إسرائيل تتأهّب لحرب عصابات عبر الأنفاق… وحزب الله لعناصره جنوباً در

تتدرّب قوات الاحتلال الإسرائيلي على المطاردات تحت الأرض باستخدام الإنسان الآلي والكلاب المدربة، خشية زيادة وتيرة شق الأنفاق وإقامة المخابئ على أيدي مقاتلي حزب الله اللبناني والمقاومة الفلسطينيّة.
وقال ضابط برتبة ميجر من وحدة ياهالوم "الماس" التابعة لسلاح المهندسين الإسرائيلي: "يمكن أن تلمح تهديدًا متزايدًا".
وأضاف الضابط – خلال تدريب بقاعدة سيركين للقوات الخاصة في وسط إسرائيل: "نجمع المعلومات وندرسها ونقيم منشآت لتدريب جنودنا".
ويتم تسليح أفراد وحدة "ياهالوم" بالمسدسات والبنادق قصيرة الماسورة لتسهيل الحركة في الممرات الضيقة، كما أن هناك إمكانية لوضع أقنعة الأكسجين في حالة وجود مشكلة في التهوية.
وبعد أن فجر الجنود باب نفق زائف تم سحب إنسان آلي مزود بكاميرا من حقيبة والدفع به في الداخل، وأعقبت ذلك معركة أطلق فيها جنود طلقات فارغة في مواجهة زملاء يقومون بدور مقاتلس حزب الله، ويستعين الإسرائيليون بالكلاب المدربة لاكتشاف الشراك الخداعيّة في الأنفاق والتعامل مع المدافعين عنها إذا لزم الأمر.
وتعكس هذه الاستعدادات المخاوف من أنه إذا شنت إسرائيل أو الولايات المتحدة هجمات على البرنامج النووي الإيراني فربما ترد طهران عبر حلفائها باستهداف إسرائيل.

وخلال حرب لبنان عام 2006 عمل مقاتلو حزب الله الذين كانوا أقل عددًا وعتادًا على شق أنفاق لصد القوات الإسرائيليّة، وتشتبه إسرائيل في أن حزب الله منذ ذلك الحين أقام شبكات تحت الأرض لنصب الكمائن في أي صراع في المستقبل.

وقال نيكولاس بلانفورد وهو محلل في مؤسّسة "جينز" العسكرية مقيم في بيروت: "فوجئت القوات الإسرائيلية تمامًا بحجم هذه الشبكات تحت الأرض وتطورها"، وأضاف أن الأنفاق مكنت حزب الله من إطلاق صواريخ على إسرائيل عام 2006، وتابع قائلا: "مع وجود بعض مخابئهم على مقربة كبيرة من الحدود، لن يفاجئني على الإطلاق أن يكونوا قد حفروا تحت الحدود لاستخدامات لاحقة".

 وإلى جانب هذه الأنفاق أقيمت مخازن سلاح وذخائر تحت الأرض، في مناطق مختلفة ضمن ما يسمّى "خطة النمل"، عبر إقامة مخازن ثابتة ونقّالة، حتى لا تتعرّض معدّاته الحربية للتدمير.
وأوضحت الدراسة أنّ هذه الحصون تحتوي على مواقع لإطلاق النار ومنشآت لتخزين الذخائر وغرف عمليّات ومهاجع ومنشآت طبّية وأنظمة إضاءة وتهوئة ومطابخ ومراحيض وأنظمة لتسخين المياه، مجهّزة بشكل يسمح لعشرات المقاتلين بالعيش تحت الأرض لأسابيع من دون الحاجة للتزوّد بالمؤن.

أنفاق خارج الجنوب
وكشفت معلومات خاصة بـنا، أنّ "حزب الله" أقام من ناحية أخرى شبكة أنفاق خارج الجنوب، وتردّد أنّه عمد منذ أعوام إلى شراء مساحات شاسعة من الأراضي في منطقة الهرمل القريبة من الحدود مع سوريا، وحفر فيها الأنفاق والمخازن في جرود منطقة الشعرة في البقاع، التي تصل إلى عمق الأراضي السورية في صيدنايا وسرغايا.
وهذه الأنفاق لها أهمّية استراتيجية كونها بعيدة من المواجهات العسكرية، وقريبة من سوريا، بحيث يمكن للحزب من خلالها تهريب الصواريخ والعتاد والذخائر عبر الأراضي السورية في حال حصول مواجهات عسكرية مع الإسرائيليّين.
إلّا أنّ رصد الأنفاق ومحاولة تحديد أماكنها باتت مهمّة إسرائيلية مرهقة بالتنسيق مع أجهزة غربية، وتردّد أنّ إسرائيل تمكّنت من رصد عملية حفر الأنفاق وهي تمتلك صوَراً جوّية عنها. وقال مصدر في "حزب الله" في حديثه إلينا "ترسل أجهزة مخابراتية دولية من وقت إلى آخر مجموعات إلى المناطق التي تعتقد أنّها تخفي أنفاقاً للاستطلاع والترقّب، ونحن ندرك ذلك، ونعلم بكلّ هذه التحرّكات، وليحاولوا ما شاؤوا!".
 
