ضربات إسرائيلية خاطفة.. ورد إيراني

ضربات جوية إسرائيلية خاطفة على المنشآت النووية الإيرانية، استدراج الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وتهديد بقصف المراكز المدنية في حال رد طهران. القوات الإيرانية تقصف إسرائيل وتغلق مضيق هرمز وتفتح مواجهة إقليمية مع المصالح الأميركية في المنطقة. هذا السيناريو القاتل الذي تخيله مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في حال حصلت المواجهة الإسرائيلية ـ الإيرانية.

يحاول الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أنطوني كوردسمان في تقريره دراسة الخيارات في حال حصول مواجهة حول الملف النووي الإيراني وطرح سيناريو قصف إسرائيل لمنشآت إيران النووية في ناتانز وفوردو، ولا ينصحها بضرب المفاعل النووي في بوشهر بحوالي 4 أو 8 ضربات جوية متزامنة وخاطفة بطريقة تستفز إيران وتستدرج رد فعل قويا منها يدفع الولايات المتحدة ودول الخليج إلى التدخل في النزاع. يتبع هذا الأمر ضربة جوية جديدة لمنع القوات الإيرانية من استدراك الموقف بضرب البنى التحتية العسكرية والتهديد بضرب المراكز المدنية الإيرانية في حال ردت طهران.

وذكر أنه في المقابل ردود الفعل الإيرانية ستكون استغلال الضربة كعذر لجعل برنامج سلاحها النووي مسألة مفتوحة بعد تجميع المعدات التي بقيت من الضربة الجوية والرد بصواريخ باليسيتة من طراز «شهاب 3» على تل أبيب وقواعد الجيش الإسرائيلي والمراكز المدنية الإسرائيلية ومواقع إسرائيل النووية. كما توقع كوردسمان أن طهران ستعتبر أن الضربة الإسرائيلية حصلت بضوء أخضر أميركي وبالتالي «ستشن هجمات سياسية على الأنظمة العربية الصديقة للولايات المتحدة على أساس أنها لم تفعل شيئاً لمنع الاعتداء الإسرائيلي»، وأن المجموعات الحليفة لإيران مثل «حزب الله» وحركة حماس سيستهدفان إسرائيل، وستوجه إيران ضربات على المصالح الأميركية في الخليج، وربما «تحاول تعطيل تدفق النفط عبر مضيق هرمز» وزيادة نفوذها في العراق وسوريا ولبنان لتصبح حكوماتها «أكثر عدوانية تجاه إسرائيل».

ويرى كوردسمان أن لدى إيران أفضلية إستراتيجية على دول مجلس التعاون الخليجي من ناحية الموقع الجغرافي، والجبال القريبة من سواحلها، والتي تحد تغطية الرادار لعملياتها الجوية، علماً بأن الأهداف في إيران تقع على بعد أكثر من 500 ميل من الساحل، وهي مسافة كبيرة للطائرات المقاتلة. أهداف أخرى تقع على نطاق أبعد من 500 ميل من اقرب نقطة دخول يمكن لإسرائيل استخدامها في هجمات وقائية. ويضيف كوردسمان «علاوة على ذلك، لدى إيران مساحات واسعة لإخفاء الصواريخ وتفريق القوات والمنشآت النووية و2440 كيلومتراً من الساحل لإخفاء السفن الصغيرة وقوات بحرية أخرى كما العديد من الجزر والمنشآت البحرية». ويشير إلى أن تهديد إيران ليس في الحرب التقليدية بل في التدخلات في بلدان المنطقة ونقل الأسلحة إلى مجموعات فيها، و«شن الهجمات على مستوى منخفض» وضرب البنى التحتية.

ويقول كوردسمان في هذا السياق «حين يبدأ النزاع ليس من الممكن تقدير تأثير ذلك على الإقتصادات الوطنية أو الاقتصاد العالمي في اي تفصيل. ومع ذلك من الواضح أن الدول الآسيوية تعتمد بشكل استثنائي على النفط والغاز في الخليج»، مشيرا إلى أن «إغلاق الخليج» في هذا السياق «يهدد الاقتصاد العالمي ومن شبه المؤكد أن يؤدي إلى رد عسكري واسع النطاق لتأمين صادرات الخليج وضمان أن إيران لا تكرر مثل هذا التهديد في أي مرحلة في المستقبل المنظور».
ويرى كوردسمان أن منطقة الخليج لا تزال «ممرا فريدا» لتصدير النفط لأن خط الأنابيب السعودي الذي يصل إلى مدينة صيدا في لبنان، والذي انتهى العمل به في العام 1974 توقف في العام 1984، كما توقف العمل بخطي أنابيب النفط عبر سوريا من العراق والسعودية، بالإضافة إلى خط الأنابيب بين العراق وتركيا الذي تم تعطيله مرارا في السنوات الأخيرة، وخط أنابيب أبو ظبي الذي تعمل عليه الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع الصين بحيث يمكن لصادرات النفط الإماراتية أن تتجاوز مضيق هرمز لكن هناك احتمالا أن «تستهدف إيران موانئ التصدير هذه». وهناك أيضا خط أنابيب النفط في سلطنة عمان.

