السفير: الخطف على الهوية المالية: هيبة الدولة .. رهينة!

جدول أعمال أمني بامتياز، فرض نفسه أمس على جلسة مجلس الوزراء، التي توزّعت اهتماماتها بين خطة تسليح الجيش اللبناني، والاتفاقية الامنية اللبنانية – الفرنسية الملتبسة ببعض بنودها، وظاهرة الخطف على "الهوية المالية" التي تفاقمت مؤخراً، مع ازدهار سوق الاختطاف في العديد من المناطق.. مقابل الفدية.
وقد تحولت ظاهرة الخطف هذه، الى هاجس حقيقي للمواطنين والقوى الامنية على حد سواء، بعدما اتخذت منحى خطيراً في الفترة الاخيرة، مع انتشارها على نطاق واسع، من دون أي رادع، حتى باتت أقرب الى "التجارة المسلحة" التي لا يتعدى رأسمالها حدود امتلاك سيارة وسلاح فردي.. والمراقبة الجيدة!

وإذا كانت حوادث الخطف قد باتت من "اختصاص" عصابات مسلحة، لا تحظى بأي تغطية سياسية، فإن ذلك يجعل أي تقصير رسمي في مكافحتها أكثر فداحة، لاسيما وان تداعيات هذه الحوادث لا تصيب فقط ضحاياها المباشرين، بل تطال أيضاً صورة لبنان وهيبة دولته.
وإزاء هذا الانكشاف الأمني الخطير، ترأس الرئيس نجيب ميقاتي اجتماعاً حضره وزيرا العدل والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية للتباحث في كيفية مواجهة ظاهرة الخطف، ثم اتصل ميقاتي برئيس الجمهورية ميشال سليمان واقترح عليه دعوة مسؤولي الاجهزة الى اجتماع مجلس الوزراء، لإعطائهم قوة دفع ومنحهم التغطية الضرورية، وهذا ما حصل.

وفيما كانت زحلة تغلي وتستعد لتصعيد تحركها من أجل الإفراج عن ابنها فؤاد داود، نجح الجيش اللبناني مساء أمس في تحريره بعد الاشتباك مع خاطفيه الذين كانوا قد طالبوا بـ 250 الف دولار أميركي للإفراج عنه، بينما يستمر المواطن البقاعي من غزة علي أحمد منصور مخطوفاً، على أيدي مسلحين اشترطوا الحصول على 15 مليون دولار، لإطلاق سراحه.
وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ"السفير" إن الاجهزة الامنية ستتخذ الاجراءات المناسبة للحدّ من ظاهرة الخطف، وهناك معلومات ومؤشرات لدى رؤساء الأجهزة تشجع على التفاؤل بتحقيق نتائج نوعية على الارض قريباً، مؤكداً انه لا يمكن التهاون في هذه المسألة المتصلة بأمن المواطن وهيبة الدولة.
أما وزير الداخلية مروان شربل فأبلغ "السفير" ان الاجهزة الامنية وضعت خطة محكمة لمكافحة ظاهرة الخطف، ستظهر نتائجها الحاسمة تباعاً خلال الايام المقبلة، "وبحوزتنا أسماء ومعلومات ستساعدنا في مهمتنا"، كاشفاً عن أن "هناك عصابة اساسية تقف وراء هذه الظاهرة، ثم فرّخت لاحقاً، ونحن بصدد القضاء على العصابة ومتفرعاتها".
من ناحيته، أبلغ النائب وليد جنبلاط "السفير" ان الخطف مقابل الفدية يشكل ظاهرة جديدة وخطيرة، منبهاً الى انها يمكن ان تطال الجميع إذا افلتت من السيطرة، لأن الموضوع ليس سياسياً. ودعا الى الإسراع في وقف هذا المسلسل والتصرف بحزم، قبل أن
تسود شريعة الغاب، ويصبح وضعنا كوضع مكسيكو او كولومبيا.
وأكد الوزير محمد فنيش لـ"السفير" ان "حزب الله" ضد أي إخلال بالامن، مشدداً على ضرورة "أن تؤدي القوى الامنية دورها في منع عمليات الخطف وملاحقة منفذيها، ونحن ندعمها في هذا العمل من دون أي تحفظ، بل نحثها على القيام به".

