ما حول الفيلم والرسوم المسيئة!

عدنا والعود أحمد، والحمد لله على وصولنا إلى أرض الوطن سالمين، واليوم سأتناول قضية تعتبر من أهم القضايا التي تهم الأمة العربية والإسلامية، ألا وهي قضية الإساءة للدين الإسلامي والأنبياء والرسل والصحابة، وكيفية وصول هذه الإساءة إلى أكبر رمز للإسلام من خلال فيلم أميركي – إسرائيلي رديء لا يحمل أي رسالة قيمة إلى العالم سوى تشويه النظرة إلى مبادئ الإسلام، فكيف تكون الحال إذاً عند العالمين العربي والإسلامي؟!
تجتاح ظاهرة الاحتجاجات والتظاهرات على الفيلم المسيء الذي يحمل اسم «براءة المسلمين» والرسوم الكاريكاتورية الفرنسية المسيئة للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في الكثير من البلدان العربية والإسلامية، فوصل مداها إلى جميع بلدان العالم نصرة لرسولنا وحبيبنا المصطفى، وبسبب استمرار الإساءة الغربية وتشويه سمعة الدين الإسلامي فجّر المتظاهرون جام غضبهم في يوم جمعة الغضب بعد الصلاة في المساجد وارتفع العداء والكراهية والحقد لأميركا وإسرائيل وفرنسا بل ربما سيطول سفارات بلدان أخرى تعبيراً عن الاستنكار الشديد لكاتب ومنتج ومخرج الفيلم الأميركي – الصهيوني المسيء والرسوم الاستفزازية التي نشرتها مجلة «شارلي ابدو» الفرنسية.

فالفيلم والرسوم كلاهما أتيا في مرحلة حرجة في منطقة الشرق الأوسط ولم يراعيا المتغيرات الاقليمية التي تحدث في كل يوم ويمثلان استفزازاً مباشراً بحق مسلمي العالم وعشاق الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وأستغرب هنا كيف يعتبر هؤلاء المسيئون أن أمر الإساءة لا يجب أن يقابله عنف وانتقام!

نعم لن يهدأ بال طالما هناك من يتعمد الإساءة إلى الإسلام ورموزه خصوصا عندما تكون الإساءة لشخص الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الممكن أن يحدث أكثر من ذلك… ولاطفاء نار الغضب الذي يجتاح العالم بأسره يجب ضمان حجب المواقع الإلكترونية المثيرة للجدل للفيلم المسيء وبالذات في «اليوتيوب والغوغل» اللذين يرفضان بشدة حجب المواقع تحت ذريعة حرية التعبير والرأي وهذا الأمر يزيد توتراً وغضباً ضد المسيئين لأعمال العنف والفوضى التي تؤدي إلى اشعال الحرائق والتخريب في الممتلكات سببها الرئيسي عدم إخماد حالة الغضب في قلوب المسلمين والمسيحيين والتستر وراء المسيئين، لذا رأينا ردود الفعل قد جاءت حول إلحاق الضرر بالسفارات والممتلكات الأجنبية وهي تعبير عن مدى الغضب الكبير الذي تبعه روح الانتقام من هؤلاء الصهاينة.

هناك بعض الأقباط الذين يعيشون في المهجر هم الذين تسببوا في اشعال الفتن والطائفية وخلط الأوراق في الدين والعقيدة بين المسلمين والمسيحيين لإحداث حرب أهلية في مصر وفي بقية دول المنطقة، وهناك بعض من السفهاء من دول الغرب وأصولهم يهودية تسعى إلى التفرقة وإشعالها عن طريق صب الزيت على النار حتى تشتعل نيران الغضب بين جميع الأديان وينشغل اليهود في أطماعهم في جميع بقاع العالم.
وسط المتغيرات الاقليمية التي يعيشها شعوب العالم العربي تعيش الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا وألمانيا وغيرها على عصب الحياة خوفاً من أي ظروف طارئة قد تغير أحوال المنطقة ما قد تطول علاقاتهم الخارجية، وتمزق خارطة الطريق، فاليوم نرى الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة ليست كسابق عهدها وقد تقصف بأطماع اليهود في الجولان وسيناء وفي فلسطين ولبنان وغيرها وهذا ما لاتتمناه تلك الدول الكبرى.

