الفتنة وحرب الضحايا على الضحايا!

كان المشهد لائقاً باللواء الشهيد وسام الحسن في قاعة الشرف في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي حيث تم تقبل التعازي. كان وطنياً جامعاً ويشبه اللواء الشهيد. فمن اقصى اليمين الى اقصى اليسار، ومن اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، مروراً بالعاصمة والجبل وصولا الى البقاع، من "معراب" الى "الضاحية" من 8 و14 آذار وما بينهما، كلهم كانوا هناك ليشهدوا لوسام الحسن، وكلهم كانوا معنيين بدوره الرائد في حماية امن البلاد، امنهم وامن الناس.
ومن التكريم المهيب قبل ان يوارى الشهيد الى قاعة الشرف ودفق المعزين، استحقها رفيق دربه اللواء اشرف ريفي من الجميع: سلمت يداك!
وفي الاسبوع المرعب، اسبوع اجتياح البلاد بمشروع الفتنة، برز اكثر من مشهد مضيء يستحق كل تقدير: في بلدة الفتى الضحية علي بسام طافش الذي قضى في ظروف لا تزال غامضة على الطريق الساحلية، في كترمايا – الشوف، في اقليم الخروب، كان احد اقرب الناس الى الفتى الضحية يقول على مسمع من المعزين: "قتلوه لافتعال فتنة بيننا وبين جيراننا في الوردانية. خسئوا لن ننجر الى الفتنة، ولكن من حقنا ان نعرف من قتل ابننا وان تستمر التحقيقات الامنية والقضائية حتى معرفة القاتل وخلفيات الجريمة". وهذا كلام حق ان دل على شيء فعلى وعي ورقي، غالباً ما يكون وافراً عند الفقراء والبسطاء اكثر من غيرهم ولا سيما بعض المسؤولين في المجالات الرسمية والسياسية والحزبية، وهؤلاء الناس يستحقون الاستماع اليهم، ولا سيما عندما يلفتون الى حساسيات قد تنجم عن "مركز" مستحدث في المنطقة ويطالبون باقفاله. ولِمَ لا ما دام الكل فيها من احزاب وتيارات اجمعوا على الرفض القاطع للانجراف الى الفتنة؟ ومن الوردانية، كانت هناك مواقف مماثلة ورفض قاطع للانجرار إلى الفتنة.
كانت تلك احدى محطات "اجتياح الفتنة" في موازاة محطات اخرى امتدت من الجنوب الى الشمال مروراً بالعاصمة، وكان منها بث الشائعات واختلاق الروايات التحريضية وقطع الطرق وكان الهدف واحداً: اشعال الفتنة وحرب الضحايا على الضحايا!
وكما في الشوف كذلك في الشمال، كان هناك فقراء وبسطاء واناس طيبون يطلقون نداءات استغاثة: "نريد ان نعيش، لن ننجر الى الفتنة". وكان لافتا اجماع هؤلاء في حلقة تلفزيونية "على الارض" في باب التبانة، على ان "لا مشكلة في جبل محسن ومع الاخوة العلويين، بل مع مسلحين يطلقون علينا النار" وان هناك في جبل محسن "اوادم يرفضون الانجرار الى الفتنة".
هذا الكلام العاقل في زمن الجنون و"العصفورية" يمكن ان يُبنى عليه وعلى كلام مشابه في بعض الجوانب وصدر عن اهالي الحي المنكوب في الاشرفية، فهل من يسمع؟

السابق
دروس هدنة الإبراهيمي
التالي
قاتل الشاب رولان شبير.. رفيق الدرب يعترف بفعلته