الاخبار: لقاء عون ـ بري: أول غيث حلّ الأزمة الحكوميّة

كالعادة، فإن اليوم التالي لأي خطاب للأمين العام لحزب الله، هو يوم ردود قوى 14 آذار على هذا الخطاب، في وقت بدأت تظهر فيه ملامح تحرك لمعالجة الأزمة الحكومية، عبر لقاء بين بري وعون، تبعه اتصال بين الأول ورئيس الحكومة

حمل لقاء عين التينة أمس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، أكثر من إشارة إلى بدء التحرك الجدي لمعالجة الأزمة الحكومة المستمرة، فإضافة إلى ما يعنيه هذا اللقاء من انتقال التنسيق بين الرئاسة الثانية والرابية من مرحلة الموفدين إلى اللقاء المباشر، اصطفت على مائدة الغداء التي جمعت الرجلين أطباق التعيينات والملفات الخلافية داخل الحكومة والعلاقة بين الطرفين، وصولاً إلى موضوع بدل النقل والأزمة الحكومية.

بحسب مصادر مطلعة، فإن عون قصد عين التينة أمس، بعد اتصالات وتحضيرات تولاها الصديق المشترك للأستاذ والجنرال رجل الأعمال جيلبير الشاغوري، وإن البحث على مائدة بري تناول العلاقة بين الطرفين وسبل تفعيلها وآليات التعاون المستقبلية، إضافةً إلى الأزمة الحكومية بتشعباتها كافة. وأكدت مصادر التيار الوطني الحر أن بري «أيد رأي عون بشأن التعيينات الإدارية، في مقابل تأييد الجنرال عون لمقاربة الرئيس بري لعدد من الملفات والقضايا»، فيما كشفت مصادر أخرى أن البحث تناول كل الملفات ذات الطابع الخلافي في الحكومة (الموازنة، قانون الانتخابات…)، إضافةً إلى قضية بدل النقل والأزمة الحكومية الحالية، مشيرة إلى أن «ما بدأ امس، وفي حال استكماله، سيؤسس لمرحلة جديدة من التعاون تمتد فترة طويلة جداً مستقبلاً». ورأت مصادر سياسية رفيعة المستوى من قوى الأكثرية الوزارية أن اللقاء يمثل الخطوة الأولى على طريق حل الأزمة الحكومية.
وإذ تكتمت مصادر رئيس المجلس على ما دار حول مائدة عين التينة، أكد مقربون من عون أن علامات الارتياح بدت على الأخير بعد عودته إلى الرابية. وما يشير إلى أن اللقاء تعدى بحث الملفات الثنائية، هو أن بري بادر بعده إلى الاتصال برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووضعه في صورة ما دار بينه وبين عون.
ويأتي هذا اللقاء، بعد بروز بوادر حلحلة لقضية بدل النقل، حيث أشارت مصادر تكتل التغيير والإصلاح إلى أن رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان التقى أكثر من مرة وزير العمل شربل نحاس، على مدى الأيام القليلة الماضية، من أجل التوصل إلى صيغة لاقتراح قانون يجيز للحكومة تحديد قيمة بدل النقل والمنح التعليمية. وبحسب المصادر، فإن لقاءات زميلي التكتل رسمت ملامح لاقتراح يتضمن الأطر القانونية التي ستعتمدها الحكومة لتحديد هذه التقديمات. ولفتت المصادر إلى أن البحث بين كنعان ونحاس تجاوز الاقتراح الذي يربط بدل النقل بالمسافة التي تفصل بين مكان سكن الموظف ومقر عمله، فضلاً عن تخطيه صيغة البدلات المقطوعة، مرجحة أن يضعا الصيغة النهائية للاقتراح اليوم، على أن يتقدم به نواب التكتل إلى المجلس النيابي في أقرب فرصة ممكنة. وقد بدأ الحديث في بعض الأوساط السياسية عن إمكان الدمج بين هذا الاقتراح والاقتراح الذي تقدم به النائب نبيل دو فريج.
لكنّ النائب روبير غانم، استغرب في حديث إذاعي أمس «طرح قضية بدل النقل على جدول أعمال الجلسة التشريعة المقررة الأربعاء المقبل في مجلس النواب»، واصفاً ذلك «بالخروج والتجاوز للدستور، بما يمثّل سابقة خطيرة». وقال إن «موضوع التوقيع على بدل النقل أخطر من أن يجري حله في مجلس النواب، عبر تقديم اقتراح قانون»، متوقعاً أن «يرفض مجلس النواب هذا الاقتراح لأنه يتعارض مع أحكام الدستور». أضاف إن «الدستور ينص على أن التضامن الوزاري إلزامي، فإما أن يوقع الوزير ويخضع للأكثرية، وإما أن يستقيل».

