بيضون: السلاح أصبح مجرد أرقام

رأى النائب والوزير السابق محمد بيضون ان ما أبداه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من انفعال في خطابه الأخير ناتج عن حالة الإرباك الكبيرة التي يعيشها الحزب جراء تسارع الأحداث والتطورات في سورية، خصوصا ان السيد نصرالله يدرك أكثر من سواه انه مهما حاول النظام السوري إطالة أمد بقائه فإن حكم القضاء قد صدر بحقه، وان الرئيس الأسد فقد السيطرة على مسار المعارضة السورية، وأصبح في عزلة دولية شبه تامة بعد ان صوتت 183 دولة من أصل 195 في مجلس الأمن مع قرار تنحيه عن الحكم، معتبرا من جهة ثانية ان ما يزيد من حجم الإرباك والقلق لدى السيد نصرالله وقيادة حزب الله هو ان عدوى الثورات وتغيير الأنظمة الديكتاتورية ستنتقل حكما الى إيران لتكون دافعا لدى المعارضة الإيرانية لاستئناف التظاهر ضد نظام الرئيس أحمدي نجاد.

ولفت بيضون في حديث لـ «الأنباء» الى ان تهجم السيد نصرالله في خطابه على قوى «14 آذار» كمن يداوي خطأ استمراره بالرهان على النظامين السوري والإيراني وعلى التطمينات الروسية بخطأ أكبر، بمعنى آخر يعتبر بيضون ان السيد نصرالله يعي ان الممانعة الإقليمية التي يرتكز اليها في مساره السياسي قد انتهت عمليا وانتهت معها الوظيفتان المحلية والإقليمية لسلاحه، وانه لم يعد أمامه سوى خيار واحد وحيد ألا وهو تسليم سلاحه للجيش والعودة الى أحضان الدولة، والتراجع عن سياسة عزل الآخرين، مشيرا الى ان السيد نصرالله وبالرغم من يقينه بأن سلاح الحزب أصبح مجرد أرقام من الخردة في المخازن، فإنه غير قادر على الاعتراف بثورة الأرز وبفاعليتها السياسية والشعبية وبدورها على الساحة اللبنانية، وذلك لرفضه مشاركتها في السلطة وصناعة القرار.

وأضاف بيضون ان كلا من الرئيس الحريري ود.جعجع قدم لحزب الله خلال مهرجان «البيال» رسالة تقارب ودعوات للتفاهم معه، الا انه قابل هذه الدعوات بالتهجم عليهما بدلا من ملاقاتهما وسط الطريق، لا بل انه قابل الدعوات باتهامهما بالعمالة لكوندليزا رايس والمنتج الأميركي، علما انه لجأ مع رهينته الرئيس بري الى الأميركي فريدريك هوف لترسيم الحدود اللبنانية البحرية، كما انه قابل الدعوات ايضا بالتأكيد على بقاء السلاح في يده مع استقدام المزيد منه، لافتا في السياق نفسه الى ان أهم ما في كلام السيد نصرالله عن السلاح هو تدرجه بالتوصيف والمهمة، بحيث وصّفه بالسلاح «لمقاومة الإسرائيلي والدفاع عن لبنان»، ثم بالسلاح «لمواجهة المشروع الأميركي في المنطقة» بعد ان أدرك سقوط دور المقاومة في لبنان، ثم بالسلاح «لتحرير فلسطين»، متسائلا كيف يمكن لسلاح «حزب الله» ان يحرر فلسطين في وقت يعجز فيه الحزب حتى عن تأمين أبسط المقومات الإنسانية للفلسطينيين في المخيمات، ما يعني ان السيد نصرالله لا يولي أهمية سوى لسلاحه ولكيفية استنباط الحجج والذرائع للإبقاء عليه، غير آبه لقيام دولة تجمع جميع اللبنانيين تحت عنوان سياسي واجتماعي واقتصادي وأمني مشترك.

وردا على سؤال أكد بيضون ان كلا من حزب الله والعماد عون يستعمل سياسة تخويف طائفته من انتفاء دورها في لبنان والمنطقة فيما لو آلت التطورات في سورية الى سقوط نظام الرئيس الأسد، علما ان النظام المذكور هو اول من بادر الى ضرب الشيعة والمسيحيين في لبنان، بمعنى آخر يعتبر بيضون ان السيد نصرالله الذي اتهم قوى «14 آذار» بعدم قدرتها على فرض الشروط وتقديم الضمانات وحماية اللبنانيين، هو ايضا أثبت من خلال فشله في الحكومة الحالية عدم قدرته على حماية اللبنانيين، خصوصا ان الأحداث الأمنية المتكررة والانهيار الإداري والاقتصادي خير دليل على فشله، مذكرا السيد نصرالله بأنه ليس بالسلاح وحده تبنى الأوطان وتحمى شعوبها إنما بالجيش الشرعي غير المقيد وبالقضاء الحر وبالمشاركة بين جميع فئاتها ومكوناتها المذهبية والطائفية، وبالتالي فإن الشرعية اللبنانية هي الوحيدة القادرة على تقديم الضمانات للبنانيين الى اي طائفة او مذهب انتموا، وحمايتهم من كل مخاطر قد تحدق بهم.

وختم بيضون لافتا الى ان لبنان يقف أمام مرحلة انتقالية تجري في سورية اي ان المرحلة القادمة على سورية ستكون بدون الرئيس الأسد بعد ان أضاع جميع الفرص الذي منحت اليه عربيا ودوليا، لذلك يرى بيضون ان امام حزب الله طريقا وحيدا لعبوره، وهو الإسراع في التراجع عن انقلابه على حكومة الوحدة الوطنية والعودة الى حكومة تجمعه مع قوى «14 آذار» على مستوى متعادل بين الطرفين اي بصيغة 10/10/10 لكل من «8 و14 آذار» ورئاستي الجمهورية والحكومة، وإعطاؤها غطاء سياسيا كاملا تستطيع من خلاله حماية البلاد من تداعيات المتغيرات العربية والإقليمية.
  

السابق
اللبنانيون يتحدّون السلاح المذهبي!!
التالي
السنيورة يبتزّ المفتي والمستقبل يقاطعه