الاخبار: فتى الكتائب يحرج شيوخ المعارضة

بـ 63 صوتاً، نجحت الحكومة في امتحان الثقة الذي لم تخطط له
المعارضة ولم تحشد له كل عديدها، وبدت جلسات المساءلة هزيلة، فلا يمكن القول إن ما بعدها ليس كما قبلها. لكن الجديد الوحيد هو تبنّي كتلة المستقبل رسمياً لفكرة تأليف حكومة من التكنوقراط

جددت الأكثرية النيابية أمس ثقتها بالحكومة في اختبار غير متوقع فاجأ به النائب سامي الجميّل حلفاءه وخصومه. وبعد ثلاثة أيام من الصراخ والتنكيت في ساحة النجمة، تعود الحياة السياسية إلى يومياتها الرتيبة. لكن ما يمكن قراءته من الأيام النيابية الثلاثة أن قوى 14 آذار فشلت في تحويل جلسات المساءلة إلى ضغط حقيقي على الفريق الحكومي.

وعلى عكس ما كانت ترتجيه، تحولت القاعة العامة لمجلس النواب إلى مسرح لمساءلة حكومات الرئيس رفيق الحريري، والرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري. فنواب الأكثرية الحكومية، وخاصة أعضاء تكتل التغيير والإصلاح، اوقعوا المعارضة في فخ الدفاع عن حكومات الرؤساء رفيق الحريري وفؤاد السنيورة وسعد الحريري. وهذا الفخ رسمه نواب التكتل في الاجتماعات التي عقدوها قبل جلسات المساءلة. لكن الحكومة في المقابل لم تجد من يدافع عنها صراحة، باستثناء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي قارن بينها وبين الحكومات السابقة، مرجحاً كفة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وكان معظم الدفاع يتم عن وزراء محددين، وخاصة أن المعارضين ركزوا هجومهم على وزراء تكتل التغيير والإصلاح عامة، والوزير جبران باسيل خاصة. وفيما كان متوقعاً ان تحمل الجلسات خطاباً معارضاً واضحاً وجديداً إلى حد ما، أتت معظم كلمات المعارضين تكراراً للكلام الذي يجري ترداده منذ أشهر. لكن الجديد الذي حملته جلسات الأيام الثلاثة، هو تبنّي الرئيس فؤاد السنيورة لمطلب تأليف حكومة تكنوقراط تشرف على الانتخابات المقبلة، وهو الشعار الذي رفعه عضو كتلته النائب نهاد المشنوق قبل اكثر من 14 شهراً.
وبعد أشهر من حديث تيار المستقبل عن «مدّ يد الحوار» إلى الفريق الآخر، تضمنت كلمة السنيورة تصعيداً ضد حزب الله، وأمينه العام تحديداً، ما استدعى رداً قاسياً من النائب محمد رعد.
وختام الجلسات لم يكن موفقاً أيضاً لقوى 14 آذار. فهي، وإن هددت سابقاً بطرح الثقة باثنين من الوزراء على الأقل، عدلت عن هذه الفكرة بسبب اصطدامها بالتزام النائب وليد جنبلاط خيار «التعايش الحكومي». لكن النائب سامي الجميّل، الطامح إلى اداء دور رأس حربة المعارضين، ألزم نفسه وفريقه بطرح الثقة بالحكومة كاملة. وبدت الخطوة غير منسقة مع الحلفاء الذين انسحبوا من القاعة قبل بدء التصويت على الثقة.
لكن خطوة الجميّل أجبرت خصومه على الاستنفار، وحشد العدد الأكبر من النواب، ما استدعى حضور الغائبين منهم، وعلى رأسهم النواب ميشال عون وسليمان فرنجية وطلال ارسلان. غير أن النائب وليد جنبلاط لم يتوجه إلى ساحة النجمة، فأتت نتيجة التصويت على الشكل الآتي: 63 ثقة، و3 لا ثقة.
القاعة كانت قد شهدت حفلة «هضمنة» و«تقريق» شملت عدداً كبيراً النواب، ووصلت في بعض الأحيان إلى توجيه الشتائم والكلام النابي، كعبارة النائب محمد كبارة الموجهة إلى زميله ألان عون وفيها: «شو هل اكل الخ..».
وكانت الجلسة الصباحية قد خرجت بعض الشيء عن اجواء الضبط والرتابة واستحضرت تبادل الاتهامات، فهدد رئيس المجلس نبيه بري بإرجائها قبل أن يعيد ضبط ايقاعها، وأعطى الكلام للنائب ياسين جابر الذي شدد على أن «الشعب اللبناني سئم وسئمنا معه المساجلات» مشيراً إلى أن «المواطن يريد أن يسمع عن انجازات وخطوات عملية». وفيما رأى النائب زياد القادري أنّ «الحكومة وُلدت ميتة» أشار النائب كاظم الخير الى أن الحكومة لم تقدم حتى اليوم إلا المزيد من التخبط الاجتماعي والسياسي والأمني.
وتناول النائب تمام سلام موضوع ميدان سباق الخيل الروماني المكتشف في وسط بيروت، واقترح على وزير الثقافة غابي ليون الاستعانة بـ«الأونسكو» التي تشرع الآثار في العالم، أو بمنظمة «ايكونوكس» ولها 95 هيئة وطنية للحفاظ على التراث في دول العالم، بالإضافة الى مخرج يمكن اعتماده في هذا الإطار وهو ضمن قانون شركة «سوليدير» حيث يمكن تعويض الشركة عن العقار مثار الجدل وأن تعوض الدولة عن «سوليدير» بما تكلفته على العقار التراثي».

