النهار: 15 آب الخطف لبنان بلا دولة خلية أزمة للمخطوفين وتدابير لطريق المطار

مع أن لبنان يعيش منذ أيار الماضي مخاض المخاوف من انزلاقه الى متاهات الاضطرابات والتفجيرات الأمنية متأثراً بـ"استيراد" الأزمة السورية اليه، فان ما جرى في 15 آب الجاري بدا من الخطورة بحيث فاقت هذه المحطة كل ما سبقها من جولات، إذ وضعت لبنان على المسافة الاقرب من شبح فتنة لبنانية – سورية ولبنانية – لبنانية.
فموجة الخطف غير المسبوقة من حيث اتساعها والتي طاولت عشرات السوريين رداً على خطف اللبناني حسان المقداد في دمشق وضياع مصير اللبنانيين الـ 11 عند الحدود السورية – التركية، كانت لها نتائج كارثية على صورة لبنان الخارجية وكذلك على استقراره الداخلي من غير أن توفر أي ضمان قاطع لامكان التوصل قريباً الى مبادلة المخطوفين.
واذا كانت جولة "الحوار الوطني" المجتزأة والمنتقصة بغياب عدد من أركانها والزعماء السياسيين حاولت احتواء هذه النتائج الكارثية، فان ما أفضت اليه لم يكن الا انعكاساً لتفاقم الانقسامات والاحتقانات ولم تعوض تالياً، مع قرارات مجلس الوزراء التي تلتها، الفجوة المخيفة التي رافقت أكثر من 36 ساعة من التسيب والفلتان المسلح المستشري وعمليات الخطف وقطع طريق المطار وطرق أخرى.

وكشفت مصادر مواكبة للاتصالات الرسمية والديبلوماسية والسياسية التي جرت خلال اليومين الأخيرين لـنا بعض الجوانب القاتمة من مضاعفات عمليات الخطف والانفلاش المسلح وسط عجز رسمي سياسي وأمني وغياب تام لكل تدخل من الدولة، فقالت إنه بعد أقل من ثلاث ساعات من بدء ظهور ما سمي "المجلس العسكري" لعشيرة آل المقداد متبنياً عمليات الخطف واعلان تهديدات تطاول الرعايا الخليجيين والعرب والأتراك في لبنان، أعلنت مجمل السفارات المعنية بهذه التهديدات استنفاراً ديبلوماسياً غير مسبوق منذ الاعتداء الاسرائيلي على لبنان عام 2006. وإذ انهالت الاتصالات على المراجع والمسؤولين اللبنانيين لتأمين سلامة هؤلاء الرعايا، انكشف العجز الرسمي عن اتخاذ أي مبادرة أو اجراءات فورية من شأنها لجم عمليات الخطف وازالة المظاهر المسلحة في الضاحية الجنوبية وعلى طريق المطار وبعض المناطق المجاورة.

وقد أدت حال الذعر التي أظهرت لبنان على مشارف الهاوية فعلاً، الى مسارعة اكثر من خمس دول خليجية، وخصوصاً السعودية وقطر والكويت والبحرين والامارات العربية المتحدة والدولة التركية، الى توجيه تحذيرات عاجلة الى رعاياها لمغادرة لبنان مع تلميح بعضها، ولا سيما منها قطر، الى امكان اتخاذ اجراءات موجعة جذرية قد تطال اللبنانيين العاملين فيها.
وقالت المصادر إن خطر اتساع الخطر الأمني لم يعد محصوراً بالضاحية وجوارها بعدما شاعت معلومات عن ازدياد عمليات الخطف في مناطق الشويفات وبعلشميه مما هدد بنشوء واقع من شأنه أن يستنفر قوى حزبية وطائفية أخرى في مناطق الجبل. وأضافت ان اتصالات عدة أجريت في الساعات الـ 48 الأخيرة بين عين التينة والمختارة تولاها الوزير وائل أبو فاعور وتمحورت على التحركات التي كانت جارية على الأرض في الضاحية ووصلت الى مشارف الشويفات والجبل بقصد الحد منها ومنع توسعها.
وإذ اختصرت المصادر النتائج التي أدت اليها هذه الموجة بانها أظهرت على نحو مفجع أن لبنان هو بلا دولة، أشارت الى ان مجمل الحركة السياسية والأمنية التي جرت أمس في قصر بيت الدين سواء في جولة الحوار أو في جلسة مجلس الوزراء أو عبر القرار "الحاسم" الذي اتخذ بنشر الجيش بصفة دائمة على طريق المطار، بدا أقرب الى استلحاق الأضرار الضخمة التي تسببت بها "انتفاضة 15 آب العشائرية". والواقع أن الحصيلة المباشرة لعمليات الخطف رست مساء أمس على احتجاز نحو 15 سورياً وتركي واحد بعدما أطلقت عشيرة آل المقداد ستة مخطوفين وبدأ التفاوض بينها وبين اللجنة الدولية للصليب الاحمر لاطلاقهم في مقابل اطلاق المخطوف حسان المقداد من سوريا، علما ان العشيرة أعلنت بعد الظهر توقف كل عمليات الخطف.

الأمن والإعلام
وخاض مجلس الوزراء نقاشا مستفيضا في الملف الامني اذ قرر تأليف لجنة وزارية للقيام بمهمات "خلية أزمة" لحل مسألة المخطوفين، وتقرر دعوة الصحافيين الذين زاروا مدينة اعزاز للاطلاع منهم على طريقة دخولهم وخروجهم والجهة التي أمنت لهم ذلك. كما تقرر تكليف وزير العدل العمل على اصدار استنابات قضائية في حق كل من شارك أو ساهم في أعمال مخلة بالامن وعمليات خطف. وتطرق النقاش الى أداء المحطات التلفزيونية وحمّلها وزراء مسؤولية "تعميم الفوضى والتحريض والتجييش ونقل الصورة البشعة من دون رقابة كما في موضوع التهديد بخطف رعايا عرب وأجانب. وتقرر ايضا وضع خطة عملانية للامساك أمنيا بطريق المطار ومنع قطعه منعاً باتا

وسينعقد مجلس الامن المركزي اليوم للنظر في هذه الخطة واقرارها بالتنسيق بين القوى الامنية.
على أن ممارسات الخطف لم تتوقف نهائيا اذ سجل مساء فقدان رجل الاعمال رجا زهيري الذي وجدت سيارته في عرمون. وذكر أن اجتماعا طارئا ضم مسؤولين من الحزب التقدمي الاشتراكي و"حزب الله" لمعالجة الموقف. كما أفيد عن خطف شخصين في منطقة التيرو – الشويفات أحدهما من التابعية السورية.   

السابق
السفير: عشائر الحوار تقطع طريق الحل والمصنع مقابل المطار!
التالي
الأعياد في لبنان