ويبقى السؤال هنا: ترى لماذا اتخذ معظم المحتجين في العالم الإسلامي شعارات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل؟ ولماذا استعانوا بصور أسامة بن لادن والانتماء إلى القاعدة ومناداة الجهاد ضد الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل؟! بالتأكيد لأن هؤلاء لم يقوموا بالإجراءات المناسبة التي تهدئ تلك الأجواء الملتهبة في العالم الإسلامي ولم تتخذ التدابير التي يمكن من خلالها ضمان احترام الأديان والمعتقدات، لاسيما الدين الإسلامي الحنيف، بل بالعكس تركت الأوضاع غير مستقرة وجعلتها تغلي على نار هادئة حتى قابلت الفيلم المسيء بالرسومات الكاريكاتورية الفرنسية التي تصيب بشعور الإساءة جرحاً عميقاً في وجدان العالم العربي والإسلامي تحت ذريعة الحرية في الصحافة والإعلام!! كيف يمكن تجاهل هذه الحملة الصهيونية المغرضة التي أساءت إلى أهم رمز من رموز الإسلام وله مكانة عظيمة عند المسلمين؟ وكيف يمكن للعالم الإسلامي أن يسيطر على غضبه ويمكن ضبط نفسه من الإساءة على مبادئ حرية التعبير عند الغرب؟! هل هذا يعتبر سهلاً إلى هذا الحد؟!

في حين يجب ألا نتهم دولاً أجنبية ليس لها علاقة بموضوع الإساءة للإسلام، فهم بالطبع فئة قليلة شاذة ليست على قدر المسؤولية، كما على الدول المشاركة بالإساءة معاقبة الأفراد الذين يسيئون للأديان والرموز الدينية كافة وإلا ستعم الفوضى في كل بقاع العالم، فالفيلم التحريضي الرخيص الذي أثار حفيظة أكثر من مليار ونصف المليار مسلم في بقاع الأرض يقدم المسلمين وكأنهم غير أخلاقيين ويحبون العنف والإجرام وهذا يخالف واقع العالم الإسلامي تحت ظل دينه وشريعته وواجباته الإنسانية، ولكن ما يجب أن نعلمه أن هناك أيادي خفية تعمل على الإساءة للإسلام ولرموزه أمثال مخرج فيلم «براءة المسلمين» نقولا باسلي، حيث سبق له أن وصف الإسلام بأنه سرطان ودين كراهية وجمع خمسة ملايين دولار من مئة مانح يهودي لتمويل رغباته في الإساءة للإسلام عن طريق هذا الفيلم الرخيص والخاسر، وكذلك الحال لـ «موريس صادق» الذي يحب اللعب على وتر الفتنة الطائفية بمهارة وهو الذي قام بانتاج فيلم الإساءة، حيث عُرف بمواقفه المتعصبة تجاه المسلمين ويفتخر بصداقته لإسرائيل ويقول إن الدولة القبطية ستؤسس على أنقاض جثث المسلمين، ويحرض الغير على تقسيم مصر جهاراً، لذا يفرحنا خبر قيام عدد من الأقباط المصريين المقيمين في الولايات المتحدة بالاعتداء عليه بالأحذية!! وهذا ما يستحقه.

وفي الختام نناشد دول العالم والمنظمات الدولية التحرك السريع لتجريم الإساءة للأنبياء والرسل والدين الإسلامي الحنيف من خلال إعداد قانون يجرم ازدراء الأديان ومعاقبة القائمين بمثل هذه الأفعال المشينة، يقول الله تعالى في محكم تنزيله: «إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقاً، واعتدنا للكافرين عذاباً مهينا» صدق الله العظيم.
  

السابق
سوءُ الظن من حُسن الفِطَن
التالي
المعارضة السورية ولعبة الأمم