فرصة لتغيير حقيقي

السياسة كقاعدة أصبحت رديفا للانتهازية ولعبة المصالح التي لاسفنا تجد تعبيرها بقوة أكبر في دولة منقسمة وكثيرة الشروخ كاسرائيل. مواطنو اسرائيل الذين عانوا من خيبات الأمل تعلموا كيف يحيطون أنفسهم باسوأ من التهكم امام سلوك منتخبي الجمهور وبالشكل امام كل وعد لتنفيذ تغيير حقيقي في الدولة. وبالفعل، من الصعب اتهامهم. فلاكثر من ثلاثة عقود يعيش الجمهور في اسرائيل أسيرا بين أيدي تلاعب مجموعات الضغط القطاعية التي تنجح في توجيه المقدرات والقوى السياسية فتسحبها من الاغلبية الى الاقلية، تشجع الابتزاز وتمنع القيادة من أداء مهامها من أجل العموم. هذا التشويه يتاح برعاية طريقة حكم فاسدة تسمح لاحزاب صغيرة بتحقيق قوة أكبر جدا من تمثيلها النسبي في السكان. وهي قادتنا نحو سياسة تهكمية ومغتربة، تقدس الاحتياجات القطاعية على الاعتبارات الرسمية والبقاء السياسي على التفكير والتخطيط بعيدي المدى.

في ضوء ذلك يمكن أن نفهم الانتقاد الشديد الذي استقبلت به حكومة الوحدة الواسعة وتخوف العديد من المواطنين من أن تكون انتصرت مرة اخرى السياسة على الجوهر. ولكن يخيل أنه من كثرة الانشغال بالمسيرة نتجاهل آثار عدم السير نحو حكومة واسعة والمسألة الاهم من كل المسائل: ما هو البديل لهذه الخطوة وما هي الطاقة الكامنة فيها.
علينا أن نتذكر انه دون السير الى حكومة الوحدة، كانت دولة اسرائيل ستجر مرة اخرى الى انتخابات مبكرة لا احد يرغب فيها في ظل تبذير مئات ملايين الشواكل، تجميد النشاط الحكومي والتآكل الاضافي في الاستقرار السلطوي المتهالك على أي حال. وكل هذا على خلفية التوقع بابطاء اقتصادي للاقتصاد الاسرائيلي وعدم الاستقرار العالمي.

اضافة الى ذلك، تظهر تجربة الماضي انه في فترة حكومات الوحدة ينتظر من القيادة سلوك مسؤول ومتوازن ينبع من نظرة رسمية تتيح تنفيذ خطوات تاريخية ذات اهمية. لاول مرة منذ سنوات عديدة، يقف على رأس الدولة ائتلاف واسع ذو قدرة على تنفيذ خطوات بعيدة الاثر واصلاح تشويهات تمتد لسنين في المجتمع والاقتصاد الاسرائيلي. وبالفعل، هذه الحكومة تقوم على اساس تصريح الشركاء الجدد برغبتهم في حل جذري للمشكلتين الاكثر اشتعالا في اسرائيل: تغيير طريقة الحكم والتجنيد للجميع.
حكومة الوحدة هي شرط ضروري لحل مشكلة الحكم والتجنيد ولكنها ليست شرطا كافيا. ثمة حاجة الى التزام صادق وحقيقي من القيادة بالموضوع في ظل الاستعداد لدفع الثمن، حتى لو كان المعنى هو فقدان تأييد أعضاء آخرين في الائتلاف. ولكن اذا كانت الشراكة الجديدة بالفعل ستنجح في تحقيق هذه الاهداف، فان هذا يعتبر انجازا ذا معنى كبير سيغير وجه السياسة الاسرائيلية ويؤثر على مستقبل وطبيعة الدولة.

علينا، نحن، مواطني اسرائيل مسؤولية التذكير برؤساء الائتلاف كل يوم بما نتوقع منهم في أن يفوا بالتزامهم ويقدموا جوابا حقيقيا ومناسبا على هذه المشاكل. نحن نقف امام فرصة سياسية مشكوك أن تكرر نفسها في السنوات القريبة القادمة. يجدر بنا أن نعطي الحكومة الجديدة الفرصة لتثبت نفسها وتعمل من أجل مستقبلنا كدولة صهيونية وديمقراطية.
يمكن الامل في أن تعمل السياسة هذه المرة من أجل صالح الشعب، وليس على حسابنا.

السابق
الحريري: صناديق الاقتراع سترد على عون
التالي
آلية لتوصيل مساعدات للضفة