اللواء: بري يفكّك إضراب قطاعات التعليم وميقاتي يناشد السوّاقين من بروكسل تفهّم الوضع بحر الأزمات يهدّد بابتلاع الحكومة أو البلد!

كل الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية تجمعت في وقت واحد، في الشارع وعلى طاولة مجلس الوزراء، وفي قاعة الاجتماعات في عين التينة، وعبر اللقاءات القطاعية والاجتماعات السياسية وعلى شاشات التلفزة، في الساحات العامة.

واكتفى مجلس الوزراء بتطمين موظفي القطاع العام أن رواتبهم ستدفع حتى ولو لم تقونن الـ 8900 مليار ليرة التي تطالب بها الأكثرية الوزارية ويعارضها الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي ووزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، بعدما وفّر تغطية لوزير المال لتحويل الرواتب إلى مستحقيها، فيما كان وزير الاقتصاد يخفّض "على المكشوف" وزن ربطة الخبز إلى 900 غرام بسعر 1500 ليرة ليرضي أصحاب الأفران، ويحرم أطفال الفقراء ونساءهم وشيوخهم رغيفاً من كل ربطة.
في هذا الوقت، كان الرئيس نجيب ميقاتي يحزم على وجه السرعة حقائبه، ويغادر إلى بلجيكا حيث التقى نظيره دو روبو في مقر إقامته في بروكسل، فيما كان الرئيس نبيه بري يفكك بعض عقد إضرابات القطاع التربوي من التعليم الأساسي إلى الجامعة، في حين مضت نقابات النقل البري إلى اضراب لم يكن ثمة إجماع حوله، إذ أصرت قوى اليسار على تنفيذه، وحذا حذوها الاتحاد العمالي العام الذي تمسك بالاضراب يوم الخميس المقبل في الثالث من أيار.

وفيما ظل الغموض يكتنف الزيارة الشخصية للنائب وليد جنبلاط للمملكة العربية السعودية، حيث استضافه صديقه النائب نعمة طعمة، تحولت الحكومة إلى نقطة انقسام فعلي، إذ يسعى فريق 8 آذار إلى إقناع النائب جنبلاط في اللقاء الذي يعقده معه اليوم الوزير علي حسن خليل بوصفه المعاون السياسي للرئيس بري والحاج حسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، إلى ضرورة الحفاظ على الحكومة كعنصر استقرار في المرحلة الانتقالية الراهنة، بينما تعهد النائب في كتلة "المستقبل" نهاد المشنوق باستعمال كل الأساليب المتاحة سلمياً وديموقراطياً، بما في ذلك العصيان المدني لمنعها من الاشراف على الانتخابات، وهو الموقف الذي تؤيده كتل 14 آذار مع حزب الكتائب.
ولا يقتصر الخلاف السياسي على الحكومة، بل يتعداها إلى قانون الانتخابات، حيث تجاهر قوى 14 آذار، ومعها الكتائب برفض النسبية، أو الاقتراح المزدوج للرئيس بري: نسبية مع مجلس شيوخ، لأنه لا يأتي في سياقه الطبيعي وفي التوقيت المناسب، بينما يمضي فريق حزب الله – عون، مدعوماً من بري باللعب على حبل النسبية حتى لو تهددت الانتخابات بعدم حصولها في وقتها.

وكان لافتاً للانتباه، أمس، اتساع هذا الانقسام العمودي، حيال قانون الانتخاب والنسبية إلى الانفاق المالي، حيث كان الرئيس ميشال سليمان ومعه وزراء جبهة النضال الوطني يصطدم بوزراء أمل وحزب الله والتيار العوني على خلفية رفضه اصدار المرسوم التنفيذي لمشروع قانون 8900 مليار ليرة، الذي يرى فيه خللاً دستورياً يعرضه للطعن أمام المجلس الدستوري، الأمر الذي لم يقنع وزراء التحالف المذكور، فانبرى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى الإعلان: "إن كل من يمتنع عن تسهيل إقرار الـ 8900 مليار يساعد على تعطيل الانتظام العام ومصالح الناس"، متهماً المعارضة بالسعي لإسقاط الحكومة وتخريب البلد.

