السفير: بــري لالتئـام طاولـة الحـوار وجنـبلاط يـرحـب وميـقاتـي يدعـو إلـى مصالحـة حقيقيـة

تختتم طرابلس، اليوم، أسبوعها الأمني الأول، من دون أن تصل المعالجات إلى تثبيت وقف إطلاق نار كامل المواصفات يؤدي إلى إخراج المسلحين من الشوارع، وإزالة مظاهر الفوضى التي ضربت المدينة على مدى الأيام الماضية، فيما أظهرت حصيلة رسمية أن عدد الضحايا، بلغ أمس، حوالي المئة، بينهم تسعة قتلى وأكثر من 90 جريحا بينهم عدد من العسكريين، فضلا عن خسائر مادية فادحة..
وإذا كانت حدة الاشتباكات قد سجلت تراجعا نسبيا في الساعات الماضية، كترجمة موضوعية للإجراءات الأمنية التي نفذها الجيش اللبناني في الأماكن التي كانت مسرحا للتوتر والاشتباكات، فإن الوضع يبقى قابلا للاهتزاز، في غياب المعالجات الجذرية للعوامل التي تغذي التوتر في طرابلس، ولا سيما لناحية إجراء مصالحة حقيقية وعميقة تطوي صفحة الخلاف التاريخي المزمن بين جبل محسن والتبانة، على حد تعبير رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وأشار مراسلنا في طرابلس إلى أنه عند الواحدة فجراً أقدم مجهولون على رمي قنبلة يدوية انفجرت عند طلعة العمري بين التبانة وجبل محسن، حيث سجل أول خرق بعد نحو ثماني ساعات من الهدوء التام على كل المحاور، بعد انتشار الجيش فيها مجدداً.

وفي موازاة الانشداد السياسي والاعلامي الى أحداث طرابلس، برز أكثر من تطور أمني، في أكثر من منطقة واتجاه، أبرزها وضع الجيش اللبناني في ساعة متأخرة ليلا، يده على سيارة كانت مجهزة للتفجير بواسطة عبوة ناسفة شديدة التعقيد، وذلك أثناء خروجها من مخيم عين الحلوة. وقد أدى القاء القبض على سائق السيارة الى معرفة من كان سيتسلم السيارة منه تمهيدا لتفجيرها «في هدف بالغ الدقة والحساسية» على حد تعبير مرجع أمني.
وقد نقل الموقوفان ليلا الى قيادة الجيش في اليرزة، فيما تعذر تفكيك العبوة حتى ساعة متأخرة ليلا.
وجاء هذا التطور الأمني في المخيم، بعد ساعات قليلة من كشف النقاب عن عملية خروج جماعي، من مخيم عين الحلوة، لمجموعة من المطلوبين من قبل الدولة اللبنانية، والملاحقين لارتكابهم أعمالا جرمية وعمليات امنية، وهم ينتمون الى تنظيمي «القاعدة» و«جند الشام».

