السفير: موسكو تعيد الأزمة السورية إلى المربع العربي طهران تحذر: الضغط على الأسد سيؤدي لعواقب وخيمة

أكدت موسكو أمس تصميمها على إحباط مسعى عربي غربي في مجلس الأمن الدولي يبدأ اليوم لاعتماد المبادرة العربية الأخيرة التي تدعو الرئيس السوري بشار الأسد الى تفويض صلاحياته الى نائبه الاول، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده تريد الإطلاع على تقرير المراقبين العرب بشأن الوضع في سوريا قبل بحث المبادرة، معتبراً ان اعضاء في مجلس الأمن «يحاولون استخدام الوضع الناشئ من اجل تحقيق مصالح جيوسياسية ذاتية»، فيما حذر وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي من ان الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد «قد تؤدي الى عواقب وتداعيات وخيمة على كل المنطقة».
في هذا الوقت، وصل الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الى نيويورك للمشاركة، مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، في جلسات مجلس الأمن التي تناقش المشروع العربي ومشروعاً روسياً مطروحاً منذ أكثر من شهر، وسط تقديرات باستحالة التوصل الى تسوية بين النصين، ما يرجح طرح المشروع العربي على التصويت بعد غد الأربعاء لينال الفيتو الروسي والصيني المؤكد، لتعود الأزمة السورية مرة اخرى الى الإطار العربي مع انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب الاحد المقبل في القاهرة لبحث وضع بعثة المراقبين العرب في سوريا التي تقرر وقف عملها أول امس «جراء تصاعد العنف»، حيث تحدث نشطاء ومعارضون عن «مقتل اكثر من 100 شخص، بين مدنيين وعسكريين» خلال اليومين الماضيين.
وأعلن لافروف، في مقابلة مع شبكة «أن اتش كاي» اليابانية، ان «الوفد الروسي سيحاول إقناع ممثلي المعارضة السورية، الذين يخطط لعقد لقاءات معهم في وقت قريب، بضرورة إجراء حوار مع السلطة السورية». وقال «للأسف فإن بعض شركائنا في مجلس الأمن الدولي يتخذون موقفاً متبايناً، حيث يقومون بإقناع المعارضة بعدم قبول أي حوار مع السلطة. يعتبر ذلك تحريضاً، وهذا الموقف هو موقف خاطئ، اذ انه لا يسعى الى حل المشكلة، التي تنحصر في ضمان مصالح الشعب السوري الذي يطالب بحياة افضل، بل يسعى الى الاستفادة من التطورات الاخيرة من اجل تأمين مصالحهم الجيوسياسية. ويأتي هذا الموقف من القرن الماضي، علماً أنه يعكس العقلية القديمة التي يجب التخلص منها».
وأعلن لافروف، في مؤتمر صحافي في بروناي، ان موسكو «تريد الإطلاع على تقرير المراقبين العرب بشأن الوضع في سوريا قبل بحث المبادرة الجديدة للجامعة العربية لتسوية الأزمة السورية في مجلس الأمن الدولي».

ورداً على إعلان العربي انه ورئيس الحكومة القطري حمد بن جاسم ينويان عقد لقاءات مع
أعضاء مجلس الأمن لنيل الدعم للمبادرة العربية، قال لافروف، في مؤتمر صحافي في بروناي، «بطبيعة الحال سنطلع على موقفهما (العربي وحمد)، لكن سبق لنا أن أعلنا اننا بحاجة الى الاطلاع على التقرير (المراقبين) نفسه الذي تطرح المبادرة بناء عليه». وكرر ان «الموقف الروسي ينحصر في ضرورة توجيه دعوة الى كل الاطراف في سوريا لوقف العنف وبدء الحوار وتجنب تدخل خارجي».
وأضاف إن «مسودة القرار الدولي بشأن سوريا التي قدمتها روسيا ما زالت على طاولة البحث في مجلس الأمن». وأعرب «عن قلقه من تصعيد الوضع في سوريا»، مشيراً الى أن «عدد أفراد المجموعات المسلحة هناك يتزايد، كما تزداد كميات سلاحهم، في حين يستمر تهريب الأسلحة الى البلاد».
وقال، رداً على سؤال حول قرار دول مجلس التعاون الخليجي سحب مراقبيها من سوريا، «نريد ان نفهم لماذا يتعاملون بهذه الصورة مع أداة مفيدة كهذه». وأضاف «نحن نستغرب قيام بعض الدول، بما فيها دول الخليج، بسحب مراقبيها من سوريا بعد اتخاذ القرار بتمديد مهمة المراقبين لمدة شهر آخر». وتابع «لو كنت مكانهم لكنت أؤيد زيادة عدد المراقبين».
