نقاش دولي لمسودّة قانون المخفيِّين قسراً في لبنان

حق المعرفة كان العنوان الأساس للطاولة المستديرة التي نظّمها المركز الدولي للعدالة الإنتقالية أمس، حول مسودّة مشروع قانون المفقودين والمخفيين قسراً، الذي أعدّته «لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين»، و»لجنة دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين (سوليد)» بدعم الإتحاد الأوروبي. واعتبر المشاركون في اللقاء الذي عقد في أوتيل «جيفينور- روتانا»، المشروع خطوة أولى للوصول الى العدالة في هذه القضية.
شدّد المجتمعون على أن قضية المفقودين والمخفيين قسرا لم تبدا بهذا القانون ولن تنتهي به، وأشارت المداخلات الى أن العدالة تتطلّب الى معرفة مصير المفقودين والمخفيين، التحقيق والمعاقبة والتعويض والمصالحة. وكانت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة انجيلينا ايخهورست، افتتحت النقاش، فيما تغيّب وزير العدل شكيب قرطباوي لأسباب خاصة، وحضر عنه مسعود نهرا، كذلك شارك في اللقاء مقرّر لجنة حقوق الانسان النيابية النائب غسان مخيبر، ومدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية حبيب نصّار، والسفير الإسباني خوان كارلوس، وأهالي عدد من الضحايا من إسبانيا والبوسنة والهرسك ولبنان الذين تشاركوا إستذكار المعاناة وبدى التأثّر واضحا لديهم رغم مرور الوقت على معاناتهم.

إيخهورست

وصفت أيخهورست في كلمتها، مشروع القانون بـ"الخطوة الأولى في الإتجاه الصحيح"، وذكّرت بدعوة الاتحاد الأوروبي لبنان الى "الوفاء بالتزاماته السياسية لمعالجة مسألة المخفيين"، وأشارت الى أن "الاختفاء القسري يعتبر جريمة ولا تبرّره أي ظروف استثنائية". وأضافت "اجتمع ممثلون عن لبنان والإتحاد الأوروبي قبل أقل من أسبوعين في بروكسل لمناقشة مسائل مرتبطة بحقوق الإنسان والعدالة. وقد دعونا لبنان إلى المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ودراسة الانضمام الكامل إلى ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية. كما طلب الاتحاد من لبنان الوفاء بالتزاماته في معالجة مسألة المخفيين، بما في ذلك اعتماد التشريع الذي يقرّ بالحقوق المعترف بها دولياً لعائلات المفقودين والمخفيين".

نهرا

من جهته ذكّر نهرا بأن "مجلس الوزراء اتخذ في بيانه الوزاري التزاماً حاسماً بحل قضية ضحايا الإختفاء القسري نهائيا عبر انشاء هيئة وطنية". وقال: "الوزارة تعمل حالياً على صوغ مشروع مرسوم يتضمن انشاء مثل هذه الهيئة بصلاحيات واسعة ومشاركة فاعلة من جميع المعنيين". واضاف: "عملا بالدستور والمعاهدات الدولية التي اقرّها لبنان وعلى رأسها معاهدة مناهضة التعذيب، وعملا بإرادة لبنان في تجاوز ماضيه بجميع ابنائه، وتمتين السلم الأهلي على أساس قيم حقوق الانسان والمساواة، فقد بدا من الملائم وضع قانون لمعالجة قضايا المفقودين ووضع حد لمعاناة ذويهم".

مخيبر

وفيما ترأس مخيبر إحدى الجلسات، لاحظ أن مسودة اقتراح القانون "تقتصر على توفير الحق في المعرفة، من دون الحقوق الأخرى الضرورية لمعالجة نهائية وكاملة لقضية الإختفاء القسري لجهة تحقيق اهداف العدالة والمصالحة". وشدّد على ضرورة "ضمان عدم تكرار هذه الجرائم". وقال أن "ثمة كمّاً كبيراً من المعلومات المتعلقة بالمفقودين والمخفيين قسراً، ويجب الإفصاح عنها لأنها قد تشكّل الخطوة الأولى في انجاز التحقيق الجدي". ورأى أن "ثمة حاجة لحماية المعلومات والأفراد الذين يكشفون عنها". واعتبر "مسالة نبش المقابر ليست تقنية فقط، اذ أن القرار يفترض ان يكون مؤسساً على إرادة سياسية واضحة، في ما يتعلّق بأي مقبرة جماعية تفتح اوكيف تفتح". وخلص الى أن المطلوب "ارادة سياسية ليس فقط في شأن حل المشكلة، وإنما في شأن ادارة المشكلة".

