استقرار الشلل أم دينامية التفجير؟

ليس من السهل على الرئيس نجيب ميقاتي ان يبقى في موقعه، ولا ان يستقيل. فلا اغتيال اللواء وسام الحسن مجرد تسكير لحساب في الماضي بمقدار ما هو رهان على مسار الاحداث في الحاضر والمستقبل. ولا غلطة الاندفاع لاقتحام السراي، تحجب مضاعفات الجريمة والمسار الذي تقود اليه بقوة الاشياء. ولا العمل على ترسيخ الاقتناع باستحالة تأليف حكومة بديلة، سواء كان واقعاً مغروضاً أو افتراضياً، سوى حكم بالاعدام على السياسة وما بقي من الدولة. 
لكن الحكومة هي، في آن، الورقة الاقوى والاضعف في مرحلة ما بعد الاغتيال. الاقوى بالنسبة الى الحسابات المختلفة لطرفين مختلفين يتمسكان بها. الاول هو القوى المحلية والاقليمية التي جاءت بها وتريد لها، برغم تبدل الظروف ومفاعيل الصراع في سوريا، البقاء لضمان الامساك باللعبة في تطورات حرب سوريا ثم في أي مصيرللانتخابات النيابية والرئاسية في لبنان. والثاني هو الغرب الاميركي والاوروبي الخائف على الاستقرار ومن الفراغ والذي تخاصمه القوى المحلية والاقليمية بسبب مواقفه من ايران ودوره في حرب سوريا، لكنها تتكل على الرأسمال الذي يقدمه لرئيس الحكومة. والاضعف بالنسبة الى الوضع الشعبي الذي استفزته الجريمة وزادت من غضبه، وسط شعور قوى 14 آذار ان اللحظة مؤاتية للتخلص من الحكومة ومفاعيل الانقلاب السياسي الذي جاء بها.

والفاصل بين القوة والضعف هو سرعة العواصم في التحرك للحؤول دون استقالة الحكومة الآن، واتهام الجميع ان الظروف مختلفة عن الظروف بعد اغتيال الرئيس الحريري. وهذا صحيح. ولكن في اطار مقاربة مختلفة لهدف واحد. ففي العام 2005 كان المطلوب اخراج سوريا عسكريا من لبنان، وبالتالي فان التظاهرات والاعتصامات في لبنان مطلوبة كموسيقى تصويرية لقرار دولي. وفي العام 2012، فان اللعبة تتركز على النبع في سوريا لتغيير النظام، والمطلوب بالتالي ان يبقى لبنان هادئاً بأقل قدر من التأثر بنار الحرب في سوريا. 
والانطباع السائد لدى المعارضة ان الموقف الاميركي والاوروبي المؤىد لبقاء الحكومة موقت، وان حركة الشارع يمكن ان تسرّع في تغييره. وهذا، في غياب التوافق على حكومة، رهان على مجهول – معلوم هو ازمة سلطة طويلة في بلد على خط فالقين: واحد اقتصادي في الداخل وبالطبع في العالم وعدد من بلدان المنطقة. وآخر استراتيجي يزلزل مرحلة في الشرق الاوسط، ولا أحد يعرف كيف تكون المرحلة المقبلة.
لكن الكل يعرف، ان الحكومة اذا بقيت، ستبقى في المنصب من دون السلطة. فمن الصعب ان تحكم. ومن الظلم للبنان ان يوضع امام خيارين احلاهما مر: إما الشلل وإما التفجير.   

السابق
لبنان الضعيف وسوريا القوية
التالي
منظمة التحرير الفلسطينية تدعو العرب لعدم مواصلة إقامة كيان انفصالي بغزة