الحكومة تتكئ على حزب الله للصمود

شكّلت مداخلات النواب في جلسات مناقشة الحكومة منحى تصعيديا يؤشر الى آفاق المرحلة الراهنة، ويستدلّ من هذه المناقشات سلسلة عناوين بارزة، وخصوصا في ضوء الاحداث السورية.
فقد بات لهذه الأحداث صِلة وثيقة بالمسار اللبناني، وتداعياتها فرضت نفسها، ومنها الواقع الحكومي الراهن، بمعنى أنّ احد قادة 14 آذار يقرّ بأن الحكومة باقية لجملة اعتبارات، منها:

1- لا يمكن إسقاطها في المجلس النيابي عبر طرح الثقة بها أو بأحد وزرائها، وكان لرئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الدور الأبرز في هذا المعطى وهو يسأل في مجالسه وأمام زوّاره ماذا لو أسقطنا الحكومة، وماذا يمكننا أن نفعل، هل هناك إمكان لتشكيل حكومة أخرى في هذه الاجواء؟ قطعاً لا يقول جنبلاط ويربط ما بين الفراغ والاستقرار، عِلماً أنّ الأولوية عنده هي في الاستقرار. وهو يشرّع أو يكرّس بطريقة أخرى سلاح "حزب الله" عندما يرى عدم جدوى إطلاق بعض المواقف المنددة بهذا السلاح، غامزاً من قناة الرئيس سعد الحريري الذي يرفض النسبية في ظل وجود السلاح، إضافة الى قيادات اخرى من 14 آذار، التي تطالب بنزع سلاح "حزب الله"، الامر الذي لم يهضمه زعيم المختارة في هذه الاجواء.

2- أمّا على خط العودة الى مناقشات الحكومة، فإنّ العامل الآخر لاستمرارها يتمثل بتشدّد "حزب الله" لعدم فرطها وتأديته دور "المايسترو" في هذا السياق، ولعلّ جلوس النائب نواف الموسوي الى جانب الرئيس نجيب ميقاتي في مجلس النواب، يحمل دلالات ورسالة شفهية، أو تأكيداً على دعم حزبه لـ ميقاتي، كما يحمل تأكيداً للمعارضة أن الحكومة لن تسقط و"حزب الله" الى جانبها. بينما يشكّل العامل السوري إطاراً داعماً للحكومة التي اختارت شعار سياسة النأي بالنفس، وما يرمز من دلالات داعمة للنظام السوري، خصوصاً أن كلام وزير المال محمد الصفدي المنتقِد بحدّة رئيس الحكومة، يشكل رسالة أخرى لـ ميقاتي بأن "حزب الله" او النظام السوري قادران في أي لحظة على تغيير قواعد اللعبة والإتيان بالصفدي الذي يبقى "لاعب الاحتياط" لتوَلّي رئاسة الحكومة عند أي دعسَة ناقصة يقوم بها ميقاتي.

وأخيراً، فإنّ الجزء الأبرز في الجلسات هو ما جرى من مناوشات وسجال حاد بين نواب "جبهة النضال" ونواب العماد ميشال عون، وذلك له رمزيته على مدى التباعد الجنبلاطي – العوني والخلاف بينهما، وبمعنى آخر غياب الكيمياء بين الزعيم الاشتراكي وعون، وبالتالي على رغم عمق الخلاف بين الطرفين فإنّ ذلك يؤشر الى ان وجودهما في الحكومة لا يدلّ على تماسكها لناحية استمرارها بفعل قيادة "حزب الله" لكليهما، وتناغمه مع زعيم الاشتراكي لحاجته الى ضمان الاكثرية، وكذلك مع عون كغطاء مسيحي داعم لمشاريعه وسياسته.

من هنا، فإنّ كل هذه العوامل مجتمعة تؤكد استمرار الحكومة على رغم كل المطبّات والحملات التي تطاولها، وهذا ما يدركه الرئيس ميقاتي المرتاح الى وضعيته في هذا الإطار، ربطاً باستمرار النظام السوري وعدم سقوطه، في حين أن جنبلاط باقٍ بدوره في هذه الحكومة على خلفية الاستقرار في الجبل، وإن كان ذلك يؤثر في استمرار علاقاته السلبية بكلّ من الرئيس سعد الحريري والسعودية، لا سيما أن الحكومة الحالية تقف بشكل او بآخر الى جانب النظام السوري، وعلاقاتها بالسعودية وبدول الخليج فاترة، لا بل ثمّة مَن في داخلها يهاجمها وينتقد دعمها للمعارضة السورية.

السابق
المراقبون الدوليّون
التالي
النموذج الكردي لسوريا ولبنان