أيُّ سرّ في هذا كلّه؟

أيّ سرّ في ما نشهده، في ما يحدث على صعيد بعض الأفرقاء والفئات، وفي ما صارت إليه الدولة على حين غرة؟
لستُ أدري.
كما لو أن ما نراه ونسمعه من صنع الانتخابات النيابيّة، التي بات لبنان منها قاب قوسين أو أدنى، وما يليها من استحقاق رئاسي وسباقات الى الكراسي… ومن طامحين، وحالمين!

مع الانتباه دائماً وأبداً الى التطوّرات العاصفة في سوريا، والمتغيّرات المحتملة على الأرض، وانعكاساتها بالنسبة الى البلدين الشقيقين… وعلى هذه الدويلة، والى ذلك التيّار الطيّار.
أجل، وهل يخفى الاستحقاق الذي راح يقلق كثيرين منذ الآن، إن لم يكن منذ الأمس. ومنذ بدأ اكتشاف الدولة في لبنان، ومعها السلطة، والجيش، والغابات المنتشرة في الربوع الغنّاء، والفالتين والمتغطرسين و…
ومن دون إهمال ما صنعه الزمن الغابر، وعلى مختلف المستويات، والذي قد يغدو مجرَّد ذكريات عَبَرت أفق الخيال.

فجأة، انفتحت كل الطرق، والدروب، والشوارع، والاحياء. حتى المناطق النائية التي كان من النادر أن تخطر في بال الدولة، أو تخطر الدولة في بالها، صار من السهل جداً على القوى الأمنيّة دخولها، واعتقال المطلوبين، وإتلاف الممنوعات، ومن غير أن يسمع الناس صوت احتجاج…

عال. إنما كل ما يحصل ويصير ويحدُث، هو مجرّد فعلٌ انتخابي لا فعل مضارع، أو فعل إرادة مثلاً؟
أوَلَيس من باب إعادة الاعتبار، بعض الاعتبار، الى الدولة والمؤسّسات والقانون؟ وبعد طول غياب، وطول احتجاب، وطول نفي. وعلى مختلف المستويات. وفي كل الأحوال؟
قد لا يكون ما حصل ويحصل كلّه انتخابات، وبالنسبة الى كل "الأفواج" والفئات. إلا أن رائحة الانتخابات موجودة في كل الطبخات، ولو بقدر رائحة القرفة ودورها.
إنما، أيّاً تكن الدوافع والعوامل الكامنة وراء استذكار الدولة في هذا الوقت بالذات، وعند هذا المفترق، وإعطاء الإذن لها، والسماح لقواتها بدخول "حمى" الدويلات والمربّعات الأمنية والمخمّس مردود، يشكّل بكونه بذاته حدثاً عظيماً… مدوياً.
حتى إنَّ الناس المغلوبين على أمرهم لا يتردّدون في القول يا ليت الانتخابات تصير كل سنة، كل شهر، كل أسبوع. فعلى الأقل صاروا يرون بأم العين، كيف يُساق المطلوبون بعشرات الاتّهامات الخطيرة، وربما منذ عشرات السنين.
الى ذلك كلّه، وضعت في التداول تصريحات تؤكّد رفع الغطاء عن كل الذين كان القانون يطاردهم… وكانت الدويلات تغطيهم بحمايتها التي لا تختلف عن القضاء والقدر.
على كلٍّ، "الحفلة" في بداياتها فلننتظر الى أي مدى "مسموح" للدولة أن تظل هي الدولة!  

السابق
ميشال عون: دروس في الزعامة
التالي
مواجهة تداعيات الاستبداد