وأفاد مراسلنا في صيدا، أن من بين هؤلاء المطلوبين: «أبا محمد توفيق طه» المتهم بتشكيل خلية تكفيرية في الجيش اللبناني، والتي ادينت بتهم تتعلق بمحاولة زرع عبوات ضمن ثكنات الجيش، و«اسامة الشهابي» المتهم بأكثر من عبوة استهدفت قوات «اليونيفيل»، و«زياد ابو النعاج» المتهم بقضايا تتعلق بالارهاب، و«محمد الدوخي» المعروف باسم «خردق»، و«هيثم الشعبي» و«محمد منصور» و«محمد العارفي».
وبينما لم تؤكد أي من القوى الموجودة في مخيم عين الحلوة خروج المذكورين، قال مرجع امني لـ«السفير»: اننا نملك معطيات اكيدة تفيد بان هؤلاء خرجوا فعلا من المخيم، ووجهتهم سوريا، ولدينا ما يؤكد ان هؤلاء كتبوا وصاياهم بالدم قبل مغادرتهم، وبعضها موجود مع ذويهم وبعضها الآخر مع «امرائهم».
وفي سياق متصل، سلمت سوريا الامن العام اللبناني ثلاثة من المتورطين في عملية خطف الاستونيين السبعة في البقاع في 23 آذار 2011 وهم يحملون الجنسيات اللبنانية والسورية والفلسطينية، علما بأنها المرة الأولى التي تسلم فيها السلطات السورية مطلوبا سوريا للبنان منذ العام 2005، باعتبار ان الجريمة ارتكبت على الأراضي اللبنانية
بري يدعو لالتئام طاولة الحوار
في هذه الأثناء، دخل رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خط الحدث الأمني الشمالي بفكرة طرحها على السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري بإحالة أحداث طرابلس على طاولة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان كسبيل لانقاذ المدينة، خاصة ان ما جرى ويجري في طرابلس ينذر بعواقب سيئة على كل لبنان والمنطقة، علما بأن فكرة دعوة اقطاب طاولة الحوار طرحت مجددا من قبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وهو تشاور بشأنها في الأيام الأخيرة مع عدد من معاونيه ومستشاريه.
وقال بري لـنا انه ناقش مع السفير السعودي الوضع الدقيق في طرابلس وابلغه ان ما يجري في المدينة ليس امرا عاديا، وان تأثيراته تتعدى طرابلس والشمال، بل لبنان ايضا بما يهدد باثارة الفتنة.
واشار بري الى انه اقترح على السفير السعودي ان يتعاونا معا لمعاودة اطلاق الحوار بين الاقطاب حول نقطة محددة هي الحال السائدة في طرابلس حصرا، واذا ما تبين لاحقا ان هناك ضرورة للانتقال الى بنود اخرى يمكن التوسع في الحوار، مؤكدا انه «ليس مطروحا على جدول اعمال هذا الحوار البحث في موضوع السلاح الذي، للمناسبة، تبين انه اصبح منتشرا على نطاق واسع وفي اماكن عدة «.
واكد بري ان «موضوع طرابلس بات يحتاج الى معالجة جذرية، وهو كان يستحق مؤتمرا وطنيا لو كانت الظروف مهيأة لذلك، اما انها غير مهيأة فيمكن الاستعاضة عنه بهذا الحوار الموضعي»..
ورأى بري انه في حال تجاوب «تيار المستقبل»، على وجه الخصوص، مع اقتراحه، فإن ذلك يعني قطع شوط كبير على طريق ترجمته عمليا.
ولفت رئيس المجلس الانتباه الى ان من دواعي الاستعجال في المعالجة الجذرية لازمة طرابلس، وجوب عدم ترك الجيش اللبناني يستنزف قواه في المدينة بهذه الطريقة، محذرا من ان استمرار التوتر سينهك الجيش ويؤثر سلبا على هيبته، فأهمية الجيش تكمن في انه يشكل آخر ملاذ، على قاعدة ان آخر الدواء الكي.
وأبدى السفير السعودي تجاوبه مع طرح بري ووعد بمراجعة حكومته.
وقال بري انه أجرى اتصالات مع اطراف داخلية لجس نبضها حيال اقتراحه وبينها النائب وليد جنبلاط.

جنبلاط يرحب بدعوة بري
وعلمنا ان وزير الصحة علي حسن خليل زار جنبلاط في دارته في كليمنصو، أمس، موفدا من بري للبحث بموضوع الحوار وقضايا أخرى.
وقال جنبلاط لنا انه سبق أن أدلى بموقفه حول موضوع التعيينات الادارية المقترحة، وفُهم على غير مقصده، «وقد أوضحت للوزير علي حسن خليل انني لم اقصد، لا من قريب ولا من بعيد، الاسماء المقترحة من قبل الرئيس بري، اكان في أمن الدولة او في المجلس الاعلى للجمارك او في أي موقع آخر».
اضاف جنبلاط: الآن توضحت الامور، ومن جهتي أنا حريص على عدم وجود أي سوء تفاهم بيني وبين الرئيس بري، وقريبا سأزوره، وانا حريص على علاقتي به التي كانت وستبقى جيدة واستراتيجية، فهو ضمانة للاستقرار والحوار، واذا كنا نستطيع من خلال دعوته الى عقد طاولة الحوار حول طرابلس ان ندخل الى حوار اشمل وعام، فنحن نرحب بدعوته.
وتوجه جنبلاط إلى من سماهم «بعض كبار الحكومة» قائلا: «لدينا الكثير من الأذكياء فكفانا تذاكيا، وما نتمناه هو ألا تذوبوا في الرقة وتقطعوا الوعود لهذا وذاك، فتخلقوا شروخا وخلافات جانبية على مستويات مختلفة نحن في غنى عنها».

السابق
الحياة: الجيش عزز انتشاره في المدينة مع أوامر بمنع المظاهر المسلحة بعد خرق التهدئة وسقوط 8 جرحى
التالي
النهار: اختبار حاسم اليوم لخطة طرابلس والتعهدات