فرصة مشروع مؤسسة الهادي للدمج الوظيفي والمهني

الحكم المسبق على قدرات المعوقين وطاقاتهم يطرح اسئلة عن الوعي الثقافي في مجتمعنا الذي يرى في شكل غير مباشر ان الإعاقة تقف حاجزاً أمام أصحابها تمنعهم من تثبيت وجودهم وتحقيق طموحاتهم على أكثر من صعيد. فالمكفوفون في العالم العربي، وخصوصا في لبنان، لا تزال كفاياتهم وقدراتهم محصورة في زاوية وظيفية ضيقة لا تتعدى عدداً من الوظائف، مثل العمل في تحويل المخابرات الهاتفية والأعمال اليدوية مثل صنع أدوات التنظيف وبعض المنتجات الحرفية، بينما وصل من يعاني إعاقة بصرية في دول العالم المتقدم الى مستوى متقدم وعمل هؤلاء في العديد من المجالات العلمية الحديثة، لا سيما تلك التي لها علاقة بتكنولوجيا المعلومات.
وبما أن الحكومة لا تلزم مؤسسات القطاعين العام والخاص تطبيق القانون 220/ 2000 المتعلق بتوظيف نسبة 3 في المئة من المعوقين في هذين القطاعين، جاءت إرشادات المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله الذي كان يرأس جمعية "المبرات الخيرية"، أجدى وأكثر فاعلية من أي قانون، عندما كان يسعى باستمرار الى تأمين حياة كريمة تليق بذوي الحاجات الخاصة على المستويات كافة. هذا ما يؤكده لـ"النهار" كل من مسؤول قسم الدمج التربوي والاجتماعي لذوي الحاجات الخاصة الدكتور وليد حمود ومنسق مشروع "فرصة" جلال كركي في مؤسسة الهادي.
وفي إطار إكمال مسيرة رسالة فضل الله في "الهادي"، إحدى مؤسسات جمعية "المبرات" للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل، يشير حمود إلى سعي المؤسسة الى "تأمين بيئة دامجة تحترم إمكانات هذه الفئة وطاقاتها، من ضمن رؤيتها الى تحفيز مجتمعنا وتطوير معتقداته من خلال برامج التوعية الهادفة إلى تحسين ظروف الدمج، لا سيما المعوقين بصرياً، في مختلف المجالات الإجتماعية والتعليمية، خصوصا المهنية".
وقد أطلقت المؤسسة مكتباً خاصاً لتوظيف المعوقين من خلال مشروع "فرصة"، انطلق في عام 2007، ليكون صلة وصل بين المؤسسات الإنتاجية وبين المعوقين.

ما هو مشروع "فرصة"؟
يطلعنا كركي على مشروع "فرصة"، قائلاً: "إنها فرصة حقيقية لتحقيق الدمج الاجتماعي والمهني لهذه الفئة". ومن المبادئ الأساسية للمشروع، "تحقيق العدالة بين الجميع والمساواة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والاستقلالية والمشاركة للوصول إلى الحقوق".
لم يبق عنوان هذا المشروع شعاراً بالنسبة إلى جمعية "المبرات"، فهي بادرت وترجمت هذا العنوان واقعاً وساهمت في توظيف متخرجين من مؤسسة "الهادي" وغيرها، وفق كركي، "منطلقة من ذاتها في توظيف هؤلاء قبل أن تصدّرهم إلى أرباب مؤسسات القطاعين العام والخاص، بهدف كسر حاجز الخوف لدى أصحاب الأعمال وتبديل الصورة النمطية لديهم". وقاطعه حمود، مشيراً إلى أن "مراكز جمعية "المبرات" ألزمت حوالى 18 مؤسسة تابعة لها بين تربوية وإنتاجية بتوظيف معوقين بصرياً وسمعياً مثل ثانوية "الكوثر" وثانوية "الإمام الحسن"، وإنتاجية، مثل مطعم "الساحة" الذي وظف 8 منهم".

آلية عمل المشروع
يجرى تقويم مفصّل لقدرات كل مستفيد، يفيد كركي، "ويتضمن هذا التقويم دراسة مفصلة لمختلف النواحي الشخصية والعلمية والصحية والمؤهلات الوظيفية والعملية، عبر ملء استمارة تقويمية علمية تتضمن معايير للمهارات الجسدية والاجتماعية والوظيفية، ومن ثم يتم تحديد المجال الوظيفي لكل شخص بما يتناسب والإمكانات والقدرات الواقعية".
ويذكر حمود أن مكتب التوظيف يتعاون مع قسم الدمج المهني في أعداد دورات تأهيل قدرات الفرد الوظيفية لمواكبة التطورات العلمية والعملية (التكنولوجيا واللغات) وتنمية المهارات الاجتماعية والمعرفية، "من خلال دورات في مجال التواصل وحل النزاعات والمهارات الإدارية، اللغات، الكومبيوتر، تقنيات الحركة والتنقل، بالإضافة إلى تدريب مكثف للشخص على الوظيفة المناسبة لقدراته ورغباته في مكان موازٍ لمكان العمل الفعلي ضمن التأهيل التدريبي".
إلى ذلك، يقوم مكتب التوظيف بزيارات ميدانية لسوق العمل وللمؤسسات الإنتاجية في القطاعين العام والخاص، وكذلك يقوم المكتب بالتعاون مع قسم الدمج المهني في تحديد الوظائف المتاحة والقيام بدراسة مفصلة لكل وظيفة، وفق كركي.
وتجدر الإشارة إلى أن متابعة هؤلاء الأشخاص تستمر بعد التوظيف في شكل دائم لتذليل أي عقبة يمكن أن تواجه المعوق في مكان عمله، ويقدم المكتب خدمات استشارية لأرباب العمل.

مجالات التوظيف
وتمكن مكتب التوظيف في المؤسسة من تأمين فرص العمل المناسبة لعدد كبير من المستفيدين وتوزعت الوظائف كالآتي:
طباعة وأرشفة، سنترال، مساعد أمين مستودع، مساعدة مشرفة في المؤسسات الرعائية، معلمة لغة إنكليزية للمكفوفين، معلم تاريخ للمبصرين، سكرتاريا، معلمة تربية تكاملية للحلقة الأولى، العمل في مطعم ( شيف، عامل في الصالة، عازف عود، عازف بيانو)، مساعد مهندس، موظفين في معمل للشوكولا في قسم اللف والتعليب.  

السابق
معرض صور Symmetricity لرودي خليل في 5 Minus
التالي
صيدا: ثورة على المولدات