قمّة عدم الانحياز في إيران..خرقت التوقعات العربية والغربية

شكّلت قمة عدم الانحياز في طهران أمس، الحدث الأبرز على المستويين الإقليمي والدولي لا سيما من خلال الحضور الرفيع والكثيف الذي فاق التوقعات الأميركية والغربية والذي يسجّل نقطة سياسية ثمينة لإيران ودورها في المنطقة. على الرغم من تزامن انعقاده مع دعوة فرنسا مجلس الامن لمناقشة المسألة السورية، إلا ان السعي الـغربي للتشويش على إيران ومؤتمرها ذهب أدراج الرياح وجاءت النتائج عكس ما أراد حيث نجحت إيران والحركة في عقد المؤتمر ما أدى الى إحداث ما يلي :

1) إعادة التوازن الى العلاقات في المشهد الدولي بعد نفض الغبار عن حركة عدم الانحياز التي أدخلت منذ عقدين تقريباً في ديجور التغييب اثر وفاة قادتها التاريخيين الثلاثة (عبد الناصر وتيتو ونهرو) وانحلال الاتحاد السوفياتي. وإعادة التوازن هذه جاءت محطة أخرى في طريق كسر الأحادية القطبية وإقامة النظام العالمي المتعدد القوى، فبعد أن كان الفيتو الروسي – الصيني قد عطل استعمال أميركا لمجلس الأمن كاداة لتنفيذ سياستها العدوانية، ما جعلها تذهب الى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التغطية على هذا المستجد، والقول بأنها ما زالت تتحكم «بالمجتمع الدولي»، فان حشد 120 دولة في طهران والتفافها حول قرارات عادلة عاقلة موضوعية لمصلحة الشعوب بعيداً عن إملاءات أميركا من شأنهما ان يعيدا التوازن المطلوب، ويمكن من القول بان هناك ولادة ثانية لحركة عدم الانحياز على اليد الإيرانية، ولادة أكدت قيام النظام العالمي الجديد .

2) تسفيه المنطق الغربي والإعلامي المعادي لإيران واظهار حقيقة الموقع الإيراني في المجموعة الدولية، حيث أن إيران التي تستضيف في هذا المؤتمر ثلثي دول العالم، تقول بهذه الاستضافة، إنها في قلب العالم ولن تغير في هذه الحقيقة الافتراءات والمزاعم الغربية المغايرة.

3) منح دول العالم المنضوية في حركة عدم الانحياز الفرصة للاطلاع على حقيقة الواقع الإيراني ومنجزات الثورة الإسلامية، ونتائج العمل السياسي بالقرار المستقل الذي يؤدي الى استثمار وطني للثروة وتفعيل للقدرات التي تحميها بعيداً من الهيمنة والاستتباع، وهي أمور تفاخر بها طهران وتشكل نموذجاً يحتذى.

4) فتح المجال أمام الساعين بإخلاص إلى حل الأزمة السورية لسلوك مسلك منطقي وواقعي لبلوغ نهاية سعيدة لهذه الازمة تحترم إرادة الشعب السوري وقراره المستقل في اختيار حكامه بعيداً من التدخل الغربي والعمل العسكري العدواني. وهنا يسجل ان مجرد اعتماد مثل هذا الموقف من قبل قمة عدم الانحياز يؤدي الى إجهاض ما حاولت أميركا وأتباعها من تصويره نجاحاً لها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة ضد سورية وشعبها.

5) التصدي لمسألة الهيمنة الأميركية والاستعمار الغربي وطرح مسائل دولية هامة تتعلق بمجلس الأمن وهيكلته. ورغم أننا نعلم أن هذا الامر لن يجد طريقه الى التنفيذ السريع الآن، فإن أهميته تبقى في ظهور ثلثي دول العالم بمظهر الساعي اليه، وهذا ما يجعل الغرب وأميركا بشكل خاص أمام تحدي الإرادة الدولية الساعية إلى العدالة والاستقرار.

وفي تقييم عام، نستطيع أن نقول إن مؤتمر القمة لحركة عدم الانحياز في طهران مَثَّلَ حلقة من سلسلة انتصارات إيران ومحورها وحلفائها، أضيفت الى حلقات سبق وشكلت صفعة للغرب تراكم إخفاقاته في المنطقة والعالم، وتؤكد القدرة على إقامة نظام عالمي متوازن، وشرق أوسط لأهله. 
 

السابق
اطردوا السفير السوري
التالي
هل يمكن طرد السفير السوري؟