السفير: الحكومة تتجاوز النكسة: سلة متكاملة مع روزنامة؟

إذا كانت هدنة طرابلس الأمنية قد اهتزت بعض الشيء، قبل ان يتدخل الجيش بحزم لإعادة تثبيتها، وإذا كانت قضية المخطوفين في سوريا كادت تخرج عن السيطرة، أمس، بعدما طفح كيل الأهالي، فإن الواقع الحكومي المأزوم يبدو في طور الخروج من عنق الزجاجة، نحو «هدنة سياسية»، ستطول او تقصر، تبعاً لمدى التزام أطرافها بـ«ورقة التفاهم» التي وُلدت خلال الساعات الماضية، متضمنة خريطة طريق لمعالجة الملفات المجمدة منذ وقت طويل، بعدما أيقن أقطاب الأكثرية أن الشلل الحكومي استنزف الكثير من رصيدهم السياسي والانتخابي، وانه لا بد من انعطافة جذرية تعيد تعويم هذا الرصيد قبل فوات الاوان.

وهكذا بدا ان مكونات الأكثرية قررت في 5 حزيران (يوم نكسة 1967) تجاوز «النكسة» الحكومية المتمادية، من دون ان يعني ذلك الإفراط في التفاؤل، في انتظار ترجمة الاقوال الى أفعال، لاسيما ان التجارب السابقة أثبتت ان الشياطين لا تلبث ان تظهر من بين التفاصيل لتعيد الأمور الى نقطة الصفر. وقد جاء اللقاء الثلاثي في قصر بعبدا ليل أمس، بين رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، ليتوّج الاتفاق الذي توصل إليه أركان الأكثرية بعد مفاوضات ماراتونية تناولت كل المواضيع الخلافية.
وفي المعلومات أن الاتفاق يلحظ الإسراع في قوننة الإنفاق، وإتمام التعيينات الإدارية، وإنجاز الموازنة، وإقرار مشروع قانون الانتخاب الذي جرى التفاهم على مبادئه الرئيسية، وتنفيذ المشاريع الإنمائية والاستثمارية، وكل ما سبق التوافق عليه على طاولة مجلس الوزراء.
وعُلم ان العنصر المحوري في الاتفاق يتعلق بعامل السرعة في التطبيق، إذ تم وضع مهل زمنية محددة لتنفيذ ما تم التفاهم عليه، ومن المفترض ان يكون شهر حزيران الحالي حاسماً لجهة المباشرة في وضع البنود المشار إليها قيد التنفيذ.
وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«السفير» إنه سيتم تثبيت هذا التفاهم في الوقت الفاصل عن موعد جلسة مجلس الوزراء يوم غد، على قاعدة تفعيل عمل الحكومة ككل وتصويب أسلوبها في التعامل مع القضايا العالقة، بما يتجاوز إطار حل أزمة الإنفاق المالي الذي سيكون جزءاً من سلة متكاملة.
واشارت المصادر الى ان جلسة الغد ستكرس المرحلة الجديدة من العمل الحكومي، عبر مدخل الإنفاق المالي، الامر الذي سيعطي قوة دفع للملفات الأخرى. ولفتت المصادر الانتباه الى ان توافق أركان الاكثرية، على وجوب إحداث صدمة إيجابية عاجلة في أداء الحكومة، يعود الى استشعارهم بان بقاء الوضع على حاله بات يرتب أكلافا ثقيلة عليهم.

سليمان.. والإنفاق
وفي سياق متصل، قال رئيس الجمهورية ميشال سليمان لـنا عشية سفره إلى الإمارات اليوم إن مجلس الوزراء سيقرّ في جلسته غداً الخميس الحل القانوني لموضوع الإنفاق المالي، وهو سيكون أمراً قانونياً وليس تسوية أو عبارة عن مخرج سياسي، «فالكل يعلم ان الإنفاق العام يحتاج إلى موازنة عامة، والى حين انجاز مشروع قانون موازنة العام 2012، سنقر سلفاً مالية لحاجات الوزارات الاضطرارية، ونحيلها إلى المجلس النيابي، وهذا أمر معروف ومتداول منذ زمن وليس جديداً، ولا اعتقد ان أحدا من النواب بصدد عرقلة عمل الدولة والانفاق، اما اذا حصل تعطيل، ولا اظن ذلك سيحصل، ساعتها سأكون مضطراً لتوقيع مرسوم بإصدار هذه السلف لتأمين الانتظام العام في سير مرافق الدولة».

بري: نمط جديد
وقال الرئيس نبيه بري لـنا إنه كان ينادي منذ البداية بضرورة معالجة أصل المشكلة التي تعاني منها الحكومة، والمتمثلة في الشلل العام، بدلاً من التلهي بنتائج المشكلة، موضحا انه سبق ان أبلغ المعنيين بانه لن يتدخل لتأمين الاموال لحكومة تعطل نفسها بنفسها، وان المطلوب تغيير نمط العمل بمجمله، وعندها يهون حل مشكلة الإنفاق المالي، وهذا ما حصل بالفعل، إذ بمجرد التوافق مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على إطلاق دينامية جديدة في مجلس الوزراء، أمكن إيجاد مخرج لأزمة الإنفاق.

المخطوفون
الى ذلك، عاد ملف المخطوفين اللبنانيين في سوريا الى دائرة الضوء أمس، بعدما كسر أهالي المخطوفين صمتهم الاضطراري، وقاموا بتحرك مباغت، سواء عبر قطع بعضهم طريق المطار بأجسادهم لبعض الوقت، أو عبر تصريحات تتضمن إشارات الى تصعيد تحركهم.
وطرأ تطور إضافي على هذه القضية أمس مع تعرف بعض النساء من اقارب المخطوفين على اثنين من الخاطفين، ظهرا خلف معارضين سوريين قدموا أنفسهم على أنهم من «الجيش السوري الحر»، خلال مقابلة أجرتها معهم «المؤسسة اللبنانية للإرسال» في قرية تركية تقع على الحدود مع سوريا.
وإثر ظهور هذا المعطى المستجد رشح عن الأهالي تلويحهم بأن كل من هو مؤيد لـ«الجيش الحر» أو ينتمي إليه، سواء في سوريا أو لبنان، قد بات هدفاً بالنسبة لهم، سعياً الى التبادل مع الخاطفين، فيما سارعت قيادتا «حركة أمل» و«حزب الله» الى محاولة احتواء التحرك، لئلا يؤثر سلباً على المفاوضات الجارية .  

السابق
الشرق الأوسط: رصاص قنص يخرق هدنة طرابلس الهشة بعد انتشار الجيش اللبناني بين باب التبانة وجبل محسن
التالي
النهار: لاءات سليمان لقوى 8 و14 آذار: حوار من دون شروط وضمن اتفاق الطائف