ورأى النائب جورج عدوان أن «أكبر خدمة للمعارضة هي حكومة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والمعارضة مصرة على الحفاظ عليها»، فيما طالب النائب سامر سعادة بـ«تسليم سلاح المقاومة للدولة اللبنانية».
وأشار النائب آلان عون إلى أن المعارضة تسلمت الحكم «لأكثر من 5000 يوم واليوم يريدون ان يحاربونا في تجربتنا الفتية اي نسبة 5% بالنسبة للمعارضة». ورأى النائب عاطف مجدلاني ان «ما ظهر في الحكومة هو أنها كحكومة «برج بابل» الكل يعارض الكل، فوجدنا انفسنا متفرجين على صراعات داخلها».
واختتمت الجلسة بكلمة النائب علي عمار الذي سأل «إن كانت الحكومة ميتة فكيف يمكن تكليم الأموات؟».
ورفع بري الجلسة إلى الخامسة عصراً واستهلت المناقشة بكلمة للنائب أكرم شهيب أن «لا احد يرغب بالتشنج خصوصا ما سمعناه من الكلمات التي وكأنها تصفية لحسابات بنكهة طائفية لا تخدم استقرار البلد»، تلاه النائب قاسم عبد العزيز الذي وصف الحكومة بأنها «حكومة كلنا للكسل كلنا للفشل». من جهته توجه النائب ايوب حميد الى الرئيس ميقاتي بالقول: «المراوحة والتأجيل تأكل من رصيدكم الشخصي والعام».
وتطرق النائب هادي حبيش إلى موضوع داتا الاتصالات سائلاً: «كيف يتجرأ وزير الاتصالات نقولا صحناوي على توقيف تزويد الاجهزة الامنية بحركة الاتصالات؟».
وتوجه النائب سامي الجميّل إلى نواب «حزب الله» بالقول «طريقتكم ونبرتكم وتهديدكم غير مقبولة وهذه الامور لا تبني بلداً»، ووصف «دفع 400 مليون دولار لوزير في الحكومة كتعويض لتوقيف كساراته» بـ«الفضيحة»، خالصاً إلى طلب طرح الثقة بالحكومة.
ورد وزير الدولة نقولا فتوش على كلام الجميّل معلنا انه سيمون «على آل فتوش بالتنازل عن جزء من حقهم اذا أعاد والد سامي الجميل ما تقاضاه من عمولة بصفقة طائرات البوما».
ورد الجميّل موضحاً أن «ملف البوما فُتح في حكومة 1992 وتم تشكيل لجنة برئاسة ايلي الفرزلي للتحقيق بما يسمى صفقة البوما، والفرزلي قال للأسف لم نجد تورطاً لأمين الجميّل فيها».
واعتبر النائب بطرس حرب أن قرار اسقاط الحكومة أو استمرارها خارج هذه القاعة. في حين أكد النائب محمد رعد ان هذه الحكومة «أنجزت ضمن المستطاع مع اقفال ابواب الهبات والمساعدات ومع ان مبلغ الانفاق الاستثماري المتاح لا يتجاوز الـ1500 مليار ليرة، ما لم تنجزه الحكومات السابقة خلال سنوات».
وركز النائب ايلي كيروز على محاولة اغتيال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع معتبراً أن «تأخر وزير الاتصال في تأمين المعلومات يشكل عرقلة متعمدة في التحقيق».