مجلس الوزراء
وأوضحت مصادر وزارية لـ "اللواء" أن البحث في موضوع الانفاق المالي استغرق أكثر من ثلاث ساعات من الجلسة التي لم تدم أكثر من 4 ساعات، جرى في خلالها شرح مسهب من قبل الرئيس سليمان ضمنه الأسباب التي تحمله على رفض التوقيع على مرسوم الـ 8900 مليار ليرة، واعتباره أن أي توقيع من قبله هو غير دستوري، لافتاً إلى أنه تشاور بهذا الخصوص مع قانونيين وأنهم قالوا له حتى ولو أن البرلمان صادق على المرسوم لكان ذلك قابلاً للطعن.
وأشارت المصادر إلى أن أجواء النقاش تخللها بعض الحدة، خصوصاً في ظل تصلب الرئيس سليمان برأيه أمام مطالبات من وزراء "أمل" و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" على ضرورة ممارسة صلاحياته والتوقيع على المرسوم في ظل هذا الانكماش الذي يعيشه لبنان على المستوى المالي والاستثماري، غير أن كل المطالبات هذه لم تلق تجاوباً مع رئيس الجمهورية وخلص النقاش إلى تكليف وزير المال محمد الصفدي إعداد مشروع قانون مشابه يأخذ بالملاحظات التي تحول دون إقرار المرسوم الحالي.

وقالت المصادر الوزارية إن وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي كانوا إلى جانب رئيس الجمهورية في هذا الموضوع، مشيرة إلى أن غالبية بنود جدول الاعمال لم يتسن البحث فيها وأرجأت إلى الأسبوع المقبل، حيث سيعقد مجلس الوزراء جلستين الأربعاء والخميس، موضحة أن تعيين مدير عام إدارة المناقصات في التفتيش المركزي لم يحصل حوله أي نقاش، كاشفة أن مجلس الوزراء سيعود إلى عقد جلسات له في مقره المؤقت على المتحف.
ولفتت إلى أن عدم تمرير الـ 8900 مليار ليرة لن يؤثر على دفع الرواتب وزيادة الأجور للقطاع العام، غير أنه يؤثر على المشاريع الاستثمارية من وجهة نظرها، خصوصاً وأن الخيارات أصبحت محدودة، ولا بديل تشريعياً، بعدما عطلت المعارضة مشروع القانون الذي كان مطروحاً في جلسات الهيئة، عبر تعطيل النصاب.
لقاء الجميل – السنيورة
في غضون ذلك، استأثر اللقاء الذي جمع الرئيس أمين الجميل ورئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة في البيت المركزي للكتائب في الصيفي، باهتمام، خصوصاً وانه جاء في أعقاب ما جرى في جلسات المناقشة العامة، حيث تفرد مُنسّق اللجنة التنفيذية في الكتائب النائب سامي الجميل بطرح الثقة بالحكومة، وأتاح لها "ابرة انعاش" بحسب تعبير الرئيس عمر كرامي، الا أن مصادر الرئيسين الجميل والسنيورة، أكدت ل"اللواء" ان هذا الموضوع لم يطرح، على اعتبار ان ما جرى في تلك الجلسة اصبح خلفنا، وأن البحث بين الرجلين تركز على الافاق المستقبلية للمرحلة المقبلة، خاصة وان قوى 14 آذار على أبواب صيغة جديدة لهيكليتها التنظيمية، وهي تتطلع الى المرحلة المقبلة، وان التركيز يجب أن ينصرف الى المستقبل لا الى الماضي، خاصة بعدما تأكد ان "حزب الله" ماض في دعمه للحكومة الحالية، حتى اجراء الانتخابات النيابية، ما يعني ان الحزب يريد ان يكون الأداة التنفيذية والقانونية للاشراف على الانتخابات، من خلال الوصول إلى قانون انتخابي يضمن له ولحلفائه الفوز بها، او التحكم بنتائجها عبر سيطرته على الحكومة.

