لماذا لا تغطي الحكومة مهمة الجيش في الشمال؟

عندما قرر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان النأي بلبنان عن نفسه مما يحصل من تطورات على الساحة السورية، بادر كل من رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي إلى دعم هذا التوجه الذي شكّل قاعدة لمجلس الوزراء لكي يتبنى هذا التوجه، والنأي الذي سعى إليه المسؤولون اللبنانيون يتسم بصفة الإيجابية لا السلبية في الوقت الذي تحاول فيه بعض الجهات القفز فوق هذا التوجه الرسمي للمسؤولين اللبنانيين الذين رأوا أن مصلحة لبنان وطبيعة علاقته المميزة مع الشقيقة تتطلب الحد الأدنى المتمثل بشعار الحياد الإيجابي، خصوصاً كما قال رئيس مجلس النواب في إحدى خطاباته إن لبنان حيال ما يجري في سورية لا يمكنه أن يكون فاعلاً في إيجاد الحلول ولكنه في الوقت نفسه بمقدوره أن ينأى بنفسه لناحية عدم إلحاق الضرر والأذى بسورية وألا يكون مقراً أو ممراً لتهديد الأمن السوري كما ورد في اتفاق الطائف.
وتعتبر مصادر سياسية، أن الموقف الرسمي اللبناني مما يجري في سورية لم يعجب بعض القوى السياسية على ما يبدو خصوصاً قوى "14 آذار" وبالتحديد جماعة تيار "المستقبل" باعتبارهم منخرطين في موضوع التآمر على سورية كأداة ليس إلا، ومن هنا كانت مواقف أطراف هذا الفريق واضحة جداً لناحية الدعم العلني للعصابات الإرهابية في سورية، الذي جاء على لسان أكثر من شخصية سياسية، خاصة في منطقة الشمال، حيث تتم عملية تهريب السلاح والمقاتلين إلى سورية بالإضافة إلى وجود مجموعات مسلحة سورية ولبنانية تتلقى التدريب على أيدي ضباط فرنسيين وبريطانيين، وهذه التصريحات والمعطيات وردت في الإعلام الغربي والأميركي ومن خلال الاعترافات التي أدلى بها منذ أيام أحد المهربين اللبنانيين الذي ألقي القبض عليه وهو يهرب السلاح من لبنان إلى سورية مع مجموعة من الأشخاص الذين تمت تسميتهم من قبل هذا المهرّب المذكور.
وتقول المصادر السياسية، إن هذه المعطيات والمعلومات كانت بحوزة مخابرات الجيش اللبناني، وهي على اطلاع كامل على ملف تهريب السلاح والمقاتلين أكان في منطقة عكار ـ وادي خالد أو في منطقة عرسال، ولكن في غياب الغطاء السياسي الواضح لم تكن الإجراءات الأمنية في تلك المناطق كافية لمواجهة عمليات التهريب، وبقيت الأمور على حالها إلى حين عقدت اللجان الأمنية اللبنانية ـ السورية اجتماعاتها الأخيرة والتي اتسمت بالصراحة والشفافية إلى درجة أن الجانب السوري سلّم الجانب اللبناني ملفات موثقة تتضمن أسماء المهربين اللبنانيين والسوريين الذين يتطلب التعاون بين الأجهزة الأمنية والعسكرية بين البلدين لملاحقتهم وتقديمهم إلى المحاكمة.
وتؤكد المصادر ذاتها أن خطوة انتشار قوة كبيرة من الجيش اللبناني في منطقة وادي خالد والقيام بمداهمات وإقامة حواجز في بعض القرى التي يتواجد فيها المهربون، جاءت بعد الاجتماعات التنسيقية التي حصلت بين الطرفين بدعوة من المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري.
وتشير المصادر السياسية إلى أن كل هذه المعطيات المؤكدة وكل ما يحيط بموقف بعض الجهات السياسية والدينية المعادية لسورية يتطلب المزيد من الخطوات الحكومية لمواجهة هذا الواقع بحزم خصوصاً وأن بعض زوار دمشق نقلوا في الفترة الأخيرة أجواء عتب كبير على الحكومة اللبنانية وعلى موقفها الضبابي واللامبالي بحجم ما يجري من تدخل بعض الجهات اللبنانية بالشأن السوري والذي يتوجب وبحسب طبيعة العلاقة التاريخية والجغرافية والأخوية، المبادرة إلى حسم رواسب كل ما له صلة بموضوع تهريب السلاح والمال والرجال عبر الحدود اللبنانية.
وتساءلت المصادر عن الأسباب التي تمنع الحكومة اللبنانية من إصدار قرار بتكليف الجيش اللبناني بتولي مسؤولية الأمن في محافظة الشمال كما هو في محافظة البقاع خصوصاً وأن مثل هذا القرار ستكون له تداعيات ونتائج إيجابية سياسياً وأمنياً وحتى شعبياً.
  

السابق
الطفيلي لم يتطفّل على نصرالله
التالي
الشيرازيون والإخوانيون… الى الواجهة