اللواء : سليمان إتصل بالأسد مستنكراً ··· والحريري حذَّر الحكومة من زجِّ لبنان

 كتبت "اللواء" تقول ، لم يكن مفاجئاً للبنان أن يتم توريطه في الانفجارات التي استهدفت العاصمة السورية، أمس، في تطور بالغ الخطورة للأزمة السورية التي انفجرت منذ قرابة عشرة أشهر، رغم أنه أُخضع لتداعيات هذه الأزمة، وأُدخل في مدارها عن قصد، أو عن سوء تصرف من القوى السياسية المتحكمة بالبلد·
وإذا كانت دمشق، بلسان مصدر سوري رفيع المستوى، اعتبرت الانفجارين، الذي استهدف أحدهما أحد كبار ضباط المخابرات السورية وهو العميد علي المملوك ومساعده العميد حافظ مخلوف، واللذين نجوا لأنهما لم يكونا موجودين في المبنى المستهدف في حي كفرسوسة، والذي يعتبر حياً ديبلوماسياً وتجمعاً لمراكز المخابرات السورية، بمثابة إعلان حرب، وبالتالي فإن أسلحة هذه الحرب باتت كلها مشروعة، فإن اللافت للانتباه كان مسارعة الخارجية السورية الى التذكير بأن لبنان سبق أن حذّر دمشق من تسلل عناصر <القاعدة> قبل يومين من وقوع الانفجارين، معيدة الى الأذهان اتهامات وزير الدفاع اللبناني فايز غصن لهذا التنظيم بعمليات تهريب السلاح الى الداخل السوري عبر المعابر غير الشرعية في منطقة عرسال البقاعية، الأمر الذي أدى الى تخوف الأوساط السياسية والشعبية، من أن تكون هذه المنطقة مسرحاً لعمليات سورية عسكرية، في إطار ملاحقة ما وصفه المصدر السوري <بالعناصر الإرهابية>، بغرض تأديبها والانتقام للأرواح البريئة التي سقطت في العمليتين التفجيريتين·
وفي هذا الإطار أبدت أوساط أمنية لبنانية تحفظها على ما تردد أخيراً عن وجود عناصر من <القاعدة> في بلدة عرسال الحدودية، محذرة من أن إطلاق مثل هذه الشائعات من شأنه أن يفتح الأبواب أمام زج لبنان في تداعيات الأزمة السورية وتفاصيلها الأمنية، مع ما يترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني برمته·
وشددت هذه الأوساط على ضرورة اتخاذ القيادة السياسية القرارات اللازمة للحفاظ على الأمن والهدوء في المناطق الحدودية، سواء في البقاع أو في الشمال·
ومن جهته لم يستبعد الرئيس سعد الحريري أن يكون كلام وزير الدفاع بخصوص عرسال فاتورة من الحكومة للنظام السوري، لافتاً إلى أن هناك من يعمل في الحكومة على زج لبنان في مسار الإرهاب للتغطية على جرائم النظام السوري، علماً أن هذا النظام اختصاصي بتصدير الإرهاب، معتبراً أن كلام الخارجية السورية عن دخول عناصر من <القاعدة> إلى سوريا عبر لبنان <مردود إليها ومفبرك مع بعض أدواتها في لبنان>، متوقعاً أن يكون انفجارا دمشق من صنع النظام السوري، كما أعلن المجلس الوطني·
ولم يستبعد الحريري أيضاً أن تكون الانفجارات لاستهداف المراقبين العرب عند بدء مهمتهم في سوريا، واصفاً ذلك بأنه <احد أكبر الاحتمالات>، واضعاً المعلومة التي تمّ تداولها بأن يكون ضحايا التفجيرين الذين يتم عرض جثثهم هم من المعتقلين السوريين الذين تمّ نقلهم، برسم لجنة المراقبين العرب·
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد، مستنكراً <التفجير الارهابي الذي وقع في العاصمة السورية>، قد لاحظ <ان التفجيرين تزامنا مع وصول طلائع المراقبين إلى سوريا بهدف خربطة الحل العربي الذي تمّ الاتفاق عليه بين سوريا والجامعة العربية>، وهو ما لاحظه أيضاً رئيس تيّار <المردة> النائب سليمان فرنجية، فيما أكّد <حزب الله> انه من <اختصاص الولايات المتحدة أمّ الارهاب>، مشيراً إلى ان مثل هذه الجرائم الارهابية لن تفت في عضد القوى المقاومة والممانعة، ولن تعطي الاميركيين والصهاينة وحلفاءهم في المنطقة الفرصة لتمرير مخططاتهم الخبيثة على حساب حقوق الأمة>·
وسط هذه التطورات المقلقة، اعتبرت أوساط حكومية أن سفر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الخارج، بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء بمثابة اعتراض ضمني على ما جرى في الجلسة، والطريقة التي تمّ بها التصويت على قرار تصحيح الأجور، خاصة بالنسبة لوزير الداخلية مروان شربل الذي اكدت اوساطه أن موقفه كان منسقاً مع رئيس الجمهورية·
