البناء: بكركي تهيئ لردٍ متقن على القوات و14 آذار تصعّد في كل الاتجاهات

في ظل المساعي التي تعمل لها القوى السياسية المشاركة في الحكومة لمعالجة العديد من الاستحقاقات الداهمة، وفي الدرجة الأولى ما ورثته الحكومة الحالية عن حكومتي السنيورة من مخالفات مالية وإنفاق للمال العام من دون رقيب أو حسيب، وبعيداً عن القوانين وهيئات الرقابة، يعمد فريق "14 آذار" إلى توتير الأجواء الداخلية مرة من خلال تعطيل جلسات مجلس النواب سعياً لإبرام صفقة في سبيل تمرير هذه المخالفات، ومرة أخرى لتعطيل عمل الحكومة والأجهزة الأمنية، ومرة ثالثة في محاولة دفع لبنان ليكون ممراً ومقراً للتآمر على سورية، من خلال تهريب السلاح ومساعدة المسلحين على التسلل إليها.

ولم يتوقف تصعيد "14 آذار" عند هذه الحدود، بل ذهب حليف "تيار المستقبل" سمير جعجع إلى إطلاق أعنف هجوم سياسي ضد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، على خلفية مواقف الأخير التي تعبر عن القلق من حالات العنف التي تمارسها الجماعات الإرهابية في سورية، وبالأخص التعبير عن القلق على مصير المسيحيين في الشرق بسبب ما يحصل من ظواهر ثبت أنها قد تدفع المنطقة نحو حروب مذهبية وإثنية، بل إن جعجع وصلت به ذهنيته الفئوية إلى حدود إطلاق الاتهامات والتوصيفات غير اللائقة ضد البطريرك الراعي.

في موازاة ذلك، ووفق ما توافر من معلومات لـ"البناء" فإن هذا الفريق سيستغل اليوم مناسبة "14 آذار" "اليتيمة" في "البيال"، لإطلاق المزيد من المواقف التصعيدية ضد سورية والحكومة اللبنانية.

أوساط ميقاتي وقطع الحساب

أما في الشأن الحكومي، فإن فريق عمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ينكب على إعداد صيغة قطع الحساب من العام 2006 حتى العام 2010 على أن تتضمن هذه الصيغة كل النفقات والإيرادات عن تلك الفترة. وأوضحت الأوساط القريبة من ميقاتي أن هناك توافقاً كاملاً وشاملاً بين القوى السياسية داخل الحكومة على كيفية التعاطي مع هذا الملف. وقالت إن ما يؤخر بت الصيغة في جلسة مجلس الوزراء اليوم يعود إلى عدم انتهاء وزارة المالية من إعداد أرقام الواردات والنفقات عن الفترة السابقة وبالتالي فالملف سيؤجل إلى جلسة الأسبوع المقبل.

وإذ أشارت أيضاً إلى أن لا تعيينات في جلسة اليوم قالت إن الاتصالات حول هذا الملف تسير في الاتجاه الإيجابي، وينتظر أن تصدر دفعات اعتباراً من الاسبوع المقبل.

وفي السياق ذاته، أجمعت المصادر أمس على أن مشروع القانون الذي عكف رئيس الحكومة على إنجازه بالتشاور مع وزراء الأطراف المعنية قد اصبح جاهزاً لكنها قالت إن هناك حاجة لإدخال أرقام الحسابات في الإيرادات والإنفاق في إطار قطع الحسابات للأعوام 2008 و9 و10 التي يفترض أن تكون وزارة المال قد عكفت على تحضيرها من أجل أن يصبح المشروع جاهزاً للنقاش والإقرار في مجلس الوزراء.

وتباينت التوقعات في هذا المجال: ففي حين لم تستبعد مصادر وزارية أن يطرح اليوم في جلسة مجلس الوزراء لإقراره، قالت مصادر أخرى إن هناك حاجة لتأجيله إلى الأسبوع المقبل بعد التأكد من أن الأمور باتت محسومة في كل المجالات.

