هل بدأ زمن التحولات؟

 عادت العجلة السياسية إلى البلد أو إلى السياسة اللبنانية خارج البلد، من دون أن تواكبها أو توازيها حركة حكومية.
باريس هي أحد العناوين البارزة لهذه الحركة، فرئيس الحكومة السابق سعد الحريري فيها من أجل سلسلة لقاءات لعل أبرزها مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. هذا الإنفتاح الفرنسي على المعارضة اللبنانية، يحمل في طياته دلالات لافتة على الآمال التي تعقدها فرنسا على المعارضة اللبنانية في خضم تطورات الربيع العربي.

إلى هذه الحركة، يُتوقَّع أن تكون العاصمة الفرنسية على موعد مع حدث بالغ الأهمية يتمثل في لقاء زعيم المستقبل الرئيس الحريري مع زعيم المختارة النائب وليد جنبلاط. اللقاء هو الأول بين الرجلين منذ تشكيل هذه الحكومة التي لولا الصوت الجنبلاطي لَما كانت أبصرت النور.
اللقاء سيكون تأسيسياً، إذا صحّ التعبير، لأنه سيؤسس لمرحلة جديدة بين الزعيمين من شأنها أن تُعيد الأمور إلى نصابها وأن تضع حداً للتوازن الإصطناعي الذي ساد على مدى أكثر من سنة، كذلك لتضع حداً للأكثرية الوهمية التي قامت على أساس ان النائب وليد جنبلاط خرج من 14 آذار وحرمها من صفة الاكثرية.

اليوم تبدَّلت الدنيا وعاد جنبلاط إلى الموقع الذي انطلق منه، لكن المفاعيل لن تكون اليوم بل في الصيف المقبل مع إعطاء صفَّارة إنطلاق الإنتخابات النيابية المقبلة الآتية لا محالة، يُدرِك النائب وليد جنبلاط أن تطيير الحكومة في الوقت الراهن أمرٌ دونه مضاعفات ربما يدفع ثمنها الإستقرار في البلد، لذا فإنه لا هو ولا غيره مستعدٌّ للتضحية بهذا الإستقرار لأن التغيير الذي سيحصل لن يكون من فوق بل عبر صناديق الإقتراع التي تظهر مؤشراتها منذ الآن.

ماذا يعني هذا التحوُّل؟
إذا ما أُضيف إليه الموقف المتصاعد لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، فإن البلاد ستكون أمام جبهة جديدة سيكون من شأنها خلط الأوراق مجدداً وإعادة توزيعها وفق الأحجام الحقيقية للقوى وليس وفق الأحجام المصطنعة. ولكن هل ستمرّ هذه التحوُّلات من دون مضاعفات ومفاعيل؟
الجميع يتهيَّبون الموقف، فالتحوُّلات الأقل شأناً لا تمرّ ببساطة وسهولة وسلاسة، فكيف بالتحوُّلات الدراماتيكية الآنفة الذِكر؟
ربما لهذه الأسباب يبدو الحذر سيد الموقف والتحذيرات للزعماء وبعض السياسيين وبعض المسؤولين جديَّة، ومن أجل ذلك فإنهم يأخذونها على محمل الجد ولا يتساهلون حيالها لأنه من غير المسموح الإستهتار بالإجراءات الأمنية والأمور الإحترازية. إن أي نجاح لأي محاولة اغتيال، لا سمح الله، سيكون كفيلاً بإعادة خلط الأوراق بما يُناسب الذين يُخططون للفوضى، ولذا فإن اللقاءات النوعية تجري على الأرض الفرنسية وليس على الأرض اللبنانية.   

السابق
الخردل يحمي القلب
التالي
موسكو وإخلاء قاعدة طرطوس