البناء: دمشق تدخّل أميركي سافر في عمل الجامعة العربية هدفه التدويل

أخذ الملف المعيشي والاجتماعي الأولوية في الاتصالات والمشاورات خلال الساعات القليلة الماضية، بعد عودة ملف تصحيح الأجور إلى المربع الأول في ضوء رد مجلس شورى الدولة لقرار الحكومة الثالث حول الأجور، على الرغم من أن جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي عصر أمس لم تبحث في هذا الاستحقاق.

وبات من المرجح أن يبحث هذا الملف في جلسة الأربعاء المقبل، كونها ستعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وإفساحاً في المجال أمام بلورة توافق حكومي حول الآلية التي ستعتمد في تصحيح الأجور. وإن كان الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية التقيا في المواقف التي صدرت عنهما أمس، على إعادة الأخذ بالاتفاق الذي كان جرى التوصل إليه، بينهما في قصر بعبدا قبل أسبوعين، في موازاة تحفظ تكتل التغيير والإصلاح على هذا الاتفاق.
وفيما أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس، أن هناك استحقاقات مهمة تنتظر الحكومة رحلت من العام الماضي بينها تصحيح الأجور والموازنة والتعيينات والتنقيب عن النفط، أقرت جلسة مجلس الوزراء أمس المراسيم التطبيقية للنفط، ما يعني أن الأمور أصبحت سالكة أمام إمكان السير في عملية التنقيب خلال فترة قريبة.

حملة فريق 14 آذار والتناغم «الإسرائيلي»!
وفي موازاة ذلك، واصل فريق 14 آذار حملته الحاقدة ضد سورية، إذ بدا أن التعليمات شبه واحدة أعطيت لكل من رئيس «القوات» سمير جعجع وقادة العدو «الإسرائيلي» ووسائل إعلامية حيث ذهب جعجع في حديث له إلى الادعاء بأن «النظام في سورية سيسقط خلال العام الجاري» والأمر نفسه نقلته صحيفة «جيروزاليم بوست» الصهيونية عن مسؤول عسكري للعدو يزعم أن ما تسمى «المعارضة السورية ستنجح في الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد خلال الأشهر القليلة المقبلة».
وفي السياق ذاته، رفعت قوى 14 آذار من حملتها المنسقة خارجياً خصوصاً مع الأميركي ضد وزير الدفاع فايز غصن على خلفية ما كان أعلنه سابقاً، عن تسلل عناصر من تنظيم القاعدة إلى سورية من جهة حدود بلدة عرسال، ما يؤكد أن هذا الفريق ما زال يمارس التدخل السافر في الشؤون السورية من خلال تسهيل وتمويل المسلحين، وبالتالي يريد من هذه الحملة التغطية على استمرار عملية إدخال المسلحين إلى سورية ليس من البقاع فقط، إنما أيضاً من حدود منطقة وادي خالد ومحيطها.
مقتل 60 واعتقال 120 في وادي خالد
في سياق متصل، وفي معلومات مؤكدة توافرت لـ«البناء»، أن قوات الأمن السورية وبعد عملية رصد متواصلة تمكنت أخيراً في كمين نصبته على الحدود اللبنانية ـ السورية (شمال شرق وادي خالد) من الإيقاع بمجموعة متطرفة كانت تحاول التسلل إلى الأراضي السورية متجهة إلى حمص لمساندة المجموعات الإرهابية هناك، ما أدى إلى مقتل 60 شخصاً منهم واعتقال أكثر من مئة آخرين.
وفي الإطار نفسه، أكدت مصادر سياسية المعلومات التي كشف عنها غصن حول وجود عناصر من تنظيم القاعدة في لبنان، بالإضافة إلى مجموعات أخرى من تنظيمات سلفية وجماعة فتح الإسلام، وهذه المجموعة منتشرة في مناطق لبنانية عدة، وتحديداً في البقاع والشمال وبعض المخيمات.
وكشفت المصادر السياسية النقاب عن وجود مراكز تدريب لبعض هذه المجموعات في جرود بلدة عرسال في البقاع الشمالي، وهذا الأمر كان سبباً جوهرياً لخلاف بين أهالي البلدة وفريق يدعم ويحضن مثل هذه الحالات، في حين أن الأغلبية وبينهم رئيس البلدية ومخاتير البلدة يرفضون إدخال بلدتهم في بازار سياسي يمارسه «تيار المستقبل» الذي يدعم علناً مواقع التدريب هذه.
