انسحب الاميركيون ولم يتحرر العراق

واهم من يعتقد أن العراق مع انسحاب آخر جندي اميركي قبل يومين بات محرراً. العراق مازال مستعمرة اميركية، تعيث به فسادا وتخريبا، كما أدمته وقسمته الى ثلاثة اقاليم بعد احتلالها له عام 2003. فالقواعد الاميركية مازالت في العراق، المعلوم وجود أربع قواعد داخل الاراضي العراقية، كما يتواجد تحت اسم التدريب أعداد لا بأس بها من المؤسسات الامنية الاميركية وخاصة الـ CIA، كما ان العراق بات محمية إيرانية، حيث مازال حتى اللحظة هناك تقاسم وظيفي اميركي – ايراني بعيدا عن الخلافات المعلنة حول الملف النووي. والتركة الثقيلة، التي تركها الاميركيون في العراق، فوق طاقة العراق من حيث التمزيق الديمغرافي والجغرافي، وترسيخ التنافر الطائفي والمذهبي والاثني، وزرع ثقافة الفتنة في اوساط الشعب العراقي بين الشيعي والسني، وبين المسلم والمسيحي، وبينهم وبين الصابئة، وبين الكردي والعربي، وبين التركمان والكلدان والعرب وغيرها من مظاهر التخريب التي أصلت لها يد العبث الاميركية هناك، وانتقال مئات الآلاف من الايرانيين الى المدن العراقية تحت اسماء عائلات عراقية لاختلال التقسيم المذهبي، وايضا لابقائهم كحصان طروادة داخل العراق حتى لا تقوم لعروبته قائمة، وحجم الضحايا، الذي فاق عددهم المليون شهيد، إضافة لمئات آلاف الجرحى والمفقودين، وانتشار المافيات والمليشيات المذهبية، التي لاهم لها سوى القتل على الهوية او لمن لايخضع لامراء الحرب الذين دخلوا العراق على الدبابات الاميركية، وفرض الاتاوة على العراق من خلال إبقاء النفط تحت الهيمنة الاميركية دون غيرها. وفتح العراق للشركات الاميركية والاسرائيلية، حيث تشير بعض التقارير لوجود (55) شركة اسرائيلية تعمل في القطاعات المختلفة، لتعميق نهب العراق. ووجود حكومة متواطئة على وحدة وديمومة العراق، وتم تفصيلها على المقاس الاميركي – الايراني، لا هم لها سوى المشاركة في نهب الشعب العراقي وثرواته، ولعل الفضائح التي نشرتها وسائل الاعلام العراقية، تدلل على حجم الخلل البنيوي الفاضح لتلك الحكومة، حيث اشير لبعض نماذج الفساد، كتوقيع عقود بعشرات ومئات الملايين من الدولارات مع شركات وهمية، ليست موجودة …. إلخ كل هذه المظاهر وغيرها تتغلغل في الجسد العراقي، فنشرت الاوبئة والجراثيم وكل انواع البكتيريات السامة والمهددة لوحدة واستقلال العراق. وستحول لزمن غير قصير دون نهوض العراق من الخراب والتدمير الذي اصابه، وفتك ويفتك بمستقبله. غير ان ذلك لا يعني الاستسلام لواقع الحال البائس والدامي، بل على قوى التغيير الوطنية والقومية والديمقراطية واليسارية والليبرالية من مختلف مكونات الشعب العراقي ( عرب واكراد وتركمان وكلدان وغيرهم) العمل على الآتي: أولاً العمل على توحيد جهودها المشتركة على اساس برنامج سياسي، اجتماعي، اقتصادي ودستوري- حقوقي وثقافي – تربوي موحد، ركيزته الديمقراطية الحقيقية والمساواة بين المرأة والرجل، وتداول السلطة السلمي. واساسه إلغاء التقسيمات الطائفية والمذهبية والاثنية، والعمل على تغيير الدستور القائم وشطب والغاء كل المواد التي تتعارض مع وحدة وحرية واستقلال العراق، بحيث يشكل الناظم لكفاحها التحرري. ثانياً، خوض المعارك الديمقراطية السياسية والمطلبية ضد مؤسسة النظام القائم، وتعميق محاصرته، ثالثاً، الابتعاد التدريجي عن إيران، ووضع حد لتدخلاتها في الشؤون العراقية. رابعاً، الدفع بقوة لاغلاق القواعد الاميركية والناتوية، والغاء كافة الاتفاقيات السرية والعلنية المبرمة بين الحكومات العراقية السابقة والولايات المتحدة وايران وغيرها من الدول، تلك الاتفاقيات التي تمس استقلالية ووحدة اراضي العراق. خامساً، العمل على النهوض بالاقتصاد الوطني العراقي على اسس تنموية صحيحة. سادسا إقامة علاقات متكافئة مع دول المنطقة والعالم، والعودة القوية لحاضنة الجامعة العربية، وتكريس دوره القومي والاممي كلاعب رئيس في المنابر المختلفة. وسابعاً، استعادة كل الاثار والوثائق النادرة، المسروقة من قبل المحتلين الاميركيين او الايرانيين واتباعهم ، واعادة الاعتبار للمتاحف والثقافة العراقية العريقة والضاربة الجذور في القدم. ثامناً، إعادة التشكيل والاعتبار للمؤسسة الامنية العراقية على الاساس الوطني، ولخدمة الشعب وحماية العراق من الاعتداءات

العراق يحتاج الى عمل شاق ومضن من قبل القوى الحية والمعنية بالتغيير، القوى الديمقراطية واليسارية من مختلف الاتجاهات والمشارب. ولكن أولاً وقبل كل شيء على القوى العراقية ان تمد الجسور فيما بينها لايجاد القواسم المشتركة، وهي كبيرة لاسيما وان الحكومة القائمة المستبدة، تفتح الافق لبلورة جبهة وطنية متحدة لقيادة الكفاح الديمقراطي لتحرر العراق من دنس الاحتلالات واتباعهم. الكرة كانت وستبقى في مرمى القوى الثورية العراقية، المعنية باعلان الثورة على النظام الفاسد القائم ومن يدعمه، ثورة سلمية أسوة بالثورات العربية السلمية.

السابق
تهديدات بثينة النووية..ونهاية نظام الفضائح؟
التالي
التقوقع المسيحي يُطيح المناصفة