التحضير لاغتيال قاضيين
من جهة ثانية، علمت "السفير" أن عناصر "شبكة محمد ج." الأربعة الموقوفين لدى مخابرات الجيش اللبناني، اعترفوا بأنهم كانوا يحضرون لعمليتي اغتيال تستهدفان القاضيين عبد الرحيم حمود وهنري خوري، وهم حضروا ثلاث عبوات ناسفة، تستهدف اثنتان منها القاضيين المذكورين، وثالثة تستهدف جهازاً أمنياً (مخابرات الجيش) كان يرصد محمد ج. ومجموعته (محمد أ. وحسن ح. وفراس ص.) منذ مدة.
وتبين أن محمد ج. اشترى العبوات من شخص قبل توقيفه، ويدعى عصام د. وتبين من خلال التحقيق أن محمد ج. هو من أطلق النار على النقيب في الجيش اللبناني الذي صادف وجوده في فرع "بنك لبنان والمهجر" لدى محاولة السطو عليه.
يُذكر أن العصابة التي كانت مرتبطة لوجستياً بـ"خلية الرميلة" اعترفت بالسطو على سبعة مصارف لبنانية.

اتفاقية دفاعية مع فرنسا
الى ذلك، أقر مجلس الوزراء اتفاقية تعاون في مجال الدفاع بين لبنان وفرنسا، بأكثرية الأصوات، فيما اعترض عليها الوزراء محمد فنيش وحسين الحاج حسن وعلي قانصو ومروان خير الدين، لمخالفتها القانون اللبناني والسيادة الوطنية في بعض جوانبها.
لكن ميقاتي أكد لـ"السفير" ان هذه الاتفاقية تراعي مصلحة لبنان، ولا تتضمن أي مخاطر، وليست لها أي خلفيات سياسية مريبة، مضيفاً إن التعديلات التي طلبها "حزب الله" تغلب عليها السمة الإدارية.
أما الوزير فنيش، فقال لـ"السفير" إن "حزب الله" اعترض على نقطتين في الاتفاقية، تتعارضان مع القوانين اللبنانية والسيادة الوطنية، "وبالتالي فإن موقفنا مبدئي وليس نابعاً من هوية الجهة الموقعة على الاتفاقية، علماً أننا كنا قد طلبنا منذ العام 2011 التفاوض مع الفرنسيين لإدخال بعض التعديلات على مشروع الاتفاقية".
وأوضح أنه والوزير الحاج حسن اعترضا على تعهّد الجانب اللبناني بعدم تطبيق عقوبة الإعدام، ضد أي فرنسي يمكن أن يستحق هذا الحكم، معتبراً ان هذا التعهد يتجاوز القانون اللبناني الذي يلحظ عقوبة الإعدام، ويراعي القانون الفرنسي الذي لا يتضمنها. وأضاف: الاعتراض الآخر طال نقطة سيادية، إذ أن القانون يشير الى أن أي فرنسي يرتكب جرماً على الاراضي اللبنانية يوضع تحت حراسة الأمن الفرنسي، الأمر الذي ينطوي على مساس بالسيادة الوطنية، خصوصاً أنه لا توجد معاملة بالمثل في فرنسا.
في المقابل، أكد مصدر وزاري لـ"السفير" ان بعض التعابير الواردة في الاتفاقية، مقبولة في القانون الفرنسي، ولكنها قد تكون ملتبسة في القانون اللبناني، موضحاً انه تمّ الاتفاق على ان تدرس قيادة الجيش الملاحظات التي ستقدمها الوزارات المعنية، على ان تتابع القيادة الموضوع مع الفرنسيين لاحقاً لإدخال التعديلات المناسبة على الاتفاقية.
تجدر الاشارة الى ان المادة السابعة في الاتفاقية نصت في بندها السابع على الآتي:
ـ يقوم الفريق الفرنسي بتأمين حراسة عنصر الفريق الفرنسي الذي تمارس عليه سلطات الفريق اللبناني صلاحية قضائية، والذي ترى احتجازه ضرورياً وذلك حتى إجراء المحاكمة (…)
وورد في البند الثاني عشر الآتي:
ـ لدى ممارسة صلاحياته القضائية طبقاً لأحكام هذه المادة، يتعهّد الفريق اللبناني أنه في حال استحقّ عنصر من الفريق الفرنسي حكم الإعدام، لا يتم طلب هذا الحكم أو لفظه، وأنه إذا تمّ ذلك فيتم الحرص على أن لا تنفذ هذه العقوبة.
 

السابق
الأنوار: الجيش يحرر المخطوف الزحلاوي وعمليتا خطف في البقاع والشمال
التالي
النهار: الأمن أمام التحدّي: بعد 7 أيام لا خطف وغانم: مشاريع الانتخابات ضحك على الناس