نحّاس لن يستقيل:معركة الإصلاح مستمرّة

وزير العمل، شربل نحاس، لن يستقيل. لقاؤه رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، أول من أمس، أعاد تأكيد المشتركات: استمرار «معركة الإصلاح» في مجلس الوزراء، والبداية عبر رفض توقيع مرسوم «بدل النقل» المخالف للقانون، ثم التفرّغ لمعركة الموازنة

شربل نحاس باقٍ في وزارة العمل، وفي تكتل التغيير والإصلاح. وهو، بحسب مقربين منه، سيعمل أكثر في الفترة المقبلة على تضييق الخناق على الراغبين في استمرار عجز المؤسسات ومخالفة القوانين. ويوم السبت الماضي، حصل اللقاء المرتقب بين العماد ميشال عون ونحاس في الرابية. أهم خلاصات الجلسة تأكيد عون أنّ التكتل ليس من يغرق في «الواقعية السياسية، وأنّ الحرب على الفساد مستمرة لتطهير الإدارة وإصلاح المؤسسات». حمل هذا اللقاء إيجابيات كثيرة، بحسب الحريصين على وجود الوزير «المشاكس» في تكتل التغيير والإصلاح، فدعم عون موقف نحاس بعدم توقيع مرسوم بدل النقل، وأشار إلى موافقته على ملفات أخرى، من المتوقع العمل عليها في الأسابيع المقبلة، وكلها تندرج في إطار احترام القانون ومصلحة المواطن والانسجام مع القناعات. وأول هذه الملفات سيظهر بدءاً من اليوم، في النقاشات التي ستُطرَح على طاولة مجلس الوزراء حول مشروع الموازنة.
وبينما حلّت «الأزمة» بين الوزير المشاكس والعماد عون، فتح في التيار الوطني الحر نقاش من نوع آخر. نقاش حول خلفيات وتداعيات ما جرى في جلسة مجلس الوزراء، التي صدر فيها قرار تصحيح الأجور. فبعض العونيين ليسوا مقتنعين بأن الحريّة أعطيت لوزراء التيار الوطني الحرّ في التصويت على مرسوم الأجور. فوزير الاتصالات نقولا الصحناوي، بحسب هؤلاء، قال العكس في زلّة لسان، حاول تصحيحها لاحقاً، وذلك عند معاتبته على ترك نحّاس وحيداً، إذ قال في لحظة دفاع عن نفسه: «كان عندي توجيهات».

هذه الوقائع فتحت أبواباً لنقاشات داخل التيّار الوطني الحرّ، حول صوابيّة الخيار الذي اتخذ بالتخلي عن نحّاس. والمعترضون يحمّلون وزير الطاقة جبران باسيل مسؤولية ما جرى. وبما أن المعني هو «جبران»، ليس العونيون المعترضون على أداء تكتلهم متأكدين من أن هذه النقاشات ستصل إلى مسامع الجنرال، لأن من يقولها بات على ثقة بأن الانتقاد أو الاعتراض أو التصحيح لأمر يقوم به باسيل، سيعني حكماً أن صورة صاحب هذا النقد ستُهشّم عند عون، لأن الجنرال، بحسب بعض مؤيديه، أفهم الجميع أن «من ينتقد جبران هو إما أنه يغار منه أو يحقد عليه». ويطالب المعترضون بإجراء نقاش صريح داخل التيّار حول أداء وزرائه.
ويسأل نواب ومسؤولون في التيّار عن سبب عدم دعوة وزير العمل شربل نحاس إلى العشاء الذي جرى في منزل باسيل، وحضره الرئيس نجيب ميقاتي ولاحقاً عون نفسه، عشية الجلسة الشهيرة لمجلس الوزراء. إذ تسود قناعة تفيد بأنه شهد تسوية بين الطرفين في موضوع الأجور، رغم نفي المعنيين به لذلك. ويُضيف هؤلاء إن مشاركة عون كانت لمباركة اتفاق باسيل ـــــ ميقاتي على قضايا عدة، بينها ملف الأجور. ويستغرب هؤلاء العونيّون أن يكون تغييب نحاس جاء بعد يوم واحد على فتح منبر الرابية له، لتأكيد الدعم السياسي من قبل عون لمشروعه. ويلفت أحد النواب إلى أن الحدّ الأدنى المقبول هو إبلاغ نحاس بفحوى هذه التسوية، ووضعه في صورة التوجيهات المعطاة لوزراء التيار الوطني الحر.
يقول المعترضون على ما يسمونه «تسوية باسيل ـــــ ميقاتي» إن أغلب جمهور التيّار هو من غير أصحاب رؤوس الأموال، ومن الذين كانوا ينتظرون زيادة على أجورهم «تختلف عن المكرمات التي كانت تقدمها حكومات الرئيس رفيق الحريري وخلفه الرئيس فؤاد السنيورة».
وينقل هؤلاء استياءً كبيراً من أداء الوزير فادي عبود، الذي «يخوض حروباً طويلة ضد نحاس لزيادة أرباح مصانعه». ويؤكّد هؤلاء أنه ليس صحيحاً أن جميع وزراء التيّار لا يؤيّدون نحاس، إذ يُشيرون إلى صحناوي ووزير الثقافة غابي ليّون، «لكن التوجيهات كانت واضحة في الجلسة السيئة الذكر».
الاعتراض على تسوية باسيل ـــــ ميقاتي، والتي لا يعتقد هؤلاء أنها ليست قابلة للحياة لمدّة طويلة، منبعه الأساسي «التخوّف من غلبة الجناح المقرب من أصحاب رؤوس الأموال على الخيارات السياسيّة للتيار الوطني الحرّ». ويُمكن المعترضين داخل التيّار تسميّة العديد من الشخصيات الماليّة والسياسيّة المستفيدة من هذه التسويات.
ويزيد هؤلاء المعترضون من كلامهم النقدي لعمل باسيل في الحكومة، فيسألون عن التأخير في حلّ مشكلة الكهرباء وهو ما يؤثّر سلباً على الحالة الشعبيّة للتيّار، وخصوصاً مع التردي الكبير في خدمات مؤسسة كهرباء لبنان.
المشكلة ليست هنا فقط، برأي المعترضين. إنها ليست فقط تحوّلاً وتخلياً عن شريحة من جمهور التيّار ومن جمهور آخر آمن بخطوات التيّار الإصلاحيّة. فـ«خطيئة» (كما يُنقل عن عون نفسه) ترك نحّاس وحيداً في مجلس الوزراء، أتت لتفقد التيّار الوطني الحرّ الأفضليّة التي تميّزه عن هذه الطبقة السياسيّة، والتي تجعله قادراً على اتهام الآخرين بسرقة المال العام، كما يفعل حالياً.
هي معركة مصالح وأفكار داخل التيّار الوطني الحرّ، يستخدم فيها من يُريد وضع التيّار في الموقع الطبيعي للقوى السياسيّة اللبنانيّة، أي أن يكون في خدمة أصحاب رؤوس الأموال كل الأسلحة المتوافرة لديه، فيما يسعى المعترضون على ذلك إلى مواجهته كما واجهوا الجيش السوري سابقاً، أي باللحم الحيّ.

السابق
مهاجمة ايران ستتم دون إذن من اميركا او بتحذيرها قبل 12 ساعة فقط ؟!
التالي
العريضي: القرار ليس بيد حزب الله