المفتي قبلان: لانهاء الحقد والنكايات في الممارسة السياسية

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أشار فيها الى أقوال لأمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب، ومنها "أقدر الناس على الصواب من لم يغضب"، "بئس القرين الغضب، فإنه يبدي المعايب ويدني الشر ويباعد الخير"، "أعظم الناس سلطانا على نفسه من قمع غضبه وأمات شهوته". وفي نفس السياق وضمن هذا المفهوم يقول أحدهم: "عجبت لمن يغسل وجهه مرات في النهار ولا يغسل قلبه ولو مرة في السنة".

وقال: "إن المقصود والمراد من كل هذه العناوين هو تذكير الناس وخصوصا من يتعاطى السياسة في لبنان، ويطمح لأن يكون رقما فيها وركنا من أركانها، بأن الأوطان لا تبنى بالغضب ولا بالتحدي ولا بالعناد، فالعناد إذا حاد عن الحق أصبح كفرا، وأعقل الناس كما يقول أمير المؤمنين من ذل للحق فأعطاه من نفسه، وعز بالحق فلم يهن عن إقامته وحسن العمل به. أما أفضل الناس عقلا وفق ما يراه أمير المؤمنين هو أحسنهم تقديرا لمعاشه، وأشدهم اهتماما بإصلاح معاده".

أضاف: "نحن في لبنان نكاد نخسر الاثنين معا، لا نحسن تقدير المعاش ولا نهتم للمعاد، ما يعني أننا لا مع الدنيا بخير، ولا مع الآخرة يمكن أن يكون الحال أفضل. فالأدلة على خسران الدنيا والآخرة كثيرة، وما تشهده ساحتنا ونعيشه من تراكمات وتخبطات في ما لا يرضي الله ولا يرضي عياله كبيرة وكبيرة جدا لدرجة أن ما يجري أصبح خارج المألوف، وتجاوز كل الحدود، ولا سيما أن الجميع بات يدرك ومن دون شك أن ما ينقذ لبنان هو تفاهم أبنائه وتشاركهم، وأن ما يحقق للبنانيين غايتهم المنشودة هو تحاورهم وتشاورهم بقلوب مغسولة وأيدي ممدودة، بعيدا عن الغضب وعن العصبية وكل إفرازاتها الطائفية والمذهبية البغيضة".

وقال: "اننا لا نكابر ولا ننظر، إننا نقول الحقيقة وننادي بها وندعو إليها، فخيار اللبنانيين هو أن يكونوا معا وأن يتحدوا في مواجهة كل المخاطر والتحديات، فالأخطار كثيرة ومتعددة، وإذا لم نعرف كيف نحد منها ونخفف من تداعياتها على ساحتنا الداخلية فإن الخوف كل الخوف من أن ندخل جميعا في النفق الذي نحن الآن قاب قوسين أو أدنى من دخوله، فإلى متى هذه المشاحنات وهذا اللاتوافق؟ وهذا اللاحوار؟ لماذا ثقافة الخلاف هي السائدة؟ لماذا الكيدية وعدم التعقل؟ لماذا النظر إلى الأمور بمنظار المصلحة الخاصة؟ من المستفيد إذا سقط البلد؟ هل المسلم السني أو الشيعي أو الدرزي؟ أم هل المسيحي الماروني أو الكاثوليكي أو الأرذوكسي هو الكاسب إذا ضاع البلد؟".

وأكد المفتي قبلان "اننا جميعا في دائرة الخطر إذا لم نوقف فورا عملية شد الحبال"، وقال: "لسنا في حلبة مصارعة، نحن أمام معضلة وطنية كبرى قد يستفحل حلها إذا لم نعمل جميعا على تفكيك ما يحيط بها من ألغام، واضعين حدا لهذه الحالة المرضية من التعصب والحقد والغضب".

وأضاف: "نحن أمام أخطار داهمة إذا لم نتعقل ونغلب المنطق الوطني على منطق الطائفة والمذهب، ونتحرر من كل القيود والرهانات والشهوات التي لا طائل منها سوى المزيد من التدهور والانهيار وفقدان التوازن والاستقرار".

وطالب المفتي الجعفري "جميع الغيارى على هذا البلد والمخلصين الحرصاء على وحدته وصيغته وثوابته، بأن يهبوا فورا إلى تسوية الأمور وإنهاء هذه الحالة الشاذة من الحقد والنكايات في الممارسة السياسية، بحيث لم يعد يمر يوم إلا ونجد أنفسنا أمام مشكلة والاختلاف قائم في شتى الميادين. على الداتا يختلفون، وعلى التاريخ يختلفون، وعلى الكهرباء والمياه يختلفون، وعلى تصحيح الأجور يختلفون، وعلى آلية التعيينات يختلفون، فقط هم متفقون على الاختلاف واستمرار الهدر والفساد وبالتالي إفقار الناس وعدم قيام الدولة القوية والقادرة، دولة القانون فوق الرئيس والمرؤس، دولة المؤسسات التي وحدها تخرجنا من لعبة صراع الدول وتضارب المصالح. من هنا ندعو إلى الإسراع في بناء مثل هذه الدولة، والخروج بأسرع وقت من دولة المزارع والصفقات والشعارات".

وقال: "التفتوا إلى ما يجري من حولكم واقرأوا المعطيات جيدا والوقائع بكل موضوعية ولا تتدخلوا في ما لا يعنيكم، فقد ينقلب السحر على الساحر، ولا سيما أننا في مرحلة صعبة ودقيقة للغاية، والآتي قد لا يكون مطمئنا إذا لم نكن حاضرين له ومتنبهين لكل المفاجآت التي قد لا تكون في حسبان أحد، من هنا ندعو اللبنانيين جميعا بأن يحذروا الفتنة ويسدوا الطريق أمام من يحاول دفعنا إليها وإدخالنا في معمعة ما يجري في سوريا، فنحن لا نريد لسوريا إلا الخير وندعو الله تبارك وتعالى أن يخرجها من محنتها هذه وأن يحقن دماء أبنائها كي تعود إلى ربوعها كل بشائر الطمأنينة والأمن والسلام".

وختم بالقول: "إننا ندعو اللبنانيين جميعا إلى عدم الخوض في المغامرات الصعبة والرهانات الخاطئة، فسوريا كانت قوية وستبقى مهما تقاطرت عليها المؤامرات الآتية من الغرب أو من بعض العرب بكل أسف، وعلى اللبنانيين أن يبحثوا في كل ما يقويهم ويعزز أمنهم ويرسخ استقرارهم ويبعد عن ساحتهم فتنا وحروبا لا ناقة لهم فيها ولا جمل".   

السابق
فضل الله:الوضع في المنطقة يحتم العمل لحماية البلد لاخراج التعيينات من المحاصصة
التالي
رحال : الاتهام بتهريب السلاح هدفه الدخول الى لبنان وانتهاك سيادته