قرى لبنانية افتراضية
ولم يكتفِ الإسرائيليّون برصد شبكة الأنفاق والسعي إلى الحصول على أماكن انتشارها، بل عمدوا إلى تنظيم تدريبات ومناورات في قاعدتي "الياكيم" و"سيركين" العسكريتين حيث تتمركز وحدة الهندسة للمهمّات الخاصة التابعة للقوّات البرّية الإسرائيلية.
وقد أجريت تدريبات ومناورات داخل "أنفاق" شبيهة بأنفاق "حزب الله" وفي قرى افتراضية بناها الإسرائيليّون على شاكلة القرى الجنوبية اللبنانية. كما أُقيمت منشأة خاصة مكوّنة من طابقين، تحت الأرض، تحاكي مقرّ قيادة تابع لمنظمة "إرهابية"، تضمّ غرفة عمليّات وهميّة، وأنفاقاً خاصة لخروج المقاتلين المفترضين وقت الهجوم، إضافة إلى فتحات تهوئة وخطّ كهربائي يُمكِّن المقاتلين من الإقامة في المنشأة لفترة طويلة.

حرب أنفاق
وكشفت المصادر أنّ الإسرائيليّين يعتبرون أنّ الحرب المقبلة مع "حزب الله" ستكون حرب أنفاق بامتياز، وهذه الحرب قد تساعد الجيش الإسرائيلي على التفوّق. ونُقل عن أوساط إسرائيلية قولها خلال لقاءات مع جهات عسكرية أميركية: "إذا لم نتدرّب على معرفة وضعيّة هذه الأنفاق ومواقع المواجهة، فإنّ تنفيذ مهمّتنا سيكون صعباً، لذا نحن نتدرّب جيّداً على احتمال حرب الأنفاق، لأنّ هذه التدريبات كفيلة بأن تجلب لنا التفوّق وتحقيق الهدف".
ولفتت أوساط غربية، أنّ المخابرات العسكرية الإسرائيلية تتوقّع أن يضمّ كلّ موقع لـ"حزب الله" داخل الأنفاق ما بين 10 و15 عنصراً، مزوّدين بمختلف المعدّات الحربية المتطوّرة، والحاجات الضرورية، والطعام والشراب بما يساعدهم على الصمود والبقاء لمدّة شهر على الأقلّ داخل الأنفاق.

صوَرٌ من داخل النفق
وتابعت الأوساط: "وبناءً على هذه التوقّعات أعدّ الجيش الإسرائيلي برنامج تدريب استخدم فيه جهاز "IPOL" وهو من الأجهزة الإلكترونية المتطوّرة التي استحدثها الجيش الإسرائيلي بعد حرب تموز 2006، ليتجنّب أن يفاجئه "مقاتلو الأنفاق" في الجنوب اللبناني أو غزة داخل الكمائن والمخابئ. والـ"IPOL" جهاز صغير الحجم، كروي الشكل يحتوي على معدّات لاقطة للصوت والصورة، يمكن رميه داخل النفق لرصد الصور وعدد المقاتلين وأحاديثهم.
واللافت أنّ هذا الجهاز الصغير ينقل هذه المعلومات إلى جهاز كمبيوتر يحمله الجنود الإسرائيليون، فيساعد في شكل كبير الوحدة العسكرية على معرفة ما قد تواجهه في الداخل. وبناء على معطيات هذا الجهاز يقرّر قائد الوحدة طريقة إدارة المواجهة مع المقاتلين داخل النفق أو المخابئ.

حرب تحت الأرض
ورأى خبير عسكريّ أنّ "الجيش الإسرائيلي يستعدّ لخوض حرب تحت الأرض لا فوقها، خصوصاً أنّ "حزب الله" يمتلك عشرات القواعد المحصّنة تحت الأرض التي يستخدم بعضها لإدارة المعركة وتوجيه المقاتلين، والبعض الآخر كمنصّات وقواعد لإطلاق الصواريخ. وستكون المعركة داخل الإنفاق… ومن نفق إلى نفق ما بين وحدات من نخب الكوماندوس الإسرائيلي ووحدات مقاتلة من "حزب الله".
وأوضح الخبير الذي كان يحمل خرائط عن مناطق في الجنوب والبقاع الغربي، أنّ التغيّرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تعزّز بالنسبة إلى الدولة الإسرائيلية التهديدات التي يمثّلها المحور الإيراني والمتمثل بـ"حزب الله" وحركة "حماس". ووفقاً للتقديرات الإسرائيلية فإنّ "حزب الله" ليس الوحيد الذي يمتلك قواعد تحت الأرض بل حركة "حماس" تقيم هي الأخرى عشرات القواعد على شكل "أنفاق قتالية" تربط بين العديد من البيوت في قطاع غزّة إضافة إلى ما يسمّيه الجيش "أنفاق الإرهاب" التي تستخدم لتهريب الوسائل القتالية المختلفة.

وفي هذا الإطار، أكّدت مصادر في "حزب الله" لـنا أنّ "العدوّ الإسرائيلي سيُفاجأ، في حال أقدم على مغامرة عسكرية طائشة، بردّنا المختلف كلّياً وجَذريّاً عن حرب تموز الماضية. فلم تعُد المسألة تتعلق بالأنفاق، بل بمنصّات الصواريخ المزروعة على طول البلاد وعرضها سرّياً. ونحن دائماً في جهوزية عسكريّة، وشعارنا دوماً "جنوباً… دُر". 

السابق
غناجة … مات أم قتل
التالي
إسبانيا ملكة أوروبا للمرة الثانية