اميركا تحصل على موعد ثان

ميت روماني سيتنافس أمام باراك اوباما في انتخابات 2012. في هذه الانتخابات ستشكل اسرائيل والشرق الاوسط لاعبا ثانويا في أفضل الاحوال، وان كان في أحد المواقع قضى معلق يمزح بان هذه معركة «الروماني ضد العراقي». الروماني هو صديق بيبي، وموفاز يحاول منذ الان أن يعرض نفسه نوعا من اوباما المحلي، ولكن ليس لكل هذا تأثير على المعركة القادمة في الدول الاقوى في العالم.

الخطاب الاسرائيلي عن المرشحين للرئاسة الاميركية هو بطبيعة الحال سطحي ومتحيز للمواقف المسبقة. الاميركيون يفترض ظاهرا أن يخوضوا حملة انتخابية حامية الوطيس وعميقة، تصل الى جذور المشاكل التي يقف أمامها الرئيس الحالي والرئيس التالي. ولكن كلما تعرفنا على حملة الانتخابات هناك، يتعزز الانطباع بان هذه الديمقراطية الكبيرة تنتخب زعمائها حسب المزاج، الصورة والرمز، وتتعاطى مع كل شيء الا المسألة الهامية – من يقود الامة الاميركية بالشكل الافضل، الاصح والاكثر نجاعة؟ في أقصى الاحوال سيتهم المتصدر للانتخابات الذي سيفقد مكان عمله هذا العام اوباما «الاشتراكي» بمصيبته الخاصة وسيصوت في صالح الملياردير الذي أقال غير قليل من الناس في حياته المهنية.
اوباما نفسه سيجد صعوبة في الاشارة الى انجازات صاحبة في ولايته في البيت الابيض، باستثناء القبض على بن لادن والذي كان سيحصل على أي حال في ولاية أي رئيس؛ معارضوه سيجدون صعوبة في الاشارة الى اخفاقات بارزة. عودة الى الوراء تبين بانه مع أن الاقتصاد هو الموضوع الهام في اميركا، ولكن غير قليل من الرؤساء قاموا وسقطوا بالذات على الحروب الخارجية للولايات المتحدة، وبالاساس على فشلها. وحتى الاصلاح الجزئي في التأمين الصحي الذي قاده اوباما لا يزال يخضع لرحمة قاضٍ واحد في المحكمة العليا يشكل لسان الميزان بين المسؤولين الديمقراطيين والجمهوريين.

إذن ماذا تبقى؟ تبقت الرموز، والموضوع المركزي الذي عليه انتخب اوباما، وهو سيكون أيضا ما سيحسم المعركة الانتخابية القادمة: لون جلدة الرئيس الاميركي. من الصعب التصديق اليوم بانه في مناطق واسعة من الولايات المتحدة لا يزالون يتوقون لعهود العبودية؛ وانه حتى ما قبل بضعة عقود كان محظورا على لاعبي كرة السلة السود ان يلعبوا في فريق إن.بي.ايه؛ وانه في ولايات مختلفة في أرجاء القارة اضطر السكان السود فيها الى الجلوس في المقاعد الخلفية في الباصات.

انتصار اوباما في الانتخابات السابقة للرئاسة يرمز الى حقيقة أن الولايات المتحدة قادرة على أن تستوعب في داخلها الاقليات الذين هم بالتراكم باتوا منذ زمن بعيد الاغلبية. الوسبيون (او بعبارة باروخ كيمرلينغ الاخوساليون) وان كانوا لا يزالون يتحكمون بمفترقات النفوذ، القرارات الحاسمة والمال، ولكن بدء من انتخابات 2008 لم يعودوا وحدهم. الولايات المتحدة استوعبت أخيرا كونها أمة مهاجرين.
الى جانب لون جلدته جلب اوباما الى واشنطن قيما مرافقة غير قليلة الى الحكم وهي أيضا ذات قيمة رمزية أكثر منها عملية: مبدأ الرحمة، مسؤولية الدولة عن الضعفاء وكذا الاستخفاف الظاهر بالطقوس المنتفخة وبرموز الغنى. وكذا، له سحر شخصي بواسطته على ما يبدو روماني، ولكن هذا بات موضوعا جاء بالصدفة لا يرتبط بالعطف لهذا الحزب أو ذاك. كيندي ايضا، كلينتون وريغان حظوا بجانب السحر الشخصي بينما رؤساء في الماضي مثل نكسون وبوش، ترومان وكارتر فازوا على الرغم من أنهم لم يكونوا يتحلون بهذا المنتج.

الولايات المتحدة تسير الان نحو الموعد الثاني، بعد أن نجحت في اختبار قبول الاقليات في الموعد الاول. اذا فشل اوباما هذه المرة وكان أحد الرؤساء القليلين الذين لم يحظوا بولاية ثانية في تاريخ اميركا، فهذا لن يكون فقط فشله الشخصي، بل وأيضا فشل الامة الاميركية بأسرها. من جهة اخرى، اذا ما انتصر ميت رومان، من يدري، ربما في الانتخابات القادمة في 2016، أو أربع سنوات بعد ذلك، سيحطم السقف الزجاجي – وإمرأة ستقف على رأس دولة الرجال الكبرى.

السابق
استفزازات ايران
التالي
الآن أو لا الى الأبد