وتفيد المعلومات بأن «تيار المستقبل» في عرسال أبلغ يوم الجمعة الماضي بزيارة يقوم بها أحمد الحريري إلى عرسال لإعلان موقف سياسي من هناك، ونتيجة لذلك تجمّع ما بين 200 إلى 300 شخص من تيار «المستقبل» لاستقباله، ولكنهم انتظروا طويلاً ولم تحصل الزيارة واستعيض عنها بإعلان هذه المجموعة من الأنصار، بأنهم يرفضون زيارة وفد عرسال إلى كل من رئيس الحكومة وقائد الجيش، وأن الأمر لم يتم بالتشاور مع تيار «المستقبل» وهم يرفضون الموافقة على ما التزم به الوفد للرئيس ميقاتي وللعماد قهوجي، بحيث لاقت هذه المواقف استهجاناً واستنكاراً من قبل شريحة كبيرة من أهالي البلدة. وتؤكد المصادر السياسية أن الأجهزة الأمنية وخصوصاً في مديرية المخابرات والأمن العام على علم تام بمواقع التدريب في جرود عرسال وفي منطقة عكار، وهي تتعاطى مع هذا الملف بكل جدية انطلاقاً من مصلحة لبنان قبل أي مصلحة أخرى
وفي الشأن السوري، واصل المراقبون العرب مهامهم أمس في عدد من المدن والمناطق السورية، حيث زارت وفود من المراقبين عدداً من أحياء مدينة حمص من بينها السجن المركزي في المدينة للمرة الثانية، إضافة إلى حي بابا عمرو وجورة العرايس، كما زارت وفود أخرى منطقتي إدلب وحماه وريف دمشق وحلب وساحل داعل في درعا.
الجبالي ينفي ادعاءات فرنسية
أكد رئيس وفد المراقبين في إدلب عبد اللطيف الجبالي أن الوضع في بلدات زارها الوفد كان «عادياً جداً».
ولفت الجبالي في حديث إلى «الوطن» السورية إلى أن «الوفد قام بزيارة إلى مدينتي سلقين وحارم حيث خرجت في المدينتين تظاهرتان سلميتان شارك فيهما من 3 إلى 4 آلاف شخص»، مؤكداً أن الوفد «لم ير أي مظاهر عنف أو عسكرية أو مسلحة، وتحدث مع المواطنين الذين اشتكى بعضهم من المجموعات المسلحة والبعض من عمليات الخطف».
وعلق الجبالي على تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، قال فيها: إنه «من المهم إظهار الحقيقة وألا يتمكن النظام السوري من خداع المراقبين على الأرض» بالقول: «لم نلاحظ أي شيء من هذا النوع»، مضيفاً: «نحن نقوم بعملنا بتنسيق كلي مع السلطات السورية وكل شيء يجري في ظروف طيبة وفق البروتوكول».
تأجيل اجتماع اللجنة إلى الأحد
وأمس، أعلنت جامعة الدول العربية تأجيل عقد الاجتماع العاجل للجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية من السبت إلى يوم الأحد المقبل، وذلك بسبب الاحتفالات المصرية بأعياد المسيحيين التي تصادف يوم السبت.
وأكد نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي في تصريح، أن الاجتماع سيناقش التقرير الأولي التمهيدي لرئيس بعثة المراقبين العرب في سورية الفريق أول محمد أحمد الدابي حول أهم ما تم رصده على أرض الواقع بعد أكثر من أسبوع على المراقبة.
وأوضح أن الدابي يؤدي عمله بكل كفاءة ومسؤولية، وأن البعثة تعمل بروح الفريق الواحد، وأشار إلى أنه قد تكون هناك تقارير أخرى من المراقبين لأن اللجنة الوزارية ستتابع المهمة بشكل دائم.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «الراي» الكويتية عن مصادر مطلعة أن اللجنة الوزارية العربية بعد اجتماعها الأحد المقبل ستدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب.
…وعودة قطرية للتحريض
وعلم في هذا الصدد من مصادر دبلوماسية، أن وزير خارجية قطر حمد بن جاسم سيطلب من اللجنة الوزارية أن ترفع توصية إلى اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، في سبيل سحب المراقبين من سورية في سياق الموقف التآمري الذي تلعبه قطر، وفي محاولة مستمرة لرفع الوضع السوري إلى مجلس الأمن. وأفيد أن بن جاسم اجتمع مساء أمس في نيويورك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وأشارت صحيفة «الأندبندنت» البريطانية نقلاً عن مراسلتها في القدس المحتلة أن اجتماع مجلس الجامعة قد يتخذ قراراً بسحب المراقبين من سورية لكنها قالت «إن مثل هذه الخطوة ستشكل إحراجاً للجامعة العربية».

