يريدون أن ينجح الإغتيال لكي يصدّقوا!

فور حصول محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع، قال النائب سامي الجميّل: لقد شكّكوا في المعلومات التي وردت إلينا، قبل نحو شهرين، عن تدبير عمل عدائيّ ضدّي. فعسى أن يدركوا اليوم أنّ هناك استهدافاً حقيقيّاً
لفريق 14 آذار.

لكنّ اللافت هو أنّ المحاولة الفاشلة لاستهداف جعجع قوبِلت أيضاً، في أوساط فريق 8 آذار، بردود راوحت بين اللامبالاة في الحدّ الأدنى والتشكيك أو الإنكار في بعض الأحيان. ولم يكن بعض التعاطي السياسي والإعلامي معها لائقاً، ولم يترجم حجم المسؤولية المفترض تَحَمُّلها في مقاربة الملفّ من النواحي الوطنية والإنسانية والأخلاقية. ففي النهاية، الأمر لا يتعلق بمناكفات سياسية عادية بل باغتيال.

سبق ذلك، في العام 2005، أن قالوا للشهيد جبران تويني: الخوف غير مبرّر، ولا داعي للبقاء خارج لبنان. وبعد ساعات من رجوعه، تمّ إستهدافه في طريق فرعيّة يسلكها أحياناً. ما يعني أنّهم درسوا كلّ الاحتمالات ليضمنوا تحقيق غايتهم، ولم يكن ينقصهم إلّا أن يأتي الرجل إلى الفخّ المنصوب.
 
وهذا ما يفعله هؤلاء اليوم مع الرئيس سعد الحريري، عندما يُخيفونه ثمّ يُنكرون عليه شعوره بالخوف واضطراره إلى الاحتماء ظرفيّاً في الخارج. وفي أيّ حال، هم يستثمرون هذا التخويف لإضعاف "تيار المستقبل"، إذا لم يتحقّق لهم استثماره لـ"إحضار" الحريري إلى بيروت.

إنّه أسلوبهم. والمعلومات التي تَرِدُ إلى أقطاب 14 آذار من مراجع أمنيّة وديبلوماسية تتحدّث في وضوح عن وجود خطَطٍ لاستهدافهم… وفقاً لروزنامة تحدّدها الظروف السياسية. ويتمّ كلّ ذلك فيما فريق 8 آذار يتحرّك منذ سنوات "من دون أن يرميه أحد بطَبَق وَرْد"، على حدّ تعبير الدكتور جعجع بعد المحاولة. وثمّة أسئلة عمّا إذا كانت جريمة معراب الفاشلة أوّل الغيث في موجة اغتيالات جديدة، بعد تلك التي اكتسحت لبنان بين العامين 2004 (مروان حمادة) و2007 (أنطوان غانم).

من هنا، يمكن الاستنتاج بأنّ محاولة الاغتيال الأخيرة هي إثبات ماديّ قويّ على أنّ المطلوب هو القضاء على فريق 14 آذار ورموزه. والوسائل المعتمدة لتحقيق ذلك تبدأ بالنفي السياسي… وتصل إلى الإقصاء الجسديّ عند الحاجة. ويبدو أنّ الخطة المعتمدة هي إيّاها دائماً: وضع الهدف في جوّ من الطمأنينة حتى يسهل إصطياده!

ولو نجحت هذه المحاولة. ولم يكن ينقصها سوى سنتيمترات لذلك، لكان لبنان اليوم في مكان آخر. ولكان "زمن الكلام قد انتهى"، على حدّ تعبير النائب أنطوان زهرا.

فإذا كان أهل الحكم يريدون أن ينأوا بلبنان عن النار المشتعلة في المنطقة، عليهم أن ينغمسوا جدّياً في التصدّي لأكبر مؤامرة تستهدف لبنان. فهل يكتفي هؤلاء، وفي مقدّمهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بالمتابعة "الروتينية" لجرائم من هذا النوع الخطير؟ أم يجب العمل جدّياً لمواجهة ماكينة الاغتيال التي استأنفت عملها، بعد ركود نسبيّ لخمس سنوات؟

في الدرجة الأولى، يجدر نقل الملفّ الى أيدي المحكمة الدولية، وفق ما طالبت الأمانة العامة لـ 14 آذار، لأنّه على الأرجح يشكّل إستمراراً لحلقات الاغتيال التي سبقته. وهنا يجدر تجاوز الملاحظات التي يبديها حقوقيّون، خصوصاً أنّ لجنة التحقيق الدولية قد أنهت عملها، ما يستدعي تشكيل لجنة جديدة. وربّما يستدعي ذلك توسيع نطاق القرار 1701.  

السابق
مخيّم طبي متعدّد الإختصاصات في مقرّ الكتيبة الهندية
التالي
يدا خفية ! !