النهار : المأزق المالي ينتظر مرور العاصفة

يرجئ سفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم الى أوستراليا، بتَّ ملف الانفاق الحكومي من خارج القاعدة الاثني عشرية الى ما بعد عودته، علماً ان الاسبوع المقبل سيشهد، على هامش الاستحقاق النيابي المتمثل في جلسة المناقشة العامة للحكومة، مشاورات كثيفة لايجاد مخرج لملف الانفاق قبل نهاية الشهر الجاري.
وأكدت اوساط الرئيس سليمان لـ"النهار" عشية سفره الى أوستراليا في زيارة تستمر اسبوعاً، انه لا يزال عند موقفه الذي أوردته "النهار" امس في موضوع مبلغ الـ 8900 مليار ليرة. أما أوساط "تكتل التغيير والاصلاح" الذي يتقدم الجهات الضاغطة في اتجاه حض رئيس الجمهورية على توقيع مرسوم يقونن هذا المبلغ بموجب المادة 58 من الدستور، فقالت لـ"النهار" ان الرئيس يأخذ وقته في مراجعة الدارسة التي قدمها اليه امين سر "التكتل" النائب ابرهيم كنعان مع مستشاريه القانونيين في انتظار عودته من رحلته الى اوستراليا. ورأت هذه الاوساط ان كل الاقوال التي نسبت الى الرئس سليمان لا تعني انه لن يوقع المرسوم الخاص بمبلغ الـ 8900 مليار ليرة.
وأفادت مصادر معنية بالاتصالات الجارية في شأن هذا الملف ان موقف جهات نافذة في فريق 8 آذار بدا متمايزاً عن موقف حلفائها الضاغط على رئيس الجمهورية لحمله على توقيع المرسوم خشية التسبب بانعكاسات سلبية برزت ملامحها مع زيادة تحفظ الرئيس عن التوقيع من جهة، وتوفير مادة توظيف قوية في يد المعارضة لتعزيز هجماتها على الحكومة في جلسات المناقشة العامة النيابية من جهة اخرى. وقالت انه يبدو ان موقف الجهات الوسطية في الغالبية كان له دور ايضاً في فرملة اندفاع بعض شركائها في الحكومة بعدما تبلغت قوى 8 آذار وسواها ان سليمان لن يخضع للضغط ويورط نفسه في خطوة غير محسوبة قانونياً ومالياً وخصوصاً من حيث الالتباس الذي قد يثيره التوقيع الرئاسي لمرسوم يتصل بتشريع مالي هو من صلب مهمات مجلس النواب وصلاحياته الرئيسية. يضاف الى ذلك ان بعض الجهات المالية والتشريعية يعمل على بلورة مخرج يمكن من خلاله تمكين وزارة المال من دفع الرواتب والاجور والنفقات الاساسية في نهاية الشهر الجاري، وهو الموعد الذي حدده وزير المال محمد الصفدي لاستنفاد الصرف على القاعدة الاثني عشرية على اساس موازنة 2005.
وبذلك تتجه الانظار مع معاودة الحركة الرسمية بعد عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، الى "ثلاثية" الجلسة النيابية العامة التي ستعقد ايام الثلثاء والاربعاء والخميس من الاسبوع المقبل والتي يتوقع ان تشكل محطة مفصلية في المشهد السياسي الداخلي في ضوء تراكم الملفات التي ستثار خلالها والحماوة المتوقعة خلال مناقشاتها.
وقالت أوساط بارزة في المعارضة النيابية امس لـ"النهار"، إن "الحكومة تُعتبر ساقطة بالمعنى الحرفي للكلمة سواء بأدائها ام بخلافاتها ام باستباحتها المال العام". ولفتت الى "التدهور المريع للحكومة كما عكسه الهجوم العلني لوزير المال محمد الصفدي على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، علماً ان وزير المال في الحكومة هو عادة بمثابة الدرع التي تدافع عن رئيسها، في حين اننا نرى ان الوزير الصفدي لا فاعلية له اطلاقاً في الوزارة وهو يدخل البلاد في متاهات لا تحمد عقباها". لكن الاوساط تساءلت "عما اذا كانت الظروف جاهزة لاسقاط الحكومة؟"، ودعت الى انتظار مساء الخميس المقبل لدى انتهاء جلسات المناقشة "وسنعلم عندئذ الجواب عن هذا السؤال". ورأت "ان كل انجازات الحكومة محصورة حتى الآن بأخذ منحة من جمعية المصارف لدفع حصة لبنان في تمويل المحكمة الخاصة بلبنان والاتكال على عبارة "النأي بالنفس" كأنها جوكر في ورق اللعب".
رفات الصدر؟
وبعيداً من الاجواء الداخلية، برزت مرة اخرى مؤشرات التباس بين السلطات اللبنانية والسلطات الليبية الانتقالية حول التحقيقات الجارية في قضية الامام موسى الصدر. وفي هذا السياق بثّت محطة "فرانس 24" الفرنسية امس حديثاً لرئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل تحدث فيه عن "معلومات شبه مؤكدة" عن العثور على رفات الامام موسى الصدر. وقال عبد الجليل ان "ملف الامام موسى الصدر لم يكن ملفاً رئيسياً في هذه الفترة ولكن من خلال بعض المعلومات التي توافرت عن ان هناك جثثاً في مقبرة جماعية من الممكن ان تكون احداها للامام الصدر، تقصى المحققون الامر". واشار الى تعيين قاض "وسيتم نبش الرفات في حضور ممثل للحكومة اللبنانية". واضاف أنه "من خلال حوار بينه وبين محققين تبين ان ثمة معلومات شبه مؤكدة عن وجود الجثة".
لكن وزير الخارجية عدنان منصور سارع الى نفي هذه المعلومات وقال: "ان هذا الخبر غير دقيق وليس ثمة قرينة حاسمة حول دقة المعلومات وسبق لي ان اتفقت مع الجانب الليبي منذ زيارتي الاولى لطرابلس الغرب وفي الزيارة الاخيرة التي انتهت الاربعاء الماضي على عدم اصدار اي معلومات الا بعد وصول التحقيقات الى خواتيمها ويتم ذلك عبر القنوات الديبلوماسية للبلدين. وحتى الآن لا نزال في اطار التحقيقات وتبادل المعلومات ونعتبر تالياً أخباراً كهذه غير دقيقة ونستغرب الإدلاء بها لانها تعرقل مسار التحقيقات". وأعلن منصور لاحقاً ان "المقابلة مع عبد الجليل أجريت قبل زيارتي الاخيرة لليبيا".
ويشار في هذا السياق الى ان جمعاً من أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وأهالي المعتقلين في السجون السورية نفّذ امس اعتصاماً في ساحة رياض الصلح في الذكرى الـ 37 لتفجّر الحرب في لبنان في 13 نيسان 1975. وطالب المعتصمون بإقرار قانون للمفقودين والمخفيين قسراً.  

السابق
السفير: الـ8900 مليار تظهـِّر “صراع المصالح”.. والكلام عن وقف الرواتب تهويل
التالي
الشرق: الحريري: 13 نيسان 1975 يوم اسود في تاريخ لبنان