وأوضحت المصادر أن هذه النتيجة التي استخلصتها قوى 14 آذار، جعلت الحديث بين الرئيسين الجميل والسنيورة يتركز على الشق السياسي المستقبلي والتطلع إلى المستقبل، وكانت وجهات النظر بينهما متطابقة، وأن الاجتماع كان ممتازاً، مشيرة إلى انه لن يكون معزولاً عن مجموعة لقاءات ومناسبات بين قوى 14 آذار، تمهيداً للوصول الى الصيغة التنظيمية التي تعد لها في اجتماع موسع سيعقد لاحقاً، وربما في أقل من شهر.
ولاحظت المصادر، انه في ضوء ما استخلصته 14 آذار من التطورات الحاصلة في المنطقة، أن "حزب الله" انتقل إلى الهجوم، وهو يتقاطع في هذه المرحلة، مع الإيراني الذي انتقل بدوره إلى الهجوم عبر زيارة الرئيس أحمدي نجاد للجزر الاماراتية الثلاث، وقرّر الحزب أن يخوض معركة المواجهة من خلال هذه الحكومة، دافعاً الأمور نحو المزيد من التأزم، من خلال رفضه الحكومة الحيادية والاصرار على بقاء الحكومة الحالية حتى اجراء الانتخابات النيابية.

ولفتت المصادر إلى ان الفكرة من طرح الحكومة الحيادية، هي أن نذهب إلى الانتخابات متساوين، وهو ما عبّر عنه الرئيس السنيورة، في ختام جلسات المناقشة، من خلال دعوته إلى حكومة حيادية لا تشكلها قوى 14 آذار ولا تشرف عليها قوى 8 آذار، إلا أن رفض هذه الفكرة والهجوم على تراث الرئيس الشهيد رفيق الحريري مترافقاً مع تصعيد سياسي لافت نسف فكرة الحكومة الحيادية، ونسف أيضاً التوجه الى الحوار اساسياً، ما يعني أن الأمور ذاهبة نحو مواجهة يفترض ان ترسم معالمها في الاجتماع المقبل لـ?14 آذار، سواء عقد في معراب أو في مكان آخر.
وكان الرئيس السنيورة قد شدد بعد الاجتماع على الحاجة إلى قانون انتخاب يمكن المواطن من ممارسة حقه محرراً من كل القيود والضغوط، مشيراً إلى ان قانون النسبية جدير بالاهتمام وقد يكون ملائماً لمرحلة أخرى غير المرحلة التي يمر فيها لبنان حالياً، لأن ظروف ممارسة حق الانتخاب بحرية غير متاحة، ولا يعقل أن يكون هذا الحق مؤمناً في مكان ومفقوداً في مكان آخر".
اما الرئيس الجميل، فأوضح من جهته أن حزبه لم يطرح قانون النسبية، وأن مشروع الوزير فؤاد بطرس يلاقي عقبات كبيرة، ومن المفيد إعادة البحث في النظام الانتخابي الأمثل، مؤكداً التنسيق الكامل مع تيّار "المستقبل" والحلفاء للتوصل إلى صيغة تضمن التمثيل الصحيح.

النسبية
وفي السياق ذاته، أوضح مصدر في تيّار "المستقبل" أن طرح الرئيس برّي الانتخابي ما زال في مرحلة "جس النبض" ولا يحمل شيئاً استثنائياً يدفعنا إلى تغيير الموقف الذي عبّر عنه الرئيس سعد الحريري شخصياً برفض النسبية في ظل تواجد السلاح غير الشرعي، مشيراً إلى أن النسبية مفيدة في حال كان الجميع متساوين، بمعنى أن النسبية يمكن ان تطبق في المناطق ذات الأكثرية المسيحية أو السنية حيث هناك وجود للدولة ويمكن ان تسير الانتخابات وفق أجواء ديمقراطية، في حين انه في المناطق الواقعة تحت نفوذ "حزب الله" وسلاحه فلن تكون هناك نسبية بل فرض للمرشحين، مذكراً بنموذج ما حصل مع النائب السابق باسم السبع حيث تم الاعتداء على منازل أنصاره في الضاحية الجنوبية وصولاً إلى حرق بعض منها.

السابق
الشرق الأوسط: مجزرة في حماه بوجود المراقبين.. وفرنسا: الحسم 5 مايو
التالي
الانوار: اضراب السائقين يشل الحركة والمعارضة تهدد بالعصيان المدني ورئيس الجمهورية لمجلس الوزراء: لن أوقّع