداد لوضع برنامج مهمات للحكومة الجديدة، بالتشاور مع «المجتمع الدولي».

الموقف الأوروبي

لم يتأخر الرد الأوروبي على كلام فتفت، ولو بصورة غير مباشرة. ففي كلمته الختامية، نوه مسؤول هيئة العمل الخارجي الاوروبي جان سنايدوف بالتعاون الوثيق والعالي المستوى بين الاتحاد الاوروبي ولبنان. وأعرب عن ارتياح الاتحاد الاوروبي لسياسة النأي بالنفس التي تنتهجها بيروت. وأكد الدعم والاحترام الرسمي الاوروبي لسياسة الحكومة اللبنانية، كما نوه بالمناخ الذي ساد الاجتماع الاخير في اطار اتفاقية الشراكة بين الجانبين، معبراً عن شكر الاتحاد الاوروبي لحسن العلاقات القائمة بينه وبين الحكومة اللبنانية.
ووصف كلام سنايدوف الذي ينظر اليه على انه المعبّر عن الموقف الرسمي للبرلمان الاوروبي، بأنه مثّل صفعة ليس لفتفت فقط، بل أساساً، إلى الرجل الذي أراد من خلاله ايصال رسالة إلى أوروبا، أي سعد الحريري.

السابق
الاخبار: كتلة المستقبل اتهمت حزب الله بنقض اعلان بعبدا
التالي
صفعة أوروبية للحريري