التآمر مستمر على سورية

وبالانتقال إلى تطورات الوضع في سورية، فإن تحالف المعسكر الغربي ـ الخليجي يواصل حملة التحريض ضدها، وحتى محاولة تعطيل مهمة الموفد الدولي كوفي أنان. وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته من خلال لجوء المجموعات الإرهابية المسلحة في اليومين الماضيين إلى ارتكاب مجزرة ضد الأطفال والنساء في حمص بالتزامن مع تحرك أنان في سبيل تحويل مهمة موفد الأمم المتحدة باتجاهات مغايرة لهدفها الأساسي، وفي الوقت نفسه محاولة إثارة الرأي العام الخارجي ضد سورية، بينما كل المعطيات تؤكد أن المجموعات المسلحة هي التي ارتكبت المجزرة، وحتى لا يستبعد أن تكون حصلت بإيعاز من "مجلس اسطنبول" وبعض الرؤوس الحامية في السعودية وقطر، وكل ذلك بهدف إحراج روسيا والصين في مجلس الأمن وفتح الطريق أمام إصدار قرارات عنه تستهدف التدخل في شؤون سورية.

الأسد يحدد موعد الانتخابات التشريعية

وعلى الرغم من كل التصعيد الغربي فإن القيادة السورية تزداد إصراراً على استكمال العملية الإصلاحية على مختلف المستويات. وتأكيداً على ذلك، أصدر الرئيس بشار الأسد أمس قراراً حدد بموجبه موعد الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب السوري، وذلك في السابع من ايار المقبل.

وفي موقف كسابقاته يعبر عن رفض مسبق لأي خطوة إصلاحية في سورية اعتبرت واشنطن "أن تنظيم انتخابات في سورية وسط العنف مثير للسخرية".

الجعفري يستغرب مواقف سفير قطر

وفي سياق متصل، وجه المندوب الدائم لسورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري رسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة ورئيس مجلس الأمن حول المواقف العدائية لرئيس الجمعية العامة السفير القطري ناصر بن عبد العزيز النصر قال فيها إن "تصريحات وبيانات رئيس الجمعية العامة لا تتسق مع دور وولاية رئيس الجمعية العامة الذي من المفترض أن يلتزم بميثاق الأمم المتحدة وأن يكون محايداً وموضوعياً". وأضافت الرسالة إنه "وفقاً لما جاء في النظام الداخلي للجمعية العامة فإنه يفترض ألا يتأثر رئيس الجمعية العامة بمواقف بلاده السياسية باعتباره منتخباً ليكون رئيساً للجمعية العامة بكل أعضائها وليس لاستخدام منصبه لتمرير مواقف بلاده السياسية".

دمشق: مجزرة حمص دبرها الحلف المعادي

وتعليقاً على المجزرة في حمص قالت صحيفة "تشرين" السورية في افتتاحيتها إنه "في توقيت أقل ما يقال عنه إنه مفضوح النيات وينم عن غباء متأصل، عرضت فضائيات "حمد" و"الفيصل"، وتزامناً مع جلسة لمجلس الأمن حول الأوضاع في الشرق الأوسط، صوراً مروعة لعائلات قتلت بالكامل في مدينة حمص، متهمة كالعادة وفي تزوير واضح للحقائق وحدات الجيش بالمسؤولية عن هذه الجريمة".

وفندت الصحيفة ما سبق المجزرة ورافقها من تطورات إقليمية ودولية خطيرة قامت المجموعات المسلحة باستغلالها لارتكاب المجزرة. وأوضحت أنه "في تحقيقات الكشف عن الجرائم تكون البداية دوماً بالإجابة عن سؤال رئيسي يتمثل في تحديد هوية المستفيد من وقوع الجريمة، وفي المجزرة المؤلمة تنحصر الفائدة في جانب المجموعات الإرهابية المسلحة والأنظمة العربية والغربية الداعمة لها، وذلك بالنظر إلى تزامن عرض المجزرة مع انعقاد جلستين منفصلتين لمجلسي الأمن الدولي وحقوق الإنسان لمناقشة الوضع في سورية، والمنطق يقول: ليس هناك دولة في العالم تقدم على عمل يناقض مصالحها ويزيد من الضغوط عليها. وهذا هو حال الدولة السورية في مجزرة أمس، بينما مصلحة المجموعات المسلحة وداعميها تكمن في زيادة هذه الضغوط عبر اللعب على وتر إثارة العواطف والمشاعر الإنسانية لدى الرأي العام العالمي".

