ثورة في العلاقة بين السلطة والصحافة

أثار أمس، الكشف أن اللورد ليفيسون، رئيس لجنة التحقيق في فضيحة تنصت الصحافيين في امبراطورية ميردوخ الاعلامية على المكالمات الهاتفية في بريطانيا، طلب من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية الى الشرق الأوسط الذي مثل أمام لجنة التحقيق أول من أمس، أن يساعده في تحديد مستقبل الصحافة في بريطانيا، ضجة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء، اذ أن ليفيسون كشف في هذا الطلب أن مهمته لا تنحصر في تحديد الجهة المسؤولة عن الخروقات القانونية في فضيحة التنصت، بل تتجاوزها لاجراء «ثورة في الاعلام البريطاني» وتحديد العلاقة بين القيادات السياسية ووسائل الاعلام في المستقبل.

وكان ليفيسون صدم الرأي العام أول من أمس، عندما خاطب بلير أثناء تقديمه شهادته تحت القسم أمام لجنة التحقيق قائلاً «انني أصبت باكتئاب شديد»، وذلك تعليقاً على ما سمعه من بلير عن نفوذ أصحاب الصحف ووسائل الاعلام في الأروقة السياسية وبالذات داخل أروقة السلطة. فشهادة بلير جاءت لتؤكد الاشاعات التي راجت في الأشهر الأخيرة عن القدرة اللامحدودة لوسائل الاعلام في نيل ما تريد، والقدرة على الافلات من العقاب في حال ارتكاب العاملين فيها للخروقات القانونية، مثلما حدث مع صحافيي ميردوخ الذين أفلتوا المرة تلو الأخرة من قبضة القانون بعد انكشاف تنصتهم على مكالمات المواطنين بمساعدة قادة وعناصر من جهاز الشرطة.

والملفت للنظر أن بلير الذي اعتبر لغاية الآن كأحد المتهمين الرئيسيين في تقوية نفوذ وسائل الاعلام وبالذات نفوذ ميردوخ على الساحة البريطانية، أصبح فجأة أحد المكلفين وضع تصوّر لمستقبل العلاقة بين السياسيين والاعلاميين في البلد. وذكرت تقارير بريطانية أن ليفيسون طلب من بلير في ختام جلسة الاستماع لشهادته الأثنين بالانضمام الى عضوية لجنة مؤلفة من مجموعة منتقاة من الشخصيات البارزة في بريطانيا ستعمل على مساعدة ليفيسون على كتابة تقريره النهائي والذي سيتضمن التوصيات التي سيرفعها الى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

وأصرّ بلير خلال شهادته على أنه طوال الفترة التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء كانت علاقته مع ميردوخ على المستوى المهني فقط، نافياً تقديم أي خدمات لميردوخ. وروى بلير أن ميردوخ هو الذي اتصل ببلير في مارس 1997 عن طريق وسطاء وأبلغه أنه سيُبدِّل ولاءه لـ «حزب المحافظين» ويؤيد حملة بلير و«حزب العمال» للوصول الى الحكم في الانتخابات التي جرت لاحقاً في ذلك العام. وسأل أحد أعضاء لجنة التحقيق بلير ما اذا كان موقف بلير المعادي للنقابات في بريطانيا هو سبب تأييد ميردوخ له، فرد بلير قائلاً أنه حصل على تأييد ميردوخ من دون تقديم أي التزمات له.

يشار الى أن برنامج بلير الانتخابي عام 1997 تضمن فصلاً عن ضرورة الحد من نفوذ اتحاد النقابات في بريطانيا، وهو ما اعتبره الكثيرون على أنه القاعدة المشتركة التي جمعت بين بلير وميردوخ، وسُئل بلير عن هذا الموضوع بالذات، لكنه نفى أن يكون فعل ذلك ارضاء لميردوخ.

السابق
فتح وحماس بحثتا في القاهرة تشكيلة الحكومة الفلسطينية الجديدة
التالي
لعيون حافظ بشار