ولم تستبعد هذه الأوساط أن تشهد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء يوم الأربعاء المقبل بعض تداعيات الجلسة الأخيرة، اثر عودة الرئيس ميقاتي من سويسرا والمقررة مساء الاثنين المقبل، خصوصاً في حال أصدر مجلس شورى الدولة قراره في شأن القرار الحكومي الجديد، ولا سيما إذا كان سلبياً بمعنى سقوطه في مجلس الشورى، بحسب
ما ترجح بعض المصادر استناداً إلى حيثيات قانونية لم ترد لا في القرار الاول ولا الثاني، وهذا يعني ان على مجلس الوزراء ان يواجه مخاض القرار الثابت، من ضمن معطيات ستكون مختلفة بالكامل سياسياً واقتصادياً·
ويبدو، حسب هذه المعطيات، ان امتعاض ميقاتي لم تكن النتيجة المباشرة لنتيجة التصويت وطريقها والملابسات التي دعت اليها، ولا كذلك الاهتزاز الذي اصاب جسم الحكومة، اذ ان الهزة التي اصابت الحكومة لم تستقر عن انعدام الثقة بين اطرافها، بل أصابت ايضاً جسم التكتل العوني، في ضوء المواقف التي أعلنها وزير السياحة فادي عبود، الامر الذي دفع الاخير الى اصدار بيان توضيحي امس، اراد منه <اصلاح ذات البين> بينه وبين النائب ميشال عون الذي يبدو انه لام حليفه الوزير على تصريحاته، فأعلن امس، انه عبر عن رأيه بطريقة ديموقراطية، إلا ان <المصطادين في الماء العكر> بحسب تعبير عبود سارع الى توظيف هذا الموقف في غير محله لغايات سياسية معروفة، واستغلال هذا النقاش للتصويب على <تكتل التغيير والاصلاح> والايحاء بإنقسامات وخلافات، مشيرا إلى تجربة التكتل ستكون رافعة الامان ووسيلة لتحقيق الاصلاح الذي طالما حلمنا به·
وشدد البيان على ان علاقة عبود بالوزير شربل نحاس ستظل فوق كل الاعتبارات، وهي مبنية على الاحترام المتبادل والحوار والنقاش معه هو حوار غني، لافتا إلى ان عبود صوّت مع مشروع نحاس عن قناعة، وهو ما زال على موقفه بأن الطريقة الدستورية التي تمّ فيها تصحيح الخلل هي الطريقة الانسب، الا انه استدرك بأن هذا لا يمنع ان يبدي عبود اعتراضه على الارقام، وعلى اثر هذا القرار على الاقتصاد الوطني انطلاقاً من خبرته الطويلة في الشأن الاقتصادي·
وتزامن بيان عبود، مع اعلان رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن عقب اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد تعليق الاضراب الذي كان مقرراً تنفيذه الثلاثاء المقبل، في اشارة إلى موافقته على قرار مجلس الوزراء الأخير بتصحيح الأجور، فيما سجلت على محور الهيئات الاقتصادية حركة لرئيسها الوزير السابق عدنان القصار في اتجاه القيادات السياسية بدأها بزيارة النائب عون أبلغه خلالها موقف الهيئات الرافض للقرار شارحاً، حسب مصادر متابعة <خطورة التداعيات التي قد تترتب على الاقتصاد الوطني جراء القرار، مؤكداً تمسك الهيئات بموقفها عدم تطبيق هذه الزيادة ، فبادره عون بالإشارة إلى إمكان تقديم طعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة·
وقالت المصادر ان وإزاء هذا الموقف توجه القصار إلى قصر بعبدا وأبلغ الرئيس سليمان بمضمون لقائه وعون وعزم الهيئات على تقديم الطعن، علماً انه لم يشر إلى هذا المنحى بعد لقاء رئيس تكتل التغيير والاصلاح، حيث اكتفى بالتأكيد على الموقف المعارض للقرار الذي يلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الوطني، وجاء ليلقي اتفاقاً تاريخياً توصلنا إليه مع الاتحاد العمالي يحقق مصلحة طرفي الانتاج·
وعدا عن قضية الأجور، لم تسجل ساعات ما قبل عطلة الميلاد جديداً، باستثناء ترؤس الرئيس سليمان اجتماعاً للجنة التحضيرية لهيئة الحوار الوطني، تم خلاله جوجلة حصيلة الاجتماعات التي عقدتها الهيئة والمعطيات والوقائع الراهنة التي تستدعي اعادة اطلاقها وما يمكن ان تبحث فيه إلى جانب مواصلة البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان·
الا ان مصادر شبه رسمية، أوضحت ان هذا الاجتماع لا علاقة له بتوقيت انعقاد هيئة الحوار التي سبق للرئيس سليمان ان أبدى في غير مناسبة رغبته في انعقادها، مشيرة إلى ان اللجنة المذكورة تجتمع عادة في قصر بعبدا، مرة كل شهر، غير ان الرئيس سليمان أراد من خلال ترؤسه لها هذه المرة، التشديد على ضرورة الحوار، لا سيما في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة لتحصين الساحة الداخلية· 

السابق
الأنوار : الهيئات الاقتصادية تستعد للطعن بمرسوم الاجور
التالي
الشرق : الحريري: كلام دمشق مرفوض والحكومة تزج بلبنان في مسار الارهاب