لافروف يستغرب موقف قطر

وفي المواقف من الوضع في سورية، أمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "يطرح أنان تقييمه الأولي للوضع في سورية في أقر ب وقت".

وأعرب لافروف عن دهشته لموقف قطر الداعم لتدخل عسكري في سورية. وأكد أن "المعارضة المسلحة للحكومة السورية يجب أن تتوقف عن القتال في الوقت نفسه تماماً مثل القوات الحكومية وضرورة مطالبتها أيضاً بالانسحاب من مواقعها".

وأضاف لافروف أنه "يجب أن يكون هذا متزامناً، يجب ألا يكون هناك وضع حيث تكون هناك مطالبة بأن تغادر الحكومة المدن والبلدات لكن لا تجري مطالبة الجماعات المسلحة بذلك". واعتبر أن "انسحاب القوات الحكومية من جانب واحد غير واقعي على الإطلاق".

في السياق ذاته، أعلن نائب وزير الدفاع الروسي رفضه وجود قوات خاصة روسية في سورية.

ونقلت قناة "روسيا اليوم" عنه تأكيده التزام موسكو بالصفقات المبرمة مع دمشق حول توريد الأسلحة.

طهران ترفض التدخل العسكري

وفي طهران حذّر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست الدول التي تدعو إلى تدخل عسكري في سورية، مؤكداً أن "أي تدخل سيؤدي إلى عواقب وخيمة على أوضاعها ومصالحها الداخلية".

وفي إطار المواقف الداعمة لاستمرار العنف قال الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون إن واشنطن ولندن ستواصلان تقديم الدعم للمعارضة السورية والإصرار على تنحي الرئيس الأسد.

أنان ينتظر الرد السوري

إلى ذلك، أعلن أنان من أنقرة أمس أنه ينتظر اليوم (أمس) رداً من سورية على المقترحات التي قدمها للرئيس الأسد.

ووصف أنان في ختام لقاء له في العاصمة التركية مع ما يسمى "المجلس الوطني السوري" الأجواء بالإيجابية مجدداً دعوته لوقف العنف للخروج من الأزمة.

من ناحيته، أوضح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن أنان سيحصل على جواب خلال الساعات الـ48 المقبلة على المقترحات التي قدمها للرئيس السوري بشار الاسد.

العربي

وفي هذا السياق، طالب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في بيان له، بـ"تحقيق دولي في الجرائم ضد المدنيين السوريين خصوصاً في حمص وإدلب".

ولفت إلى "أن ما تناقلته وسائل الإعلام من مشاهد مريعة حول الجرائم المرتكبة في حق المدنيين الأبرياء في حمص وإدلب وأنحاء مختلفة من سورية يمكن وصفها بأنها جرائم ضد الإنسانية، ولا يجوز من الناحية الأخلاقية والإنسانية السكوت عن مرتكبيها".

المالكي يرفض إدخال السلاح إلى سورية

إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اتصال هاتفي مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن "رفضه لأي محاولة لإدخال السلاح إلى سورية".

وأكد أن "تشديد الإجراءات ووضع الحدود المشتركة بين العراق وسورية تحت المراقبة المشددة يأتي انسجاماً مع حرص العراق على إيجاد حل سلمي للوضع في سورية وحقن الدماء وتجفيف مصادر العنف".

وفي أنقرة طالب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بسحب القوى الأمنية السورية من المدن "لضمان إيصال المساعدات الإنسانية"، معلناً دعم بلاده لمهمة أنان، مشيراً إلى الاستعداد لاستقبال ما يسمى "مؤتمر أصدقاء سورية".

المجلس الأوروبي

وفي المقابل، جدّد رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي التزام الاتحاد الأوروبي بتصعيد الضغوط على النظام السوري، داعياً وزراء خارجية الاتحاد إلى فرض مزيد من العقوبات على دمشق.

إحباط تسلل مجموعة إرهابية

أما في الشأن الأمني، فقد أفادت وكالة "سانا" أن "الجهات المختصة أحبطت محاولة تسلل مجموعة "إرهابية مسلحة" من لبنان إلى داخل الأراضي السورية في موقع جسر قمار والعريضة في تلكلخ".