 
ردود على نصر الله

في مجال آخر، شُغلت قوى 14 آذار أمس، بالرد على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى «القادة الشهداء»، وجاءت أبرز الردود من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي قال خلال إطلاقه «شرعة القوات» إن الخطاب يذكّره «بأحمد سعيد وأحمد الشقيري»، معلقاً على رأي نصر الله في أن «استهداف النظام السوري سببه أنه نظام ممانعة»، بالقول «الله يقطع هالمقاومة على هالممانعة إذا بدها تكون هيك الممارسة». ودافع عن موقف المعارضة من سوريا، بالقول: «إن من يزج لبنان هو من يقوم بقوة خارج الدولة اللبنانية، لكن ما نقوم به نحن هو موقف سياسي وأدبي، وعندما لا يسع لبنان هذا الموقف فلا معنى لوجوده إذاً بعد اليوم». وقال في موضوع المجازر: «فرضاً، صح كل ما اتهمت به القوات أيام الحرب عن المجازر، وهو ليس نقطة مما يتهم به حزب الله في أيام الحرب، وليس نقطة في المحيط الذي يتهم به حزب الله خلال السلم»، مردفاً «يرمون اتهامات فبركوها هم، وأنا في سابع زنزانة تحت الأرض، وهذا أمر مرفوض». وقال لنصر الله عن موضوع ثكنة فتح الله: «من قتل فيها هم لبنانيون ولم يكتب أحد ذلك باسمك. هم 21 مواطناً لبنانياً وسنذكرهم ونطالب بحقهم إلى أبد الآبدين». وأضاف في موضوع الحوار إن قادة 14 آذار لا يملون الشروط على أحد «لكننا لا نقبل أن يملي أحد علينا الشروط، وعلى السيد حسن أن يعرف ذلك».
وفي إشارة إلى تأكيد نصر الله على الثأر للشهيد عماد مغنية، انتقد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، اتخاذ قرار «بتعريض لبنان للخطر وللانتقام من شعبه كله من أجل الثأر لشخص واحد، بغض النظر عمن هو هذا الشخص»، وقال: «قد يكون صحيحا أن ثمة تراجعاً في مرتكزات القوة لدى الكيان الصهيوني، وأن ثمة قلقاً لديه، هذا عظيم، لكن بمَ ينفعنا ذلك وبم يفيدنا؟ ليس المهم بالنسبة الينا أن تقلق إسرائيل فقط، بل المطلوب ألا يقلق شعبنا اللبناني بعد اليوم من الحروب وعدم الاستقرار والخوف من استعمال أرضه لتصفية الحسابات».
أما النائب محمد كبارة، فدعا نصر الله إلى التخلي عن السلاح «لنجلس معاً حول طاولة الحوار»، وقال له: «نحن لا نملك سلاحاً كمثل سلاحك، لكننا، كما قال الإمام الحسين رضي الله عنه، لن نعطيك إعطاء الذليل ولن نقر لك إقرار العبيد. لا يا سيد حسن. لن نخضع لا لإصبعك ولا لسلاحك، ولو امتلكت سلاح العالم كله».
في هذا الوقت، لفت خبر وزعه المكتب الإعلامي للسيد علي فضل الله، وفيه أنه «جرى اتصال هاتفي» بين فضل الله والرئيس سعد الحريري «تداولا خلاله في الأوضاع العامة، حيث جرى تقدير كل المواقف الداعية إلى وأد الفتنة في الساحة الإسلامية بخاصة، وفي الساحة اللبنانية بعامة»، وذلك دون أن يشير المكتب إلى صاحب المبادرة بالاتصال.
خبر آخر وزعه المكتب الإعلامي للحزب التقدمي الاشتراكي، عن عودة النائب وليد جنبلاط من تركيا بعد لقائه وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو، «استكمالاً لما اتفق عليه في بيروت بين أوغلو وجنبلاط على ضرورة استمرار التشاور في أوضاع لبنان والمنطقة العربية. وكان تأكيد مشترك على أهمية بذل كل الجهود السياسية والإنسانية من أجل إنقاذ سوريا من محنتها، وتشديد على أن الحل السياسي وحده هو البديل عن استفحال العنف من قبل النظام، الذي يؤدي الى المزيد من العنف».

فرنجية قلق ومطمئن

أبدى النائب سليمان فرنجية، قلقه من تطورات المنطقة، مشيراً إلى أن «ما يجري حولنا شبيه بمرحلة سايكس ـــــ بيكو»، وأن المرحلة الراهنة هي مرحلة «الصراع السني ـــــ الشيعي، وهذا الصراع سيؤثر تلقائياً في لبنان». ودعا إلى الحذر «كي لا يكون عندنا جو سيّئ في الشمال»، لافتاً إلى أن استهداف حزب الله بالقرار الاتهامي، لا سوريا «لأنه في رأيهم إذا سقط النظام السوري فإن المحكمة تسقط، لذا فإن توجيه الاتهام إلى الحزب يكون كمن يضرب عصفورين بحجر واحد: إذا سقط النظام السوري يسقط الغطاء المعنوي والحقيقي للمقاومة (…) وإذا لم يسقط النظام فسيفتشون عن وسائل أخرى، ولن يدعونا نرتاح، لأن هدفهم ضرب سلاح حزب الله»، لكنه طمأن إلى أن «الوضع في لبنان وسوريا سيكون بأفضل حال». 

السابق
السفير: بري ـ عون: مصارحة سياسية تمهّد لإحياء الحكومة
التالي
تعمد السفر!!