الشرق الأوسط: عشيرة المقداد اللبنانية تخطف 30 سوريا ومواطنا تركيا بعد اعتقال الجيش الحر لابنها

فقدت الدولة اللبنانية سيطرتها أمس على الوضع الأمني في لبنان بعدما أقدم عناصر أطلقوا على أنفسهم اسم "الجناح العسكري لعائلة آل المقداد" على خطف مواطنين سوريين قيل إن عددهم تخطى الـ30، بالإضافة إلى مواطن تركي. وهدد "الجناح العسكري" بأن "لديه بنك أهداف واسعا جدا وقادرا على الوصول إقليميا"، بعدما توعد بخطف رعايا الدول العربية التي تدعم "الجيش السوري الحر" الموجودين في لبنان، وتحديدا قطر والسعودية، وذلك على خلفية إعلان كتيبة من "الجيش الحر" أول من أمس عن اعتقال مواطن لبناني يدعى حسان المقداد، وادعائها بأنه قناص من حزب الله دخل سوريا ضمن 1500 عنصر آخرين لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وفاقمت الأنباء المتضاربة التي لم تتأكد صحتها حتى كتابة هذه السطور عن مقتل عدد من الحجاج اللبنانيين المخطوفين في سوريا، نتيجة قصف نظامي عنيف استهدف مدينة أعزاز في حلب، من سوء الوضع الأمني مساء، في غياب أي موقف رسمي طوال النهار من أي مسؤول لبناني أو قيام الأجهزة الأمنية بأي تحرك أو اتخاذ أي تدابير، بينما ترددت أنباء عن رفض عائلة المقداد استقبال وزير الداخلية، مروان شربل، في مقرها ورفضها لكل الاتصالات السياسية لتهدئة الوضع.

وسادت حالة من الفوضى منطقة حي السلم في الضاحية الجنوبية وخصوصا في منطقة التيرو – الشويفات، حيث مقر "حملة الإمام الصدر"، التي كان عدد من المخطوفين السوريين في عداد حملتها أثناء خطفهم. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن عددا من أهالي وأقارب وجيران المخطوفين الـ11 في سوريا، نزلوا إلى الشوارع، وبدأوا بالتعرض للسوريين وممتلكاتهم في المنطقة، ردا على ما تردد من معلومات غير مؤكدة عن مقتل 4 من أبنائهم في منطقة أعزاز في حلب. ولفتت "الوكالة الوطنية" إلى "حصول ظهور مسلح في المنطقة". وأكدت أن "التعديات شملت تكسير محلات وعربات للبيع وخطف لعشرات السوريين"، مشيرة إلى أن "الأمر خرج عن السيطرة ولم تنفع حتى الآن أي محاولات حزبية أو رسمية لضبط الوضع".
وكان القائد الميداني محمد نور، وهو الناطق الإعلامي باسم الجهة الخاطفة للحجاج اللبنانيين، أعلن عن مقتل 4 حجاج في قصف عنيف للقوات السورية النظامية استهدف مكان وجودهم في أعزاز، بينما أصيب الـ7 الآخرون بجروح تراوحت بين المتوسطة والبالغة وتم نقل الجرحى إلى مستشفيات داخل سوريا، لكن أنباء لاحقة أفادت عن مقتل الحجاج الـ11 من دون أن تتأكد صحتها.

وقالت الحاجة حياة العوالي، من "حملة بدر الكبرى"، أنها تلقت اتصالا مساء أول من أمس من المخطوف اللبناني عباس شعيب خلال وجوده على أحد المعابر التركية، وكشفت عن "مفاوضات كانت تجري مع سعد الحريري منذ يومين لإعادة الحجاج إلى بيروت قبل العيد ثم غاب عن السمع"، وحملت "سعد الحريري مباشرة والنائب عقاب صقر وقوى (14 آذار) وكل من يمت لبيت الحريري بصلة، مسؤولية الحجاج بعد وقف المفاوضات"، وأكدت: "إننا من الناس الذين لا نترك ثأرنا".