ووصف النائب أحمد فتفت الحكومة بأنها «حكومة انقلاب على المؤسسات والانتخابات وحكومة أحقاد وكراهية وكيدية وسمسرات وعمولات، وهي حكومة ساقطة وعليها ان ترحل».
من جهته أكد النائب ابراهيم كنعان انه منذ تسلم الوزير نقولا صحناوي وزارة الاتصالات وافق واستجاب لاكثر من 1030 طلباً من اصل 1042 طلباً للحصول على داتا الاتصالات، اي استجاب لأكثر من 80% من الطلبات لكن هناك نحو 20% من الطلبات جاءت بشكل غير قانوني.
وكانت آخر المداخلات للرئيس فؤاد السنيورة الذي رأى أن «الفرصة سانحة لحكومة حيادية وتشرف على الانتخابات لا تشكلها قوى الرابع عشر من آذار ولا تسيطر عليها قوى 8 آذار».
ثم أعطى بري حق الرد للحكومة فاستغرب وزير المال محمد الصفدي دخول السنيورة «في موضوع البواخر وهو الذي يعلم صغائر وكبائر الامور ووكيل الشركة هو نائب رئيس في تياره»، مؤكداً أنه «ليس هناك اي عقد نهائي مع الشركة التركية حتى الساعة». ورد الصفدي على هجوم نواب تيار المستقبل عليه، قائلاً إن التيار حول وزير المال في الحكومات السابقة إلى موظف.
واشار الى انه كان قد حذّر من ان غياب الإجازة القانونية للإنفاق سيمنع وزارة المال من دفع الانفاق رغم توفر الاموال، لكنه اكد أن الرؤساء يعرفون مسؤولياتهم ولن تكون هناك مشكلة بدفع الرواتب.
واكد وزير التربية حسان دياب ان ملفات وزارة التربية مليئة بمشاكل متراكمة منذ سنوات وقد تصل الى 15 سنة ايضاً. معتبراً أن زيادة 1300 استاذ ثانوي متعاقد هي زيادة مبررة.
وأكد وزير الطاقة جبران باسيل أنه لم يبت التفاوض على الأسعار مع شركة بواخر الكهرباء، وأشار الى أن «ما يصيب شعبنا من ضياع للحقيقة لأنه اذا كانت الحقيقة لا تحترم اصبحنا بحاجة الى آلة كاشفة للكذب تركب على هذه المنصة». وقال: «عوض ان نقترح مجلساً اعلى لمحاسبة الرؤساء فلنذهب الى امر اسهل ولنقم محكمة ميدانية برلمانية يأتي اليها كبار القضاء».
وردّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بكلمة دافع فيها عن سياسة «النأي بالنفس التي لا تعني مطلقاً الاستقالة من الواجب الانساني الذي قدمناه وسنظل نقدمه للسوريين الذين اضطرتهم الظروف القاهرة الى النزوح الى لبنان». كذلك أكد ميقاتي أن مسؤولية حماية الحدود «لبنانية لا شراكة لأحد فيها»، معلناً تجديد الثقة بأعضاء حكومته.

السابق
رسالة الى جعجع..
التالي
8 آذار: القاضي شنق حالو