الخوف بين المعارضة والسلطة

ليست كاملة المعارضة أو الحكومة، فالكمال غاية ترنو إليها البشرية رغم صعوبة بلوغها.
لكن بالنظر الى احد الاوجه بين الحكومة والمعارضة الحالية يمكن القول او الاستنتاج بأن هناك معادلة مقلوبة في شعور كثير من المواطنين بين الحكومة وبين المعارضة.
انه الخوف، المواطن العادي لا يشعر تجاه الحكومة بالخوف، لا بل في أحيان كثيرة يشعر عكس ذلك، هو يشعر بضعفها احيانا او بتساهلها المفرط حتى في تطبيق القوانين. هنا في الكويت الخوف والهاجس الاكبر لدى الكثير من الناس هو تجاه المعارضة، وخشية كثير من الناس من المعارضة جعلتهم يستجيرون بخيمة الحكومة الباردة، من حر نار المعارضة.
الحكومة، ان كانت ضعيفة إلا انها اكثر استماعا لأطراف مختلفة من المجتمع، ولعل من يتابع الحكومة في الفترة السابقة من سنين واشهر اخيرة يجدها اكثر استماعا وتفاعلا مع المعارضة منها مع الجهات الاخرى التي تؤيدها او تختلف معها قليلا. بينما المعارضة لا تستمع الى وجهات النظر الاخرى وان ألقت لها اذانا فمعها الردود جاهزة وقاسية في أحيان كثيرة.
لم تعد المشكلة مع المعارضة منذ فترة مع الحكومة فقط او مع المفسدين، او مع موضوع عدد الدوائر او عدد الاصوات، المشكلة تشعبت مع المعارضة لتشمل شرائح واسعة من الشعب، فتقلصت نسبة التأييد الشعبي للمعارضة بشكل تدريجي وكبير دون ان تشعر هي بذلك، لأنها ببساطة لا تستمع. المعارضة الحالية لا تنظر إلا الى نفسها، وتمجدها وتختزل الرأي الشعبي وأحيانا الوطنية فيها وفي أفرادها وفي من يتفق مع اطروحاتها وأدبياتها فقط. والضجة الموجودة حاليا ليس بسبب اتساع رقعة التأييد الشعبي للمعارضة بل بسبب رفع سقف مطالب المعارضة قولا وفعلا، وكان هذا التحرك استعاضة تلقائية لكسب زمام المبادرة، إلا انها في غير محلها. لقد كان غريبا كلام احد المعارضين في مقابلة اعلامية ذكر فيها ان من يقف مع الحكومة ومع الانتخابات المزمعة هم المنتفعون والفاسدون!! هكذا بكل بساطة، لأن جزءا كبيرا من الشعب الكويتي يؤيد مرسوم الضرورة ويؤد وجهة نظر الحكومة في ما هو ضرورة يكون منتفعا او فاسدا!
لقد اصبح المرء مضطرا للقسوة في نقد المعارضة الحالية، فالبلد يحتاج بعد اليوم الى معارضة، الى صوت عاقل حكيم يقول لا، لكن المعارضة الحالية التي اصطدمت بالصوت الواحد فتكسرت لوحتها الى شظايا خيبت آمال الكثيرين من المتطلعين الى الاصلاح الحقيقي. لقد اثارت المعارضة حفيظة الكثيرين فقد أصبحت في اطروحاتها وقوانينها المقترحة وحتى اسئلتها البرلمانية في المجلس المبطل اكثر قسوة على حريات المواطنين وعقائدهم من سيف الحكومة، هذا حالها وهي تتعامل مع أوراق برلمانية فكيف يكون الحال لو تسلمت سيف الحكومة؟
ألا تعتقد المعارضة بأن الناس ترى وتشاهد الكم الكثير من كسر القوانين والمخالفات الواضحة والواسطات غير العادلة التي يقوم بها بعض أطراف المعارضة؟ ربما يقال ان الوضع بين الموالاة أكثر فسادا؟ نعم انه شيء مؤلم، لكن هل يستحق المواطن والوطن أن يخير بين فاسد وأفسد؟ ومن يحدد الأفسد؟ وهناك لوم أكبر على من التحقوا بركب المعارضة ممن يدعون الحريات والمساواة ومحاربة العنصرية والطائفية، لعلها فقط شعارات يتدثرون فيها لتخفي سوءاتهم، فهل الحرية عندهم فقط في اختبار المرأة لنوع اللباس مثلا؟!
هناك عتب على المعارضة الحالية اكثر من العتب على الحكومة، المعارضة الحالية وصلت الى طريق مسدود، ويجب ايجاد بديل معارض عاقل، يستمع والى الشعب كله اكثر مما يستمع لنفسه، فقد فاضت بركة ماء المعارضة بالشوائب، فتحول صافي مائها كدرا.
 
 

السابق
سوريا وإسرائيل.. مرة أخرى
التالي
تواصل المظاهرات ورفع شعارات مناهضة للملك الاردني