وأضافت أن "الاشتباك أسفر عن إصابة عدد من الإرهابيين الذين لاذوا بالفرار مع باقي أفراد المجموعة الإرهابية باتجاه الأراضي اللبنانية".

ولبنانياً، ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أمس على أربعة أشخاص في جرم الاتجار بالأسلحة وتهريبها إلى سورية.

في هذا السياق، أفادت قناة "الجديد" عن أن "استخبارات الجيش أوقفت سيارة من نوع "بيك آب" عند مستديرة القنايا في صيدا بداخلها أسلحة وذخائر بعد خروجها من عين الحلوة".

واعتبر مرجع بارز أمس أن ما يحصل على صعيد كشف الخلايا السلفية في لبنان أمر خطير ويحتاج إلى متابعة ومؤازرة الجيش والقوى الأمنية لضبط هذه الخلايا والشبكات خصوصاً بعد أن ثبت أن هناك جهات خارجية تساعدها.

وأضاف المرجع أنه ومهما تنوعت الأسماء والتسميات لهؤلاء الأشخاص وخلاياهم فإن المنبع واحد ومعروف وهو (القاعدة).

بكركي تحضر للرد على جعجع

أما على الصعيد السياسي اللبناني فقد تواصلت المواقف المستنكرة لما صدر عن سمير جعجع ضد تصريحات البطريرك الراعي وإطلاقه اتهامات ضده.

ونقلت "النشرة" عن مصادر كنسية أن الرد على تعرض جعجع لموقع بكركي وللبطريرك الراعي لن يتأخر، مشيرة إلى أن هذا الرد يخضع للدراسة المتقنة من قبل المعنيين وعلى رأسهم البطريرك الراعي. وأشارت المصادر إلى أن أكثر ما أغضب أوساط بكركي في حديث جعجع تمثل بمحاولة الأخير مراراً وتكراراً خلال إطلالته زرع الشقاق بين البطريرك الماروني ومرجعيته أي الفاتيكان، لافتة إلى أن الرد "وفي حال تأخر قليلاً بسبب زيارة الراعي إلى قطر، فهو بالتأكيد سيصدر في التوقيت المناسب".

… والراعي يرفض العنف

وأمس، جدد البطريرك الراعي، من قطر إدانته للعنف في سورية "من أي جهة أتى سواء أكان من النظام أو من الشعب أو من المسلحين"، مذكراً بأن "المسيحية تدعو إلى عدم القتل".

وسأل البطريرك الراعي: "أين هي الديمقراطية التي يتحدثون عنها في العراق اليوم خصوصاً في ظل هجرة المسيحيين"، مشيراً إلى أنه "مع من يختاره الشعب للمجيء إلى الحكم".

وشدد على أن "الكنيسة ستبقى حرة لونها وطني واحد وهو الميثاق الوطني المسلم المسيحي"، مشيراً إلى أن "دورها جمع كل الألوان حول لون واحد اسمه لبنان". ولفت إلى أنه "يفرق الدين عن السياسة وهو يتعاطى في الأمور الدينية فقط".

سليمان وعون يتضامنان مع البطريرك

وفي هذا السياق، نوّه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "بالجهود التي يقوم بها الراعي من أجل الحفاظ على الوجود المسيحي الحر في الشرق".

كذلك، استنكر رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" ميشال عون الهجوم مشيراً إلى أنه "لم يتفاجأ به ولكن التعرض الشخصي والاتهامات للراعي غير مقبولَين ومرفوضَين ونحن إلى جانبه".

أحقاد "المستقبل"

أما كتلة "المستقبل" التي تجاهلت في بيانها أمس هجوم حليفها جعجع على البطريرك فأطلقت كل أحقادها ضد سورية، وذهبت إلى تحميل السلطات السورية مسؤولية المجزرة التي حصلت في حمص، داعية إلى تشكيل لجنة دولية عربية محايدة للتحقيق بما زعمته "المجازر التي يرتكبها النظام".

السابق
وثيقة المستقبل والثورة السورية
التالي
الشرق: سليمان أثنى على كشف الشبكة الأصولية وأشاد بجهود الراعي حفاظا على الوجود المسيحي