اللواء: الصفدي يرفع مشروع قانون بتسوية مالية شاملة إلى مجلس الوزراء والحملة على جنبلاط هل تُبقيه في الخارج؟

تعدت المسألة الاحجام الرقمية للانفاق الاضافي من خارج الموازنة الى ما بدا شبه تصفية لحسابات من نوع آخر، فرضتها تطورات الازمة السورية، لكن الخشية من تفاقم الوضع أبقت الخطوط الضعيفة غير مقطوعة بين الاطراف:
1- انشغلت الاوساط الرسمية والسياسية والدبلوماسية بمآل التمايز الجنبلاطي عن الشركاء في الحكومة، واغراض الحملة على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي كان الاثنين الماضي في زيارة الى لندن التي وصلها من باريس. وهو على طائرة واحدة مع النائب مروان حمادة الذي عاد امس الى بيروت.
ومع ان موقع الحزب الاشتراكي لم ينبت امس ببنت شفة حول نشاط رئيسه في العاصمة البريطانية، وعما اذا كان ما يزال هناك او غادرها، فإن الاوساط اياها بقيت منشغلة بالتموضع الجنبلاطي الجديد بين الحكومة وخارجها.
وتساءل مرجع مطلع: أين جنبلاط، وهل سيعود الى بيروت؟ ومتى؟
والسؤال على براءته وعفويته يختصر مشهداً برمته ويفتح الشهية على اسئلة اخرى، رغم التطمينات الجنبلاطية لا سيما وزراء جبهة النضال الوطني، من ان جنبلاط بات حيث هو ويحرص على الابتعاد عن كل ما من شأنه تعميق الانقسام الداخلي، ومنها: هل تلقى جنبلاط نصيحة بالابتعاد عن الساحة الداخلية؟ وهل سمع نصائح شبيهة بتلك التي تلقاها الرئيس سعد الحريري فآثر السفر والبقاء في الخارج؟
لا أجوبة حتى الآن، إلا ان غياب جنبلاط لم يمنع ان يكون الحاضر الاول في التداولات السياسية والمواقف التي صدرت امس، النائب ميشال عون وصف غياب نواب جنبلاط عن الجلسة النيابية والتي اطاحت بالنصاب، بانه "موقف سلبي" وهو كان بحث الموضوع مع الامين القطري للبعث فايز شكر الذي اتهمه "بالشبيح رقم واحد".. والوزير السابق وئام وهاب بحث موضوع جنبلاط مع الرئيس نبيه بري، مذكراً اياه بفضل الرئيس حافظ الاسد عليه وعلى الدروز من خلال دعم قوانين انتخابات تلاءم زعيم المختارة.. والنائب سليمان فرنجية كشف بأنه لم يكن متفائلاً ببقاء جنبلاط معنا، عندما بدأت المشاكل في سوريا، معتبراً ان جزءاً من حسابات جنبلاط انتخابي والجزء الآخر مادي – مالي، متوقعاً أن يدفع جنبلاط الثمن لأن لا أحد سيسلمه العدد من النواب الذي سيرجح كفة فريق على آخر.

تسوية أم لا تسوية؟
2 – اما الأزمة المالية – السياسية، فهي عالقة بين رفض عوني لإيجاد تسوية، وإصرار الكتل الأخرى في 14 آذار وغيرها على ابرام تسوية. وطاول هذا الخلاف مكونات الحكومة الميقاتية نفسها، ولا سيما مشروع القانون الذي عهد أقطاب الأكثرية الحالية، لوزير المالية محمّد الصفدي اعداده، على هامش الجلسة التي لم تنعقد امس الأوّل.
وبحسب المعلومات، فان عون رفض بشكل مطلق أي تسوية لملف الانفاق المالي تنطلق من المساواة بين مبلغي الـ11 مليار دولار الذي انفقته حكومتا الرئيس فؤاد السنيورة ومشروع انفاق الـ8900 مليار ليرة الذي تطلبه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كما ورد في مشروع الصفدي، مصراً على ضرورة الفصل بين المبلغين، مؤكداً بأن هذا الموقف نهائي وغير خاضع للمساومة تحت أي ظرف من الظروف.
وذهب مصدر وزاري في "التيار الوطني الحر" إلى حدّ تهديد عون بسحب وزرائه من الحكومة ومقاطعة نواب التكتل مجلس النواب.
وكان لافتاً للانتباه، أمس، مبادرة قناة "المنار" الناطقة بلسان "حزب الله" إلى نفي وجود أي تسوية تتعلق بالانفاق المالي، بحسب ما أعلن الوزير الصفدي بأنه "اعد مشروع قانون يتعلق بتسوية النفقات المالية من العام 2006 ولغاية العام 2010، مشيرة إلى انه "جرى الاتفاق خلال اجتماع أقطاب الأكثرية على هامش عدم انعقاد الجلسة التشريعية على اعداد مشروع قانون ينظم قطع حساب لمعالجة الخلل في الانفاق خلال الفترة الماضية، وأن مشروع القانون سيسلك طريقه إلى لجنة المال وأن الأجهزة الرقابية ستأخذ دورها في التدقيق.

وعاد الوزير الصفدي وأكّد، أمس، لقناة "الجديد" انه أنجز بعد ظهر أمس مشروع قانون يتعلق بتسوية النفقات من العام 2006 إلى العام 2010، على أن يرفعه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، معتبراً ان هذه التسوية يجب أن تكون تسوية كلية لا جزئية، ولذلك كان لا بدّ من إضافة انفاق العام 2010، أي نحو خمسة مليارات دولار مشيراً إلى أن الوزارة تملك كل المستندات اللازمة لإنفاق عام 2010، وأن هناك قيوداً لهذه الحسابات، لكن المخالفة هي 16 مليار دولار، معتبراً أن أي تسوية يصدرها مجلس الوزراء يجب أن تشمل قراراً يغطي الـ 16 مليار دولار.

