ماذا تعرف النساء عن .. الواقي الأنثوي؟

أثبت الواقي الذكري في الأعوام الثلاثين الماضية أنه الطريقة الأكثر موثوقية للحماية من الأمراض المنقولة جنسياً، وخصوصاً من فيروس الأيدز (ينتقل في شكل أساسي عن طريق الجنس). في المقابل، استعمال الواقي الأنثوي محدود جداً، رغم أن فاعليته موثوقة بقدر الواقي الذكري. نجد الأجوبة عن هذه المفارقة في تاريخ الواقي الأنثوي، ولا سيما في بعض التفاصيل الصغيرة والذاتية أحياناً.

نبذة موجزة
على الأرجح، إن فكرة الواقي الأنثوي قديمة جداً لأننا وجدنا نصوصاً عنه تعود إلى القرن السادس عشر! وأحد الأنواع الأولى المعروفة للواقي الأنثوي يعود إلى مطلع القرن العشرين. وكان عبارة عن واقٍ للنساء مصنوع من… الكاوتشوك! عُرِض للبيع لفترة قصيرة في إنكلترا وفرنسا قبل منعه (تحت تأثير الأفكار الاجتماعية والدينية في تلك الحقبة). بطبيعة الحال، كان الدور الأساسي للواقي الأنثوي في الأزمنة الغابرة، تفادي الحمل غير المرغوب فيه (لم يُكتشَف فيروس “الأيدز” إلا قبل عشرات الأعوام).

ثم وجب الانتظار حتى ثمانينات القرن العشرين كي يطوّر لاس هيسل (باحث دانماركي) واقياً أنثوياً يمكن استعماله بسهولة لمكافحة مرض الأيدز. وقد عمل باحثون آخرون على تطوير هذا الواقي “الحديث” إلى أن حصل عام 1993 على أول موافقة رسمية (من إدارة الأغذية والأدوية الأميركية التي تعدّ أبرز سلطات مراقبة الأدوية والأجهزة الطبية والموافقة عليها في العالم). صُنِع هذا الواقي الأنثوي “الرسمي” الأول من مادة “البولي يوريثان” (Polyuréthane)، وجرى تسويقه في العالم اعتباراً من عام 1995 تحت أسماء متنوعة (Female Condom Fémidom Preservativo Femino ، Reality، Fémy…). فكان هذا الجيل الأول من الواقي الأنثوي.

ومنذ فترة قصيرة، حاول الصناعيون استبداله بواقٍ مصنوع من مادّة أقل كلفة من “البولي يوريثان” وتولد “ضجيجاً” أقل خلال العلاقات الجنسية. وهكذا جرى بين 2005 و2009 تصنيع جيل ثانٍ من الواقي الأنثوي المصنوع من النتريل الاصطناعي عوض الـ”بولي يوريثان”. يسوق هذا الجيل الثاني بأسماء متنوعة في العالم (مثلاً Reality، Femidom، Dominique، Femy، Myfemy، Protectiv، Care…). ويجري حالياً العمل على تطوير جيل ثالث من الواقي الأنثوي (من اللاتكس الطبيعي)…

كيف يُستخدَم الواقي الأنثوي؟
كي يكون الواقي الأنثوي فاعلاً وموثوقاً، يجب أن تتعلم المرأة كيف تستعمله (غالباً ما تُنصَح بإجراء محاولات عدّة بمفردها في البداية). إنه أطول وأكبر من الواقي الذكري لأنه يجب أن يتكيّف مع حجم المهبل الذي يتغَير إلى حد كبير قبل العلاقات الجنسية وخلالها وبعدها. فضلاً عن ذلك، ثمة أحجام كثيرة (الحجم الوسط هو الأكثر استعمالاً)، وعلى المرأة أن تجرّب أحياناً أحجاماً عدة قبل أن تقرّر ما هو الحجم الأنسب لها. الواقي الأنثوي مزوّد عند طرفَيه بحلقة شبه صلبة: الحلقة الموجودة في الطرف الداخلي تساعد في إدخال الواقي بسهولة أكبر في المهبل ووضعه بطريقة صحيحة، في حين أن الحلقة في الطرف الخارجي (التي توضَع خارج المهبل وتغطي جزءاً من الفرج) تسهم في إبقاء الواقي في مكانه خلال العلاقة الجنسية.

ما هي إيجابيات الواقي الأنثوي؟
إحدى الإيجابيات الأساسية في استعمال الواقي الأنثوي هي أنه الوسيلة الوحيدة للوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً، وخصوصاً الأيدز، والتي تستطيع المرأة التحكّم بها بالكامل من دون أن تكون رهناً بسلوك الرجل. ولهذا السبب خصوصاً، تنصح به منظمات الصحة الدولية المختلفة.