دمشق تأمل الحيادية من المراقبين
من جهته، أعرب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي أمس، عن أمله في أن تلتزم بعثة مراقبي الجامعة العربية المهنية والحياد في التعاطي مع الأحداث التي تمر بها سورية.
وقال مقدسي إن «كل ما تأمله سورية في هذه المرحلة (من بعثة المراقبين) المهنية والحيادية في التعاطي»، مؤكداً أن «الحكومة توفر ما يلزم لتسهيل مهمتها».
…وردّ على التدخل الأميركي السافر
كذلك رد مقدسي على التدخل الأميركي السافر في عمل الجامعة العربية وفريق المراقبين، وقال في بيان له أمس إن «التصريحات الأميركية بشأن بعثة المراقبين «تسيء للجامعة العربية لأنه تدخل سافر في صلب عملها وسيادة دولها ومحاولة لتدويل مفتعل غير مبرر ومفضوح».
كما أكد مقدسي أن "سورية ليست بوارد تقديم حساب لأميركا عن مدى الالتزام من عدمه ببروتوكول، اميركا ليست اصلاً طرفاً فيه، بل هي طرف في إذكاء العنف عبر التحريض والتجييش"، ورأى أن الموقف الأميركي «استباقي يضر بأداء بعثة المراقبين العرب قبل صدور تقريرهم الأولي».
تناغم «إسرائيلي» مع «14 آذار»
وفي سياق الحملة الغربية ـ «الإسرائيلية» المتناغمة مع فريق 14 آذار لوحظ ان مواقف لمسؤولين في جيش الاحتلال «الإسرائيلي» التقت مع مواقف سمير جعجع وما تسمى «أمانة 14 آذار» من الوضع في سورية والادعاء بأن «النظام سيسقط».
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الصهيونية عن مسؤول عسكري «إسرائيلي» رفيع، لم تسمه، أن «المعارضة السورية تتمتع بوضع مستقر وستنجح في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، خلال الأشهر القليلة المقبلة»، وهو ما كان أعلنه أيضاً وزير حرب العدو أيهود باراك أمام الكنيست الصهيوني.
بدورها، نقلت صحيفة «هآرتس» الصهيونية أيضاً عن مصادر في الجيش «الإسرائيلي» ترجيحها «أن يسقط النظام في سورية في غضون سنة». وأعربت المصادر عن قلقها من احتمال نقل كميات من الأسلحة الكيميائية التي تمللكها سورية إلى حزب الله»؟
تنبؤات جعجع!
وإذ حاول جعجع عدم ربط هذه المزاعم بالمباحثات التي أجراها مع المسؤولين السعوديين ادعى أنه «من الصعب بقاء النظام الى ما بعد 2012» رغم اعترافه بأنه «بحث الوضع السوري مع المسؤولين السعوديين».
كما حاول جعجع التغطية على وجود عناصر لـ«القاعدة» وتنظيمات متطرفة في لبنان موجهاً الاتهامات في هذا السياق إلى سورية ولم ينس جعجع اتهام الوزير غصن بأنه يعمل خدمة للنظام السوري».
بدورها، ما تسمى «أمانة 14 آذار» حملت على كلام الوزير غصن، وحاولت خلق مزاعم غير موجودة عن حوادث أمنية تقوم بها القوى الأمنية السورية على الحدود مع لبنان. كما أطلقت كعادتها الادعاءات حول ما يحصل في سورية، في محاولة مكشوفة لملاقاة المواقف «الإسرائيلية» والأميركية.
طهران تنتقد مواقف تركيا
إلى ذلك، دعا رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي تركيا إلى العدول عن مواقفها السابقة تجاه سورية.
وحول زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى طهران اعتبر بروجردي أنه «إذا عدّلت تركيا سياساتها السابقة تجاه سورية وقبلت الحقائق الموجودة في هذا البد، ستتوفر عندها الأرضية اللازمة للدبلوماسية المشتركة بين طهران وأنقرة حول الوضع في سورية». مبدياً انتقاده للمواقف التركية حيالها.