إيجابية "المستقبل"
واللافت في هذا السياق، أن كتلة "المستقبل" النيابية تعاملت بإيجابية، مع "َما تردد من استعداد الحكومة الحالية لإعداد مشروع قانون بشأن المبالغ التي أنفقت من خارج القاعدة الاثني عشرية"، وقالت الكتلة في بيانها الرسمي بعد اجتماعها الأسبوعي برئاسة الرئيس السنيورة في "بيت الوسط" "أنها أخذت علماً بما تردد (…) في عملية إقرار متكاملة وشاملة، لما يلزم لزيادة سقوف الإنفاق حتى العام 2011، والمماثل لبعضه بعضاً، وذلك كله في وقت واحد".
إلا أن الكتلة تساءلت في هذا الصدد لماذا لم يقدم وزير المالية، ولم تقدم الحكومة على هذا العمل من قبل؟ ألا تعلم الحكومة أنه بإهمالها هذا عملت على إدخال البلاد في هذا التوتر والجدل العقيم الذي كانت البلاد أشد ما تكون بحاجة إلى تجنبه؟
ولاحظت الكتلة أن إصرار البعض على الفصل بين تخطي الحكومة الحالية للقاعدة الاثني عشرية وتخطي الحكومات السابقة لهذه القاعدة، هو بمثابة تمييز مرفوض يقصد منه تحقيق أهداف كيدية، وطالبت بتشريع التدقيق المالي للدولة منذ الطائف وحتى اليوم، وذلك من خلال إحالة مشروع قانون حكومة الرئيس السنيورة المقدم في العام 2006 إلى اللجان المختصة لإقراره لتنتهي المزايدات الرخيصة والفارغة التي يقوم بها بعض الفريق الآخر، وليتبيّن للبنانيين جميعاً الخيط الأبيض من الخيط الأسود

سجال "المستقبل" – عون
3- ورغم هذه الإيجابية المشروطة بالتسوية الشاملة، فقد مضى الفريق العوني في تصعيده، وجديده مؤتمر صحفي عقده النائب ابراهيم كنعان كنائب في تكتل التغيير والاصلاح وليس كرئيس للجنة المال، معيداً ما سبق وذكره مراراً من اتهامات لفريق المستقبل، معتبراً أن اقتراح القانون المعجل الذي قدمه في شأن المليارات الـ 22 دولار مخالف للأصول البرلمانية والديموقراطية، وأن الرئيس السنيورة يتناسى أن المطلوب هو قطع الحسابات ولا شيء غير الحسابات، وان مشروع الـ 8900 مليار ليرة يحترم الاصول، معلنا رفضه اية تسوية، مشددا على ضرورة محاسبة الحكومات السابقة التي نصبت نفسها مكان السلطة التشريعية.
وسارع عضو كتلة "المستقبل" النائب احمد فتفت إلى الرد على كنعان من مجلس النواب، مؤكدا رفض "المستقبل" لمبدأ التسوية او اللفلفة، مطالبا بمحاسبة شاملة منذ الطائف إلى الآن، وتأييده لتدقيق دولي لنعرف من هرّب المال ووضعه في حسابه الخاص، مشيرا إلى ان قطع الحساب من مسؤولية وزير المال، حليف النائب عون.

فرنجية
وسط هذه الاجواء الملبدة، لم يستبعد مصدر وزاري طرح مواضيع غير مدرجة على جدول اعمال الجلسة الحكومية المقررة في السراي اليوم، ما قد يخرجها عن الروتين المعتاد، الا ان مصدرا حكوميا نفى هذا الاحتمال، واصفا إياه بأنه "اجتهاد اعلامي"، مؤكدا ان مشروع القانون الذي قال الوزير الصفدي انه انجزه لتسوية النفقات لم يصل بعد إلى الامانة العامة لمجلس الوزراء.
إلا ان اللافت كان دخول رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية على خط الانتقاد للرئيسين ميشال سليمان وميقاتي، اضافة إلى انتقاد جنبلاط، حيث عبر عن انه ليس راضيا عن سياسة النأي بالنفس التي يتبعها الرئيس ميقاتي تجاه الوضع في سوريا، محملا الرئيس سليمان مسؤولية التأخير في انجاز التعيينات، معتبرا ان موقف رئيس الجمهورية لا يسهل الملف في بعض المواقع، في اشارة إلى الخلاف على مجلس القضاء الاعلى، معتبرا ان للرئيس سليمان حقوقاً، ولكن ليس الحصة الاكبر أو الأهم.
واكد فرنجية المعلومات التي ذكرت بأن الرئيس سليمان طلب من وزير الدفاع فايز غضن في اثناء زيارة الاخير إلى طهران عدم التوقيع على بروتوكول تعاون عسكري مع ايران، بعدما كان شجعه على ذلك قبل سفره، عازيا تبدل موقف رئيس الجمهورية إلى تدخل السفيرة الاميركية مورا كونيللي، علماً ان موقف الرئيس ميقاتي من البروتوكول كان متحفظا على حد قول فرنجية، الذي وصف الحكومة بأنها في مرحلة تصريف اعمال رغم انها قائمة.

السابق
الشرق: ميقاتي حريص على ضبط الحدود ومنع تسريب المسلحين والسلاح
التالي
الانوار: عون يرفض مشروعا للصفدي بتسوية شاملة لمشكلة المليارات