من يسرق الفنانين…

«من يسرق الكواليس؟»… سؤال لا إجابة له حتى الآن، فلا يوجد «لوكيشن» تصوير مسلسل أو كواليس عمل مسرحي إلا ووقعت في داخله سرقة ليست لها معالم ومن دون معرفة من يُقدم عليها؟، وهو ما يدفع البعض إلى الشك بالآخرين. فغالبية من تتم سرقتهم هم فنانات، لأن الفنانة تأتي إلى التصوير حاملة معها حقيبتها واكسسواراتها وملابسها، وحين تحدث السرقة يبدأ الشك والريبة ويسود التوتر أجواء التصوير قبل أن يتوقف العمل للبحث عن السارق. لكن ورغم أن الكثير من المفقودات عادت إلى أصحابها، إلا أن الفاعلين يظلون مجهولين… وفي هذا التحقيق تفتح «الراي» ملف «السرقات في الكواليس» من خلال سؤال عدد من الفنانين والفنانات عن أسباب تلك السرقات:
الفنانة والمذيعة فاطمة الطباخ رأت أن «هناك كوارث تحدث في كواليس المسرح نتيجة توافد الجمهور داخلها وكذلك في «لوكيشنات» تصوير الأعمال التلفزيونية، ومن المفترض أن يكون للكواليس خصوصية، فالفنان يجلس على راحته ولا يريد أن يراه أحد، لاسيما وأنه في بداية العرض المسرحي يكون متوتراً بينما الكثير من الجمهور متعجّلون ولا يتحملون الانتظار حتى يسمح لهم بالدخول، فالبعض لا يدرك أن هناك تبديل ملابس ووضع ماكياج وأن هناك أشياء ثمينة موجودة قد تضيع في هذا الزحام»، مشيرة إلى أنها تصطحب معها «كبت» صغيراً بقفل في كواليس الأعمال الفنية التي تصوّرها أو التي تعرض على المسرح بعدما انتشرت قصة السرقات.
وأضافت الطباخ: «أحاول أن أضع في درج واحد من هذا «الكبت» – الذي يحوي ثلاثة أدراج – وأعطي زملائي المفاتيح لاستخدام الدرجين الآخرين، كما أصطحب معي المبخر وفناجين القهوة»، معتبرة أن مدير الإنتاج له دور كبير في ما يحدث لأنه المسؤول عن التنظيم.
أما الفنانة عبير الجندي، فقد أرجعت مشاكل الكواليس والسرقات التي تحدث فيها إلى الجمهور والفنانين والفنيين المشاركين في العمل الفني، وقالت: «سُرِق فستان (راكور) كان يفترض أن أظهر به على خشبة المسرح ولم ألاحظ ذلك إلا قبل ظهوري بدقائق، وقد تسبب ذلك في مشكلة واضطررت للذهاب إلى البيت مرة أخرى لإحضار فستان آخر».
وأضافت الجندي: «أحياناً بعض الفنانين قد يفعل ذلك بطريقة المزاح (مقلب) وعندما يجد أن الأمر أصبح مشكلة لا يعترف خوفاً من رد الفعل إلى درجة انني أعتبر من يفعل ذلك مصاباً بنوع من المرض»، لافتة إلى أن المشكلة الأساسية في السرقات التي تحدث في المسرح هي نتيجة أن دور العرض غير مهيأة ولا توجد غرف للممثلين بالشكل المطلوب كما أن الموجود منها بلا مفاتيح.
واعتبرت أن دخول الجمهور إلى الكواليس والإصرار على التصوير مع الفنان والإلحاح عليه للحصول على رقم هاتفه أمر محرج للغاية.
المخرج غافل فاضل تحدث عن سرقة «البوك» الخاص به ودواء للفنانة هدى حسين، وقال: «اعتدت على وجود حقيبة معي أضع فيها هاتفي وكل متعلقاتي وأغلقها بقفل إلا انني في ذلك اليوم وضعت «البوك» أمامي بجوار المونيتر وانشغلت في التصوير ثم عند نهاية اليوم لم أجده فطلبت إغلاق الأبواب وقلت «من أخذ البوك يأخذ كل ما فيه من أموال ويضعه في أي مكان وفيه الأوراق الرسمية والبطاقة المدنية ورخصة القيادة والبطاقات البنكية وهددت الجميع بأنه إذا لم يظهر البوك ليس أمامي سوى الشرطة والكلاب البوليسية، وبالفعل بعد دقائق وجدته في درج داخل الفيلا التي نصوّر فيها، أما الفنانة هدى حسين فقد وضعت دواء لها وفجأة لم تجده واستغربت حتى من هذه السرقة».