ويقول كوردسمان إن الطلب الآسيوي على الطاقة، بالإضافة إلى نمو الطلب في أنحاء أخرى من العالم سيبقي الضغط بشكل مستمر على العرض العالمي للطاقة حتى العام 2035، علماً بأن أكثر من 75 في المئة من الزيادة في إجمالي استهلاك سوائل الطاقة يتركز في البلدان الآسيوية غير المنتجة للنفط وفي الشرق الأوسط حيث النمو الاقتصادي سيكون قويا. وفي الشرق الأوسط تحديدا سيكون الوصول إلى الموارد المحلية متوفرا وغير مكلف ما سيعزز الضغوط على الطلب. واستند كوردسمان إلى إحصاءات «إدارة معلومات الطاقة» في الحكومة الأميركية التي تتوقع ارتفاعا في استهلاك النفط وسوائل الطاقة الأخرى من 85.7 مليون برميل يوميا في العام 2008 إلى 112.2 مليون برميل يوميا في العام 2035.

واعتبر كوردسمان انه في ظل هذا الصعود في الأسواق الآسيوية في حال حصول أي «انقطاع جدي» في تدفق صادرات نفط الشرق الأوسط فإننا قد نكون أمام ارتفاع جدي في الأسعار». وبناء على الإحصاءات الرسمية ذاتها، فإن سعر برميل النفط سيبقى معدله أكثر من 100 دولار بعد عام 2020 هذا من دون «أي أزمة سياسية أو عسكرية وقد يرتفع إلى مستويات تصل إلى 200 دولار في أسوأ حالات الطوارئ».
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى ضخ النفط الذي سيتواصل من دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، ستصبح كل من كندا والبرازيل مصدرين رئيسيين «ما سيحد من معدل الاعتماد المتزايد على صادرات الخليج» الذي يتوقع أن يزيد من 27 في المئة من مجمل إنتاج النفط العالمي للعام 2009 إلى 31 في المئة في العام 2035، مع وجود انخفاض في معدل الإنتاج في كل من سلطنة عمان واليمن.

وأوضح كوردسمان أن معدل الاعتماد الأميركي على استيراد النفط سيبقى 36 في المئة حتى عام 2035، واعتبر أن هذا الأمر «يقلل بشكل كبير إستراتيجية الاعتماد الأميركي» لأن الولايات المتحدة «تدفع أسعار النفط العالمي حتى في إنتاجها المحلي وأي أزمة تؤثر فورا على الاقتصاد الأميركي» حيث «كل وظيفة في أميركا تعتمد على اقتصاد عالمي يصبح تدريجيا أكثر اعتمادا على التدفق الموثوق من الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومصادر طاقة أخرى غير الولايات المتحدة».
واعتبر كوردسمان أن إيران في أعلى مستوى مخاطر بين الدول المصدرة للنفط و«هذا ليس ببساطة نتيجة طموحاتها الإقليمية ومنافستها مع الولايات المتحدة». ورأى أن «استقرار إيران السياسي غير مؤكد والعقوبات المتزايدة تحد بشكل كبير النفط والغاز وخطط التوسع وتوفر شروط وحوافز ضعيفة للاستثمار الخارجي». ولفت إلى أن الإحصاءات الرسمية للعام 2011، قبل الدفعة الأخيرة من العقوبات على طهران، تشير إلى أن الإنتاج النفطي الإيراني سيتراجع من 4.1 ملايين برميل يوميا إلى 3.9 ملايين برميل يوميا في العام 2035. لكن صادرات الغاز الإيرانية سترتفع في المقابل من 4.6 تريليون قدم مكعب في العام 2009 إلى 9.4 تريليون قدم مكعب في العام 2035.

السابق
السفير: أنان يعلن وقف القتال في 10 نيسان .. ودمشق تطلب التزاماً سعودياً قطرياً تركياً
التالي
الشرق الأوسط: نظام الأسد يتأرجح مع تصاعد الضغط الدولي