ساركين

بدوره شدّد رئيس فريق عمل الأمم المتحدة المعني بالاختفاء القسري جيرمي ساركين، الذي شارك بصفته الشخصية، على ضرورة "أن تكون معالجة المشكلة شاملة، بحيث تشمل حق المعرفة والتعويض". وقال: "على الدولة القيام بكل ما في وسعها لمعرفة ما حدث". ولاحظ أن "ثمة اشكالية تتمثّل في الخيار بين الحقيقة والمصالحة، اذ أن ثمة من حاول دفن الحقيقة والمضي قدماً". وختم: "لا يمكن نسخ قانون من بلد آخر ولكن يمكن التعلّم من التجارب الدولية".

خالد غازي

كذلك، شدّد المستشار القانوني في اللجنة الدولية للصليب الأحمر خالد غازي على حق عائلات المفقودين والمخفيين في معرفة مصيرهم. ونوّه بعدم تمييز المشروع بين المفقودين والمخفيين نسبة الى سبب الإختفاء، وشدد على "ضرورة ايجاد التوازن بين حق العائلات في المعرفة والمصلحة في الملاحقة الجنائية"، مشيراً الى "مبدأ العفو مقابل الحقيقة الذي ورد في بعض القوانين في العالم"، وأكد "ان تجريم الاخفاء القسري هو من الوسائل الوقائية لمنعه"، مذكرا برأي محكمة يوغوسلافيا "أن إنكار الحق هو معادل للتعذيب الجسدي".

نصّار

وكان نصار ادار إحدى الجلسات لافتا الى أن مشروع القانون "شامل ولا يميز بين ضحية وأُخرى بحسب الجهة الخاطفة بل يطبّق على جميع ضحايا الاختفاء القسري والذين فقدوا خلال الحرب نتيجة أعمال حربية وجرائم معينة". واشار الى ان "هذه المسيرة بدأت في حزيران 2010 عندما نظّم المركز الدولي للعدالة الانتقالية بالتعاون مع مؤسسة "فريدريتش ايبيرت" رحلة ميدانية لوفد مؤلّف من 15 فاعلية رسمية ونشطاء حقوق الانسان الى البوسنة والهرسك، وقامت السلطات المحلية والمجتمع المدني، بدعم اللجنة الدولية للأشخاص المفقودين، ببلورة سياسات تعالج قضية المفقودين".

عاد

من جهته شدد رئيس (سوليد) غازي عاد على أن اقتراح مشروع قانون المفقودين والمخفيين قسراً "يشمل جميع المخفيين قسراً، وعددهم 17 الف بمن فيهم المعتقلون في السجون السورية". وأوضح أن "تسمية المخفيين إعتمدت لأن المشروع موحد بيننا وبين جهات أُخرى". ورأى "أن عدد المفقودين والمخفيين هو رقم أطلقته السلطات اللبنانية في السابق من دون أن نعرف الى ماذا استندت".

معلوف

وعرضت لين معلوف من جمعية "معاً من أجل المفقودين"، لما تحقق في مجال حق المعرفة وقضيّة المفقودين والمخفيين قسرًا، وقالت "مشروع القانون يهدف إلى إيجاد الإطار القانوني الضروري لإجراء عمليّة تحديد مواقع رفات المخفيين قسرًا وحمايتها ونبشها والتعرّف عليها، والتحقيق بكلّ من الحالات على حدة، بالتنسيق الوثيق مع أهالي المخفيين والمفقودين".

حلواني

من جهتها اعتبرت رئيسة "لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني أن الأهم هو "الوصول الى الحق" بغض النظر عن "الاسم والشكل"، معتبرة أن القانون المقترح يشكّل "قوّة مانعة للتلاعب أو التهرّب أو التخويف". وفيما أشارت الى معاناة أهالي المفقودين والمخفيين أكّدت "حقّنا في معرفة مصائر أحبّائنا، والخروج من حالة الانتظار المدمّرة، واللايقين القاتل، ومن وضعيّة الضحيّة التي زججنا فيها". واضافت: "نحن نريد إبطال إستعمال القضيّة مادة للمتاجرة السياسيّة، وايقاف التوظيف السياسي للمقابر الجماعية، وترميم ما أمكن وأن نَعبُر الى السلم".   

السابق
ليون: لتوعية الأجيال الصاعدة على أهمية المخزون الأثري والتاريخي
التالي
تسليم وتسلم في قيادة قوة اليونيفيل البحرية