عيد الجيش.. عيد لبنان

اليوم، عيد الجيش.
ففي الأول من آب، يحتفل لبنان بعيده.
وهل، مثل الجيش، يختصر الوطن بمضمونه؟.
سمّاه مؤسسه ب الصامت الأكبر.
وجعله القائد المؤسس الموقع المهيب، العصيّ على التشهير، والبعيد عن الثرثرة الكلامية.
كان فؤاد شهاب يضعه في مرتبة بين القداسة والغرابة.
ولم يَغْرب عن وجهه لحظة، انه معقد رجاء الأمة، ومناط أمل المواطنين.
تبدّلت نظرته مرة واحدة، عندما أصبح رئيساً للجمهورية.
لكنه، ظلّ مدرسته الدائمة التي يستلهم منها تجربته.
وعندما أقسم اليمين الدستورية، في 23 أيلول 1958، رسم الحدود الفاصلة بين قيادة الجيش وبين السياسة، حيث الكلام هو السيّد.
لكنه وضع عبارة: الأركان تدرس والقائد يقرّر.

هكذا، كانت الأمور تدرس وتقرّر عند تأسيس الجيش اللبناني.
ماذا يجري الآن.
الدولة الى ضياع وانحلال.
والسلطة السياسية تحوّلت الى مجموعة سلطات وكتل نيابية وسياسية.
والجيش في عيده، تنهال على صدره النصال والشتائم، وهو أرفع منها قيمة وعنفوانا.
ليس المطلوب الآن، ان تنهال على الجيش الصفات الطاهرة.
وليس مطلوباً من أحد، ان يُسبغ عليه العبارات الكبيرة، ولا أن يضفر له خصائل حميدة، مرصّعة تاريخه وحاضره بالأمجاد.
الناس، لا تحب، وهو أيضا لا يُحب الملق المصطنع، ولا يستسيغ ولا يستسيغون الثناء المقصود لغاية أو من دون أي غاية.
هذه، هي قضية الكهرباء، الهائمة من مضجع الحرتقات، الى مرتع المواقف المشبوهة.
كل فريق ينام على غاية.
… وينهض على اشاعة.
كأنّ البلد تحوّل الى مجموعة كانتونات كهربائية.
لا أحد يعرف من يقف تماماً وراء المياومين.
لا أحد يدرك من يسعى الى الإمعان في تداعيات السلطة، ليهتدي الى أي سلطة يسعى كل مياوم الى اقامتها.
السلطة غائبة، غارقة حتى أخمص قدميها، في حرب تناتش الصفقات.
أين أصبحت البواخر؟
أين يسعى كل مسؤول، الى مغارة يركن سيارته عند أبوابها، ليهرب عند الحاجة، بما سيفوز به من انجازات شخصية ومصالح ذاتية.
أين ضاع مشروع قانون الانتخابات، بين نسبية مبهمة، ونظام أكثري مشبوه بالاتهامات والغايات.
هل تأجّل مشروع النسبية، لأنهم لا يجرؤون على الاعتراف بمشروع زياد بارود، الحضاري، والمغيّب عن المنطق الحكومي لألف غاية وغاية؟
لا يستأهل هذا البلد، هذه الحرتقات والبلاد مريضة بوباء خطير، لا علاج له على يد الطبقة السياسية الحاكمة أو المعارضة.

لنعد الى عيد الجيش.
هذا، هو وحده الأمل، قائداً وأركاناً وضباطاً وأفراداً، في بناء دولة على أسس ديمقراطية سليمة.
وفساد الطقم السياسي، لا يبرّر الحكم على النظام السياسي بالفشل.
الممثلون للنظام ليسوا هم الممثلين للطبقة السياسية القائمة.
هم أعداء أنفسهم.
وأعداء للمواطنين.
والأمل المفقود هو الضائع!!  

السابق
الولي في واشنطن!
التالي
في الإصلاحي مجدّداً