لنغير المعادلة

ات مرة كانت هذه تشبه قصة من الماضي السحيق، دار هنا جدال صغير حول نجاعة عمليات الاحباط المركز او التصفيات، كيفما أردتم تسمية ذلك. لا ريب أنه كطريقة قتال ضد «الارهاب» هذه طريقة مناسبة – وفي نظري ايضا اخلاقية اكثر بكثير من العقاب الجماعي او اعمال الرد في ظل استخدام القوة المبالغ فيها. السؤال الحقيقي حول كل عملية هو بالطبع ما الذي احبط هنا حقا وهل كانت مبررة في السياق العام للتصعيد والتهدئة. غير أننا بذلك متعلقون تماما بما يقوله جهاز الامن، الذي لديه جملة تعليلات ثابتة ومعروفة. وفي احيان بعيدة فقط، وعلى مسافة آمنة من الحدث نفسه، يمكن ان نسمع اناسا من داخله يعترفون بانه قد لا تكون جدوى التصفيات تساوي ضررها. ولكن في الجمهور الجدال انتهى منذ زمن بعيد، هذا اذا كان اصلا: هم يقتلون احدا ما، فيبدو ان هذا كان عن حق.
تصفية زهير القيسي، امين عام لجان المقاومة الشعبية، عللت بمحاولة منع عملية كبيرة من سيناء انشغل في الاعداد لها. ولكن حتى في اقوال وزير الدفاع أمس (الاول) كان يمكن لنا أن نسمع بأن الحديث لا يدور عن احباط مباشر: باراك قال صراحة انه ليس واضحا تماما ما الذي خطط له ومن أين، وهل احبطت العملية. يمكن التخمين من الاقوال بأن الحديث يدور بقدر أكبر عن الردع بحيث ان من يخطط لمثل هذه العمليات سيعاقب على الفور ونقدا.

لقد أثبت التاريخ بأن مثل هذا الردع يتحقق فقط في احيان بعيدة. بالمقابل، واضح أن سياسة ثابتة لضرب منظمي «الارهاب» تدفعهم لان يشعروا بالمطاردة وتجعل عملهم صعبا. كل شيء، التصفية كرد فعل، يجب النظر اليها بتعابير المعركة المتواصلة، التي لا يتحقق فيها الحسم ولا حتى الردع الحقيقي الى أن يقرر احد ما تغيير المعادلة من أساسها. القادة الاسرائيليون الذين سبق أن تعلموا على جلدتهم كم هي مهزوزة نتائج مثل هذه المحاولات يفضلون الامتناع عنها. فالنتيجة تبعث خيبة الامل لدى الكثيرين منا ممن يشعرون بأن القوة الهائلة للجيش الاسرائيلي لا تجد تعبيرها ولا تحقق حسما لا لبس فيه، ولكن لا يوجد حقا شخص في القيادة السياسية – الامنية يؤمن بامكانية مثل هذا الحسم.

ما لا شك فيه هو قدرة منظومة «قبة حديدية» والتي حسب المعطيات التي وفرها الجيش الاسرائيلي نجحت في اختبار اكثر كثافة من الماضي، واثبتت قدرة على اعتراض عدد كبير نسبيا من الرؤوس المتفجرة في زمن محدود. وحتى لو لم يكن الاغلاق الذي تحققه المنظومة ليس محكما، فلا ريب أنها توفر حرية عمل أكبر لاصحاب القرار. وانطلاقا من ذات المفهوم للقتال المتواصل يمنح التحصين المحسن الذي توفره قبة حديدية للقائد احساسا بانه يمكن بسهولة اكبر اقرار عملية، وذلك لان الثمن في طرفنا سيكون أقل. محظور الاستخفاف بدرجة هذه الحرية، مثلما محظور اساءة استخدامها. فحتى لتشويش حياة مئات الاف الاشخاص في المنطقة المتعرضة للتهديد بالنار توجد أهمية.

معنى كل هذه الامور هو واحد: التزود بقبة حديدية يجب ان يكون في الاولوية على امور اخرى، ومحظور لجهاز الامن ان يلوح بالتهديد الا تكون بطاريات اخرى في حالة تقليص الميزانية. هذا هو وجه الحرب في المستقبل القريب، وهي ستحسم من خلال التحصين الفاعل والسلبي اكثر بكثير مما على أيدي القوات المهاجمة. التشديدات بالمال والتسلح يجب أن تكون بناء على ذلك. على رئيس الوزراء أن يقرر بشكل لا لبس فيه لجهاز الامن بان قبة حديدية مثل وسائل دفاع اخرى، هي خارج نطاق جدال الميزانية.

السابق
ثمن مؤلم من غزة
التالي
اسرائيل تقرر اغلاق المدارس في الجنوب.. وصاروخا غراد يسقطان وسط بئر السبع