روسيا تتحرك بوكالة «مدفوعة» عن إسرائيل

الفرق بين البعث السوري والعراقي هو في مستوى الدهاء، فقد ارتكز السوري على روابط طائفية تشبه روابط الماسونية اليهودية في السرية والتنظيم الصارم، ولهذا فليست إزالة هذا النظام بسهولة بعث الجارة الشرقية، يذكر وزير الصحة السوري عبدالرحمن الأكتع أنه كان في جولة في منطقة القنيطرة إبان حرب 1967 وسمع من راديو السيارة: «بلاغ 66: اضطر الجيش السوري للانسحاب من القنيطرة بسبب كثافة القصف الإسرائيلي الجوي والبري، وعلى الرغم من صمود جنودنا البواسل الا أن الجيش قد اضطر الى الانسحاب منها»، بحث عن جهاز هاتف واتصل بوزير الدفاع، حافظ أسد قال له «أنا في القنيطرة، لا يوجد قصف لا جوي ولا بري والوضع هادي، لشو الانسحاب منها؟»، فشتمه قائلا «لا تتدخل يا…. مو شغلك»، يقول الوزير «كانت مؤامرة صريحة كلها خزي وعار، فالجيش الإسرائيلي لم يدخل الى القنيطرة الا بعد انسحاب الجيش السوري بـ 17 ساعة» انتهى.
مناسبة هذا الحديث هو أن الصمت المريب لإسرائيل عما يجري في سورية ليس لعدم اهتمامها بهذا النظام الذي حفظ أمنها 45 سنة ولكنها بدهاء كبير قامت بنقل مهمة الدفاع عنه الى الحليف الثاني بعد الولايات المتحدة، روسيا، الذي هو أول بلد في العالم أعلن اعترافه بقيام إسرائيل عام 1948، حيث تعهد الكيان الصهيوني بتحمل كامل تكاليف دعم الروس للنظام السوري الذي هو أساسا صنيعة روسيا في التسليح والتنظيم البوليسي والمخابراتي، وقد تعهدت اسرائيل بإبعاد الضغوط الأميركية عن الدعم الروسي وإبقائها في اطار العمل الإعلامي الاستعراضي الذي تمارسه وزيرة الخارجية من مختلف العواصم البعيدة والقريبة برشاقة مسرحية سخيفة لتخفيف ضغط الرأي العام الدولي الذي تسببه مجازر وحشية غير محتملة إنسانيا، مجازر مفضوحة اعلاميا وبشكل يومي، الى درجة أن الروس أنفسهم مارسوا نفس الاستعراض باستنكار مذبحة داريا، مع استمرار الدعم اللوجستي المكثف عسكريا وسياسيا في أروقة مجلس الأمن.

نعم، فتش عن المستفيد من بقاء النظام القمعي في دمشق، إنها إسرائيل، وهذا الصمت المريب من جانبها لا يكفي لصرف الأنظار عنها فهناك تاريخ من العلاقات الإستراتيجية والمصيرية التي لا تتبخر في ساعة غضب شعبي يمكن أن ينكسر، مثلما تتوهم إسرائيل وعائلة المجرم «حافظ القنيطرة».

الموقف التركي الضعيف غير مقبول، فقد تسبب التأخير في حسم الصراع إلى وقوع ما كانت تركيا تخشاه من توظيف نظام دمشق للملف الكردي باستقدام مرتزقة وإرسالهم الى المناطق الكردية في سورية لمشاغلة الجيش التركي، والعلاج الحقيقي لهذا الموضوع يأتي من خلال اتجاه معاكس، بحسم الموضوع في أسابيع قليلة بدلا من استغراق الحسم لسنتين أو ثلاث ما يجعل لتركيا دورا مشرّفا في الوضع الجديد يقدره الشعب السوري بكل طوائفه ويمنع مكافأة تلك المساعدة بمشاغلة من أي نوع في الملف الكردي.

لقد اقتصر دور دول الخليج على الشيء الذي تقدر عليه وهو المساعدات الإنسانية وفي الغالب عبر جمعيات غير حكومية، مثل الهلال الأحمر والجمعيات الخيرية وبعض المساعدات الحكومية التي لا تتناسب مع حجم الكارثة، وهو تراخ نتمنى أن يتحول الى حركة واسعة لمواجهة تلك الكارثة التي خصص لها مجلس الأمن جلسة كاملة الأسبوع الماضي.

كلمة أخيرة (تويت): قال عمر رضي الله عنه: «إن «الجبت» السحر، و«الطاغوت» الشيطان، والشجاعة والجبن غرائز في الرجال، فالشجاع يقاتل عمن لا يعرف، والجبان يفر من أمه، وإن كرم الرجل دينه، وحسبه ـ بفتح السين ـ هو خلقه، وإن كان فارسيا أو نبطيا».  

السابق
النظام الإيراني و التزوير في محاضر رسمية
التالي
سورية لن تركع للعرب المتصهينين