يقظة هناك وسكرة «سياسية» هنا

جاء في الأخبار:

«التيار السلفي في مصر يتبرأ من مدعي الانتساب له وكلامهم المشكوك في دوافعه لإنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث أعلنت الجبهة السلفية ورابطة النهضة والإصلاح براءتهم من صفحة في الفيسبوك تزعم تمثيلها لهم وتدعي انشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطالبت هذه الجمعيات بالتحقيق مع الجهة التي تقف وراء هذا النشر وتلك المزاعم» انتهى، هذا الخبر يكشف عن يقظة هذه الجمعيات لوجود من يريد اختطافها لتحقيق أغراضه الخاصة باستعمال نفس اللغة للتلبيس على الشارع المصري، والانحراف به عن المطلب العام للشعب المصري الى مطالب مشبوهة.
خبر آخر من سورية:

«اعتبر المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية علي صدر الدين البيانوني أن التدخل الأجنبي أصبح مسألة حتمية وقضية أخلاقية ازاء المسلسل اليومي الذي تمارسه السلطة ضد الشعب، يقابله فشل عربي في حقن الدماء التي يزهقها هذا النظام الفاجر» ويقول «لم نرغب يوما بالتدخل الأجنبي لولا أننا أجبرنا على ذلك، وليست للإسلاميين سيطرة على المجلس الوطني مثلما يشيع النظام للتغطية على أفعاله، ولا توجد هناك أي مطالبة بإقامة دولة دينية على نحو ما يزعم».

وتحت عنوان «المراقبون العرب ارتكبوا أخطاء في سورية»، تحدث الشيخ حمد بن جاسم من نيويورك: «هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها الجامعة بإرسال مراقبين وثمة بعض الأخطاء ونحن بحاجة الى مساعدة الأمم المتحدة في هذا المجال» انتهى.

الملاحظ في هذه التصريحات أنها تسابق الحدث لوضع النقاط على الحروف، وهي مسؤولية كبيرة يتحملها السياسيون الذين إذا تأخروا في التوضيح فسيتكلم غيرهم باسمهم، ثم تفرض المانشيتات عليهم مواقف وتصرفات لم يريدوا أن يفعلوها، ومن الجميل أن تأتي تلك اليقظة من جانب التيارات الإسلامية في دول ليست لديهم فيها خبرة طويلة بالعمل السياسي العلني ومن موقع يوشك فيه هذا التيار أن يتحمل مسؤوليات تنفيذية عامة، هذه اليقظة تبشر بالخير، في ضوء تجربة غير موفقة في الكويت تخلف فيها التيار الإسلامي في هذا المجال فصار رقما إضافيا في حسابات ناشطين آخرين يحددون له ما يقول ومتى يقول وحتى الصيغة التي عليه أن يتحدث بها.

نحن في الكويت أقدم في العمل الديموقراطي من تركيا التي هيمن عليها العسكر ردحا من الزمن حتى جاءت حقبة أوزال وما تلاها، وها هي اليوم تحلق في فضاء التنمية، نحن أيضا أقدم في الديموقراطية من مصر التي رزحت تحت حكم العسكر 60 عاما بائسة نسفت ديموقراطية الثلاثينيات والأربعينيات نسفا، ومع ذلك فإن ديموقراطيتنا التي عاشت 50 عاما لم تحقق لنا الاستقرار الاقتصادي ولا السياسي وفككتنا اجتماعيا الى شيع وأحزاب وقبائل، بل فضحتنا في سباق التنمية الخليجي الذي نتباهى عليه بها، بغير خجل، وكأنه ليست هناك أهداف للديموقراطية في وارد البناء والتقدم، وأن جمالها الكامل هو في المناكفة دون تحقيق شيء على أرض الواقع، فهي لم تمنع الفساد بل زادته ومنحته «أدوات» قانونية ودستورية يستعملها بمهارة مذهلة، وتركت الأجيال الجديدة في حيرة من أمرها وهي تعلم أن الثروة النفطية الحالية ناضبة وهي التي تغطي اليوم على جميع تلك الممارسات، ولكن، ماذا بعد النضوب؟  

السابق
غياب المؤرخين عن التاريخ الشفاهي
التالي
المجتمعات المفخخة… وخيارات الحروب الأهلية!!