صالحي
وحذر صالحي، في أديس أبابا أول أمس، «من مغبة الضغوط الخارجية التي تمارس ضد سوريا»، معتبراً أن «بإمكان هذه الضغوط ان تؤدي الى عواقب وتداعيات وخيمة لكل المنطقة».
وقال صالحي، رداً على سؤال حول الخطة العربية لنقل السلطة في سوريا، إن «الفراغ في إحدى دول المنطقة بإمكانه أن يترك تأثيرات مدمرة على كل المنطقة». وأكد «ضرورة إيجاد تسوية سلمية للقضية السورية في إطار خطة داخلية وبعيداً عن التدخل الأجنبي». وأضاف «نحن نريد إيجاد تسوية للقضايا السورية بعيداً عن تدخل أطراف خارجية».
وشدد على أنه «يمكن لسوريا أن تسوي مشاكلها بنفسها وليس هناك ضرورة لممارسة الضغوط والتدخل الاجنبي». وتابع ان «الحكومة السورية وشخص بشار الأسد قد أعلنا عن بدء عملية إعادة النظر في الدستور وإجراء استفتاء عام حوله في المستقبل القريب. وسمحت الحكومة السورية ايضاً بنشاطات للأحزاب المختلفة وأعلنت انها ستجري قريباً انتخابات برلمانية. إن كل هذه المواضيع كانت من المطالب الشعبية وأن الحكومة السورية قد لبت مطالب شعبها ولذلك ليس هناك مبررات مقنعة لممارسة ضغوط إعلامية غربية ومن بعض الدول العربية ضد سوريا».
وقال «إذا حصل أي فراغ فجأة في سوريا، فإنه لا يمكن لأحد توقع ما سيحصل. إن العواقب قد تكون أسوأ لأنه قد تندلع حرب داخلية، واشتباكات داخلية بين المواطنين. علينا تجنب الأسوأ وإعطاء فرصة كافية للحكومة السورية لتنفيذ إصلاحاتها».  العربي
وكان العربي قال، في مطار القاهرة قبيل سفره الى نيويورك، إن «هناك اتصالات تجرى مع روسيا والصين حول الوضع فى سوريا». وأضاف إنه «يأمل في أن يتغير موقف البلدين» من مشروع القرار المعروض على مجلس الأمن والذي يستهدف «دعم المبادرة العربية».
وقال العربي إن الجزائر أبدت تحفظها على الجزء من قرار الجامعة المتعلق بإطلاع مجلس الأمن. وقال مصدر دبلوماسي من دولة عربية، رداً على سؤال في ما يتعلق بأي خطوة يقوم بها مجلس الأمن لفرض عقوبات، «إذا راجعنا حالات مثل العراق وأماكن أخرى أعتقد أن هذا النوع من العقوبات لم يحقق نتائج تذكر».
وأكد العربي إن قراره أول امس بتعليق عمل بعثة المراقبين في سوريا «اتخذ بسبب تدهور الأوضاع هناك بشكل كبير ضماناً لسلامة المراقبين»، متهماً الحكومة السورية «بتصعيد الخيار الأمني».
وقال نائبه أحمد بن حلي إن وزراء الخارجية سيعقدون اجتماعاً في الخامس من شباط المقبل لمناقشة «وضع بعثة مراقبي جامعة الدول العربية الموجودة فى سوريا والمتوقفة عن العمل الآن لاتخاذ القرار المناسب سواء بدعمها او سحبها او تعديل مهمتها».
وأعلن مصدر في غرفة عمليات بعثة المراقبين في الجامعة العربية في القاهرة أن رئيس البعثة الفريق أول محمد الدابي ينتظر قراراً من الوزراء العرب بشأن مصير البعثة. وقال «شخصياً أعتقد ان الوزراء العرب لن يكون أمامهم من خيار سوى سحب المراقبين لأن ظروف العمل في سوريا بالغة الخطورة».
وكانت وكالة الأنباء السورية (سانا) نقلت عن مصدر مسؤول قوله، أول امس، «كان من الواضح ان تقرير المراقبين العرب لم يرض بعض الدول في الجامعة نظراً لما تضمنه من اعتراف وتوثيق بوجود مجموعات مسلحة تستهدف المدنيين والعسكريين وقوات حفظ النظام والمؤسسات العامة والخاصة وتفجير خطوط الغاز والنفط».