لكن مقارنة بالواقي الذكري، يتمتّع الواقي الأنثوي بإيجابيات أخرى ملحوظة، أبرزها: يمكن وضعه قبل ساعات من العلاقة الجنسية إذا دعت الحاجة (حتى قبل ثماني ساعات)، في حين أنه لا يمكن استعمال الواقي الذكري إلا خلال ممارسة الجنس، ولا حاجة إلى سحبه مباشرة بعد القذف (يُسحَب لاحقاً خلال الاغتسال)، مما يتيح للحميمية بين الشريكَين أن تدوم وقت أطول بعد انتهاء العلاقة الجنسية، علماً أن لا رائحة له. وأخيراً، وهي النقطة الأهم ربما، يمكن استعماله حتى إذا كانت المرأة تعاني الحساسية، في حين أن الواقي الذكري قد يتسبب أحياناً بالحساسية (وخصوصاً على مادة اللاتكس)…
ورغم ذلك استعماله قليل!

لا شك في أن الواقي الأنثوي محدود جداً في العالم مقارنة بالواقي الذكري، حتى أن عدداً كبيراً من الأشخاص الذين يعملون في الحقل الطبي، يجهلونه!

لكن ما هي سلبيات الواقي الأنثوي؟ في الواقع، ثمة نقاط كثيرة تجعل النساء يبتعدن عن استخدامه. ففي دراسة شملت نساء استعملنه وقارنّه بالواقي الذكري، ذكرن السلبيات الأساسية الآتية:
■ أولاً، الصوت! ولا سيما الذي يصدره الواقي الأنثوي من الجيل الأول المصنوع من مادة ال”بولي يوريثان” التي تصدر صوتاً شبيهاً بصوت كيس بلاستيك خلال تحرّك العضو الذكري في المهبل! الجيل الثاني من الواقي الأنثوي أكثر “تكتماً” بكثير!
■ سعره الذي يتجاوز سعر الواقي الذكري بضعفَين أو ثلاثة أضعاف.
■ وجوب تعلّم استخدامه وإجراء اختبارات عدّة بواسطة أحجام متنوعة قبل التمكّن من استعماله بطريقة فاعلة.
■ يجب إمساك الحلقة الخارجية غير “الأنيقة” كثيراً، بالأصابع خلال ولوج المهبل للتأكّد من أن العضو الذكري دخل جيداً في الواقي الأنثوي.
■ يصبح الواقي مرطّباً جداً أحياناً، مما يجعل التحكّم فيه صعباً.
■ عندما يوضَع الواقي الأنثوي قبل وقت طويل من إقامة العلاقة الجنسية، يكون المهبل لا يزال قصيراً (يصبح أطول تحت تأثير هرمونات الرغبة والمتعة وخلال ولوج العضو الذكري)، ونتيجةً لذلك يبقى جزء من الواقي خارج المهبل! وهذا أمر مزعج جداً للمرأة من الناحية الجمالية.
وربما كان هناك سبب آخر ذو طابع اجتماعي وراء عدم رغبة النساء في استعمال الواقي الأنثوي. ففي الواقع، المستخدمات الأساسيات للواقي الأنثوي في العالم هن… المومسات! لذلك، فإن بعض النساء لا يتقبلن أحياناً على الصعيد النفسي، فكرة استخدام الوسيلة نفسها التي تستعملها المومس!

إذاً ما هي الحالات التي يمكن أن يكون فيها الواقي الأنثوي مفيداً جداً؟
يمكن استخدام الواقي الأنثوي للوقاية من كل الأمراض المنقولة جنسياً، ولمنع حصول حمل غير مرغوب فيه (منظمة الصحة العالمية تعترف به لهذين الاستعمالَين). لكن هناك حالات معينة يمكن أن يكون فيها مفيداً جداً:
■ الحساسية على مادّة اللاتكس.
■ عندما يتسبّب وضع الواقي الذكري بفقدان الانتصاب.
■ لدى الشريكَين اللذين يعتبران أن وضع الواقي الذكري يؤدّي إلى “كسر” العفوية الجنسية (الواقي الأنثوي يمكن وضعه مسبقاً ونزعه لاحقاً).
■ في الحالات التي ترغب فيها المرأة في أن تكون صاحبة التحكّم المطلق في ما يتعلق بالوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً.

في مختلف الأحوال، يجب ألا نتعامل بإهمال وعدم معرفة مع المسألة. فالواقي الأنثوي يشكّل بديلاً جيداً عن الواقي الذكري في حال كان استعمال الأخير يسبّب صعوبات ما. وكما في حالات كثيرة في الصحة الجنسية، يصعب أحياناً تكوين فكرة عن شيء ما إذا لم نجرّبه! إذاً أنصح كل النساء اللواتي يرغبن في تجربة الواقي الأنثوي، بألا يتردّدن أبداً في المحاولة. فقد تكتشفن، على غرار بعض النساء المستطلَعات، أن الواقي الأنثوي يشكّل وسيلة إضافية من وسائل… الألعاب الإيروتيكية!

السابق
مكي: للخروج من لغة المذهبية والطائفية
التالي
افتتاح المعرض العلمي والمهني السنوي في النبطية