في هذا الوقت، ذكرت مصادر اعلامية تركية أن «القوات المسلحة التركية رصدت طائرة تجسسية من دون طيار تابعة للكيان الصهيوني في سماء محافظة «حاتاي» قرب الحدود مع سورية».
أما على الصعيد الأمني، فقد أمل الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهما نبرست من السلطات السورية التحرك لضمان الإفراج عن الخبراء الإيرانيين السبعة الذين جرى اختطافهم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة الشهر الماضي.
اعتداءات للمجموعات المسلحة
إلى ذلك، ذكرت قناة الإخبارية السورية أن مجموعات مسلحة قامت بإطلاق النار وقذائف الـ«آر بي جي» بشكل عشوائي على محتجين وقوات حفظ النظام في حي الخضر في حمص.
كما أشارت إلى أن الجهات المختصة قامت بتفكيك عبوة ناسفة بالقرب من جسر السلطانية غرب مدينة حمص.
وأكاذيب «الجزيرة»!
في المقابل، زعمت «قناة الجزيرة» في سياق بث الأكاذيب أن الأمن السوري قام باقتحام مدينة المسيفرة في درعا ونفذ حملة مداهمات، كما ادعت أن الأمن قام بإغلاق الطرق المؤدية إلى ساحة السبع بحرات في دمشق، وأن عشرة قتلى سقطوا أمس. بدورها زعمت قناة «أخبار المستقبل» أن الطيران الحربي السوري حلق بكثافة على علو منخفض فوق ريف دمشق.
ملف الأجور إلى المراوحة مجدداً!
بالعودة إلى الشأن الداخلي اللبناني، عاد ملف تصحيح الأجور إلى واجهة الاهتمامات بعد أن أصبح مثل قصة «إبريق الزيت» بعد رد قرار الحكومة للمرة الثالثة من جانب مجلس شورى الدولة، في وقت يبدو أن هناك تباينات حول الآلية التي سيعتمدها مجلس الوزراء في جلسة الأسبوع المقبل.
وقد أعلن وزير العمل شربل نحاس أن مشروعه المتعلق بتصحيح الأجور على السكة وسنطبقه وكل ما بني من العام 1995 لم يكن شرعياً، بينما رأى الوزير نقولا نحاس أن القرار الأخير للأجور ينطوي على العديد من المخالفات، معتبراً أنه «من الأفضل الرجوع إلى الاتفاق الموقّع بين أصحاب العمل والاتحاد العمالي العام».
ومن جهته، قال رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن إن الاتحاد سيسير بالاتفاق الموقّع مع الهيئات الاقتصادية.
جلسة مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء عقد جلسته الأسبوعية عصر أمس في السراي الحكومي برئاسة الرئيس ميقاتي الذي أكد في مستهلها أن «الحكومة لن تكون فاعلة إلا إذا كانت متعاونة ومتضامنة في ما بينها ومع السلطات الدستورية الأخرى»، مشيراً إلى أن «القضايا الداخلية لم تشغل الحكومة عن مواكبة مختلف المستجدات الإقليمية».
ونوّه ميقاتي بـ«التدابير والإجراءات الأمنية التي اتخذتها القوى الأمنية خلال الأعياد بتوجيه من الوزراء المختصين»، ولفت في هذا الإطار إلى أن «السنة الماضية رحلت معها الكثير من الاستحقاقات المهمة التي على الحكومة أن تواجهها هذا العام بإرادة مماثلة لتحقيق ما تصبو إليه من إنجازات على الصعد كافة منها الموازنة والتعيينات وتصحيح الأجور والتنقيب عن النفط».

وإثر الجلسة أعلن وزير الإعلام بالوكالة وائل أبو فاعور أن المجلس أقر مشروع مرسوم يتعلق بهيئة قطاع البترول والذي يتضمن النظام المالي والإداري وقطاع العمال كما اقترحته اللجنة المختصة، وأعلن أن الحكومة وافقت على 3 مشاريع قوانين ترمي إلى: «تعديل بعض أحكام قانون تنظيم قطاع الكهرباء، وتم تعديل بعض أحكام قانون الاتصالات، وتعديل بعض أحكام القانون 48 أي إدارة قطاع الطيران المدني، وفقاً للاقتراحات المقدمة من اللجنة الوزارية المكلفة.  

السابق
المعارضة السورية ولبنان
التالي
متضرري تموز ؟