تدمير حل الدولتين

لم تكن اسرائيل صادقة او جادة في التجاوب مع مساعي السلام خصوصاً الحل بدولتين وهي التي تتبرأ من اي اتفاق او معاهدة منذ أوسلو وقبل وبعد وقد دأبت على جعل المحادثات والمفاوضات من دون محتوى عملي بل لإضاعة الوقت واستغلال مثل هذه المناسبات لتضاعف من تشبثها بالأراضي المحتلة وفلسطين بصورة خاصة.

وفي الوقت الذي كانت تُظهر نوعاً من الرؤية تجعله متزامناً مع قضم وطن الشعب الفلسطيني بإقامة واستحداث بؤر استيطانية وصولاً الى التهويد وطمس معالم القدس الجغرافية والتاريخية من دون ان تستثني قطاع غزة والضفة الغربية وتدير الظهر لقرارات الأمم المتحدة وجهود اللجنة الرباعية إلى حد الاستهانة بخارطة الطريق التي وضعتها وكان ان تجمدت اعمالها من دون ردات فعل دولية لا من المجموعة الأوروبية ولا من رغبة اميركية تعرف انها لن تصل حتى إلى ضغط عليها او اتخاذ موقف يجبرها على الالتزام بحل الدولتين.

وفي هذا السياق ضاعف نتنياهو من تصلبه ادراكاً منه بحكم التجربة ان سلطته تظل تحظى بالدعم من قبل واشنطن واستخدام حق النقض ولو ضد ادانتها. وكانت هذه الظاهرة وراء جعل الرئيس الأميركي باراك اوباما يقر بفشله في ثني زعيم تلك السلطة عن وقف الاستيطان ولو لثلاثة اشهر فسحاً في المجال امام استئناف المفاوضات المباشرة ويبقى هذا الاعتقاد سائداً ما دام الجانب الأميركي يؤكد على ما يسميه امن اسرائيل ومساندتها حتى بالاسلحة التي تحتفظ واشنطن بأسرارها وتتعهد من دون مبرر بتزويدها بالحقبة الحديدية حماية لها من صواريخ قد تتعرض لها.

وجديد القضم الاسرائيلي في هذه المرحلة الاقدام على خطوة وصفها الفلسطينيون بأنها تدمير لحل الدولتين وتتمثل باستحداث الف ومائة واحدى وعشرين بؤرة استيطانية غالبيتها في القدس الشرقية والباقي في الضفة الغربية وهضبة الجولان المحتلة وهي تدرك ان السلام والاستيطان لا يلتقيان أي انها متشبثة بما لا يمكن مساعي الحل من اتخاذ ولو خطوة إلى الامام واثقة من انها لن تواجه بما يجبرها على الأخذ بأي من القرارات او الاتفاقات وادارة الظهر لاستئناف مفاوضات الحل.

والعامل المساعد على هذا الصلف والتشبث الانشغال العربي بتحقيق شعارات ثورات الربيع العربي وما تهب عليه من رياح الخلاف والتباين حول ما يجب اعتماده وصولا إلى وحدة الموقف والارادة لبناء دولة حديثة تنعم بالحرية والديمقراطية وتماشي طبيعة عصر التطور والتقدم.
يضاف إلى ذلك، ان الدول الكبرى تحشد امكاناتها وقدراتها لمحاربة وشن عدوان على دولة تتهم بأنها تناهض حقوق الإنسان أو تعمل لامتلاك إمكانات الدفاع عن النفس والحفاظ على استقلالها وسيادتها. وهذا منطق غريب لا يرتكز على ثوابت ميثاق الامم المتحدة ودورها لا سيما منع احتلال ارض الغير بالقوة.

ولردع العدوان والتسلط فإن الواجب الوطني والقومي يفرضان التفرغ لإزالة الاحتلال ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته ليس دبلوماسياً بل عملياً.
  

السابق
الانوار: محاولة اغتيال جعجع تنذر بمرحلة جديدة من المخاطر
التالي
شو بتعملي لو خطفتك؟!