وكشف فاضل عن وجود سرقات كثيرة حدثت في كواليس التصوير من بينها ساعة ذهب وأشياء أخرى، مشيراً إلى أنه لاحظ أن من يفعل ذلك بعض الفنيين والكومبارس والعمال المتواجدين داخل البيت، إذ كثيراً ما يتم استردادها منهم بطريقة التهديد أيضاً.
وبدورها أشارت الفنانة عبير الخضر إلى تعرضها لسرقة «راكور» لها داخل «اللوكيشن»، «وهذا الأمر تسبب في إرباك عملية التصوير، فجأة لم أجد الـ «تي شيرت» الذي أصوّر به فأوقفنا التصوير وذهبت إلى صاحب محل ألبسة أتوسل إليه أن يبحث عنده عن اللون نفسه، كما سُرقت حقيبة نسائية لإحدى الفنانات وكانت غالية الثمن».
وأضافت الخضر: «باعتقادي أن هذه السرقات تحدث من قبل الكومبارس أو الخدم المتواجدين داخل البيت الذي يتم التصوير فيه، وكذلك بسبب إهمال الفنانة التي تتعامل وكأنها تجلس في بيتها».
الفنان أحمد السلمان كشف عن سرقة سلاح حقيقي من مسرحية «طاح مخروش»، وقال «استخدمنا في تلك المسرحية أسلحة حقيقية تمت الاستعانة بها من وزارة الداخلية، وفوجئنا قبل نهاية أحد العروض وفي المشهد قبل الأخير تحديداً أن هناك سلاحاً رشاشاً غير متواجد، وقد أوقفنا العمل وبدأنا نتحدث بصوت عالٍ، ثم وجدناه في حاوية للقمامة أمام المسرح ألقاه أحد الأشخاص الذي كان يزور الفنانين في الكواليس».
وأضاف السلمان: «هناك بعض الفنانين يحب أن يقوم بعمل (مقلب) بزميله فنتفاجأ بسرقة ساعة أو غيرها، وأتذكر أن أحد الفنانين استخدم هاتف زميلة وأرسل رسالة إلى كل المسجلين عنده كتب فيها «أرجو أن تسامحوني لأنني مريض بمرض خطير وقد أموت قريباً»، وهو ما جعل الكثيرين يتصلون بها ما أربك المتواجدين في المكان»، لافتاً إلى أن هناك الكثير من العاملين الفنانين قد يكونون مصابين بسلوك غير حميد تجاه هذه الأمور.
في المقابل أوضح الدكتور خضر البارون أستاذ علم
النفس والمتخصص في الاستشارات النفسية والاجتماعية أنه «يغلب على بعض الصفات الشخصية لدى الكثيرين طابع الشر، رغم أن هؤلاء يتحدثون بشكل متزن إلا أنهم يحملون الكثير من الشر والغيرة والحسد تجاه الآخرين في الباطن، وفي الساحة الفنية هناك من هو نجم أول وهناك من هو أقل، والكثير من الفنانين والفنانات قد لا يستطيعون أن يتغلبوا على الشر الذي في داخلهم فيحمل ضغينة على زميله ويتسبب له بمشكلة».
وأضاف البارون: «أما عن الفنانات فلا يمكن لفنان أن يسرق فنانة، فالجمال بين الفنانات والشكل العام يلعب دوراً مهما في نفوس زميلاتها وقد تكون حصلت على دور أقوى أو قدمت مشهداً يجعل اسمها يكبر في الساحة الفنية ومن هنا تدبّر لها المكائد، كما أن الكثير من العاملين في المكان قد يفعلون ذلك من أجل خلق مشكلة وتعطيل العمل، لكن يفترض على قائد العمل أن تكون له كلمة قوية تجاه ما يحدث»، مشدداً على أن بعض الناس يسعدون ويشعرون بالانتصار إذا تسبب في مشكلة لشخص يحقد عليه ويحسده ويغار منه.
وأشار الخضر إلى أن هناك من يعاني من «داء السرقة» ويحتاج إلى مراجعة متخصصين في السلوك لأن لديه اضطرابات في السلوك وفي الشخصية حتى لو كان يتصرف مع الآخرين بشكل متزن. ودعا القائمين على العمل الفني، خصوصاً الإداريين، إلى أن يكون لديهم حسن تنظيم حتى لا تسود هذه السلوكيات داخل الوسط الفني.  

السابق
الزواج لسد رغباته
التالي
روليتا فقيه: الفن ناداني