وفي ما يتعلق بخطف حسان المقداد، كشف حاتم المقداد، شقيق المخطوف، عن تلقيه اتصالا من وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، عدنان منصور، الموجود في السعودية، بشأن المخطوف التركي وتمنى عليه إطلاق سراحه. ونقلت عنه "الوكالة الوطنية" قوله لمنصور: "لست على استعداد لأن أعطيك (فردة حذاء) واحدة تعود للمخطوف التركي قبل أن يعود حسان، كما قلت له إن التفاوض بغير عودة أخي لا ينفع".
وشدد المقداد على أنه لا يمكن أن "تنجح أي وساطة من قبل أي مسؤول لبناني إن كان رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة أو غيرهما، فقد رأينا بأعيننا ما حصل مع المخطوفين اللبنانيين في سوريا من قبل، وكيف كان مصيرهم"، كاشفا أنه "سيكون لنا تحركات أكبر ومفاجأة سوف تدهش الكثيرين وتطال شريحة معينة هنا في لبنان"، من دون أن يكشف عن مضمونها. وتعد عائلة المقداد واحدة من أبرز العشائر الكبرى الموجودة في منطقة البقاع وجبيل (تعدادها نحو 17 ألف شخص) وقد تضامنت معها عشائر بقاعية أخرى أمس شاركت في عملية خطف سوريين موجودين في لبنان، من بينها عشيرتا زعيتر وشمص.
وكشف أحد أفراد عائلة المقداد، ويدعى حسن المقداد، أن "عائلتي آل جعفر وزعيتر تضامنتا معنا"، كاشفا عن "عملية نوعية لبيت جعفر داخل الأراضي السورية".
وكانت قناة "الميادين" عرضت صباح أمس شريط فيديو يظهر فيه مخطوفان من قبل آل المقداد قالوا إنهما نقيب وضابط من "الجيش الحر". واعترف النقيب، ويدعى محمد، أنه يتواصل مع شخص، اسمه عبد، ويتلقى أموالا نقدية من قبل عضو كتلة المستقبل النائب خالد الضاهر. وطالب محمد "الجيش السوري الحر" بتحريره، وتحرير الأسرى اللبنانيين الذين بحوزتهم.
من ناحيته، أكد النائب ضاهر أنه "لا يعرف النقيب المخطوف ومن خطفه، وأن ما يجري هو حفلة للإساءة للسوريين الهاربين إلى لبنان"، مطالبا بالإفراج عن حسان المقداد. ونفى ضاهر معرفته بمجموعات "الجيش الحر"، معتبرا أن "زج اسمه في هذا الموضوع هو من قبل ممارسات النظام السوري ضده".

كما حضر إلى رابطة آل المقداد أمس عضو مجلس الشعب السوري أحمد الشلاش من منطقة دير الزور يرافقه عدد من العمال السوريين، ودعا "أي إنسان يريد تحريك فتنة في لبنان أن لا يحركها، فالأزمة في سوريا موضوع سوري بحت ويجب إبقاؤه هناك". وشدد الشلاش على أن "العامل السوري في لبنان أتى ليجني مصدر رزقه لا لحمل سلاح"، معربا عن استعداده "للقيام بوساطة بين آل مقداد والخاطفين السوريين لإنهاء هذا الموضوع".
وفي غضون ذلك أفادت "الشرق الأوسط" مصادر لبنانية بأن مجموعة مسلحة من عشيرة آل جعفر دخلت منذ بعض الوقت إلى سوريا وتحديدا إلى منطقة حمص وقامت بخطف مجموعة كبيرة من "الجيش السوري الحر" وهي في طريق العودة إلى لبنان.
من جهة أخرى، أعلن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تأكيده أن "تصريحات الشيخ عباس زغيب في قضية المختطفين السوريين من قبل آل المقداد تعبر عن رأيه فقط"، بعدما أكد خلال زيارته آل المقداد في الضاحية الجنوبية، أن "ما أخذ بالدم لا يسترد إلا بالدم".

ومن جانبه أعرب المجلس الوطني السوري عن استيائه البالغ لاختطاف عدد كبير من المواطنين السوريين، الذين لجأوا إلى لبنان هربا من القمع الدموي في بلدهم، على يد مواطنين لبنانيين مسلحين بحجة اختطاف أحد أقربائهم من قبل مجهولين في سوريا.
وأصدر عبد الباسط سيدا بيانا قال فيه إن "المجلس الوطني السوري يندد بهذه التصرفات التي تضيف معاناة جديدة إلى معاناة السوريين في لبنان، ويناشد السلطات اللبنانية اتخاذ الإجراءات الضرورية فورا لوقف هذه الأعمال التي تهدد بتبعات خطيرة كالخطف والخطف المتبادل. ولا يخفى على السلطات اللبنانية محاولة النظام السوري تصدير أزمته إلى الخارج، وخصوصا إلى لبنان الشقيق". وأضاف: "إننا على ثقة بقدرة السلطات اللبنانية التي كشفت عمليات أمنية معقدة وعملاء لأجهزة استخبارات قوية، على وقف هذه الظاهرة الخطرة، ولن نستغرب إذا ثبت أن هذه الظاهرة مرتبطة بخطة سماحة – مملوك لزعزعة الأمن في لبنان وزرع الفتنة الطائفية فيه".

وناشد سيدا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة في لبنان العمل على تأمين سلامة السوريين المخطوفين وجميع السوريين الموجودين في لبنان الذين استجاروا بإخوانهم في لبنان كما استجار بهم إخوانهم اللبنانيون في عدة مناسبات؛ آخرها حرب 2006، ويتوقع المجلس الوطني التحرك بأسرع ما يمكن لوأد فتنة يعمل نظام الأسد على زرعها وتأجيجها.
  

السابق
الإبراهيمي وما يمكن أن يقوله للأسد
التالي
قداس بعيد انتقال العذراء في مرجعيون بمشاركة اليونيفيل