التوقيع في بيروت؟

اذا ثبت ان الاجتماع المقبل بين إيران وبين الدول الخمس زائداً واحداً سيعقد في بغداد، فإن فرصة بيروت زادت في ان تكون مضيفاً وبالتالي شاهداً على تطور ذلك الحوار واقترابه من التسوية التي طال تأخرها، وفي ان تتحول ربما الى بند من بنود تلك التسوية.
خرج المفاوضون الإيرانيون والأميركيون ومعهم زملاؤهم من بقية الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا، من اجتماع اسطنبول السبت الماضي بانطباع إيجابي وبناء. وعكست تصريحاتهم اقتناعاً متبادلاً بأنه جرى التخلي عن المواقف المسبقة التي حالت دون التوصل الى الدخول في حوار جدي.. ما ساهم في الاتفاق على مكان وزمان الجولة المقبلة في ٢٣ أيار المقبل في العاصمة العراقية، على نحو ما اقترح الوفد الإيراني.

وهكذا يمكن القول إن اجتماع اسطنبول كان خطوة الى الأمام على طريق البحث المستمر منذ سنوات عن حل للخلاف حول برنامج إيران النووي، فرضتها كما يبدو المجموعة الأخيرة من العقوبات الدولية المشددة التي تشمل للمرة الأولى قطاعي النفط والمال وتبلغ ذروتها في شهر تموز المقبل، والتي فرضت بضغوط هائلة من إسرائيل تضمنت التلويح بشن حرب على إيران.

وإذا ما تواصل السير في هذا الاتجاه، فإنه يمكن التكهن بأن التسوية النهائية لهذا الخلاف ستظهر قبل حلول شهر تموز، بحيث تسحب اميركا عن الطاولة تهديدها باستخدام القوة، وتقنع إسرائيل بسحب هذا الخيار من التداول، وتتفادى إيران واحداً من أسوأ أشكال الحصار الأميركي، والغربي، الذي دفعه الرئيس باراك أوباما الى حدوده القصوى، باعتباره الخيار الأنسب الذي لم يعتمده سلفه جورج بوش بل تساهل مع طهران في الفترة الماضية نتيجة ظروف الحرب على أفغانستان والعراق.
سبق للحوار بين الجانبين أن شهد الكثير من العلامات الإيجابية والبناءة التي كانت تسمح بالتوصل الى حل، لكن المتطرفين في طهران وواشنطن تبادلوا في الماضي تعطيل تلك الفرص، والتراجع في اللحظة الأخيرة عن التوقيع.. هذه المرة، لا يستند التفاؤل الذي انتهت اليه جولة اسطنبول الاخيرة الى أوهام، بل الى وقائع ضاغطة على الداخل الإيراني من جهة، حيث ترتفع الكلفة الاقتصادية للحصار اكثر من اي وقت مضى، وعلى الداخل الاميركي والاسرائيلي من جهة ثانية، حيث تتزايد المطالب لحسم الملف النووي الإيراني إما بحرب غير مرغوبة، أو بسلام بعيد المدى مع طهران.

عندما استجابت مجموعة الخمسة زائداً واحداً لطلب الوفد الإيراني بالذهاب الى بغداد الشهر المقبل، من اجل عقد الجولة التالية، فإنها كانت تبدي رغبة في التوجه الى أبعد مدى في خيار التفاوض، حتى في عاصمة قريبة من طهران، وتتأثر لنفوذها.. وفي هذه الحالة لن يكون من المستبعد ان تكون بيروت هي العاصمة المرشحة لاستضافة الجولة اللاحقة في حزيران المقبل التي يمكن أن تشهد حفل التوقيع على التسوية النووية.. والتسويات السياسية المرفقة بها.

السابق
النهار: الكتل على سلاحها والحكومة بين مطرقة خلافاتها وسندان المعارضة
التالي
يسرا تدفن نفسها في الطين!