واعتبر أن قرار العربي جاء «تمهيداً لاجتماع مجلس الأمن الثلاثاء بناء على طلب قطر والأمانة العامة للجامعة للتأثير السلبي وممارسة الضغوط في المداولات التي ستجري هناك بهدف استدعاء التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية وتشجيع الجماعات المسلحة لزيادة العنف الذي تمارسه ضد المواطنين». ورأى أن قرار العربي «يتماهى مع قرار دول مجلس التعاون الخليجي بسحب مراقبيها في البعثة كرد فعل على تقرير بعثة المراقبين العرب وليس بسبب ما ادّعاه الأمين العام من استمرار استخدام العنف وتبادل القصف وإطلاق النار». وأكد ان سوريا «لا تزال ملتزمة بإنجاح مهمة بعثة المراقبين العرب وتأمين الحماية لهم وفق بنود البروتوكول الموقع مع الجامعة».
وكان وزير الداخلية السوري محمد الشعار أعلن، خلال تكريم أسر قتلى قوات الأمن في دمشق أول امس، «حرص قوى الامن الداخلي على المضي في مسيرة الكفاح والنضال لتطهير التراب السوري من رجس المارقين والخارجين على القانون لإحقاق الحــق وإعادة الأمن والأمان الذي كانت تعيشه سوريا».
وهاجم الشعار «مجموعات تعمل على إرهاب وقتل المواطنين الأبرياء وسلبهم ممتلكاتهم وزعزعة امنهم»، مشيراً الى ان «هذا الاجرام لن يثني افراد قوى الامن الداخلي عن التفاني بأداء واجبهم المقدس بالتصدي لهذه المجموعات وإرساء مناخ الأمن والأمان».
الى ذلك، طالب عدد من ممثلي الأكراد السوريين، في اربيل أول أمس، بإجراء استفتاء لتقرير مصيرهم في بلادهم بعد تغيير النظام فيها، فيما رفض آخرون إقامة إقليم مستقل كالذي يتمتع به إقليم كردستان شمالي العراق. وعقدت أكثر من 210 شخصيات كردية سورية جاءت من 25 دولة أجنبية، مؤتمراً في أربيل تقدمه «رئيس» إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني لبحث مستقبلهم في سوريا. (تفاصيل صفحة 14)
بان كي مون
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في أديس أبابا، إن على الأسد «اولاً وقبل كل شيء أن يوقف سفك الدماء فوراً»، مضيفاً ان «القيادة السورية يجب ان تقوم بعمل حاسم في هذا الوقت لوقف هذا العنف». واعتبر ان على الأسد كزعيم «مسؤولية مهمة لحل هذا الوضع والدخول في حوار سياسي».
وفي اسطنبول، أعلن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا، أول امس، انه لم يتم إحراز تقدم يذكر على صعيد خطة السلام العربية «في الأغلب بسبب الاتجاه المتعنت الذي أظهرته السلطات السورية». وحثوا «بشدة السلطات السورية على الوفاء من دون إرجاء بكافة التزاماتها بموجب مبادرة السلام التي طرحتها الجامعة العربية».
ميدانياً
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان امس، «مقتل 80 شخصاً بينهم 40 مدنياً». وقال إن «الشهداء المدنيين الـ40 سقطوا في مناطق إدلب ودرعا وحمص وريف دمشق وحماه وحي جوبر في مدينة دمشق»، لافتاً الى «مقتل تسعة منشقين في ريف دمشق وإدلب وحماه وحمص، و26 عنصراً من الجيش النظامي في إدلب وريف دمشق، وخمسة من عناصر الأمن قرب مدينة الزبداني». وكان المرصد اعلن أول امس «مقتل شخصاً36 بينهم 23 عسكرياً».
وأشار المتحدث باسم «الجيش السوري الحر الرائد ماهر النعيمي، من تركيا، الى «هجمة شرسة لم يسبق لها مثيل لقوات النظام على مناطق في ريف دمشق والغوطة الشرقية والقلمون ورنكوس (حوالى 45 كلم عن دمشق) وحماه، تطال المدنيين العزل والمنازل والأبنية». وتوقع استمرار «النظام في وتيرة القمع والقتل بعد تعليق المراقبين العرب مهمتهم في سوريا».
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) ان «مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت بعبوة مبيتاً يقلّ عناصر من احدى الوحدات العسكرية بالقرب من صحنايا بريف دمشق ما أدى الى استشهاد ستة عسكريين بينهم ضابطان برتبة ملازم أول وإصابة ستة».
وفي بلدة رنكوس على بعد 30 كيلومتراً إلى الشمال من دمشق قرب الحدود اللبنانية، قال نشطاء وسكان إن «القوات السورية قتلت 33 شخصاً على الأقل خلال الأيام القليلة الماضية».  

السابق
الأنوار: اجراءات امنية مشددة بعد تأكيد جدية خطر الاغتيالات
التالي
الدابي: لوقف العنف أياً كان مصدره